دعوا أولادكم يكسرون أي شيء إذا أردتم ان تصبحوا أهلاً ناجحين
يخشى الباحثون “ارتفاعاً في العصبية” وفي مشاكل الصحة العقلية الأخرى في المستقبل إذا لم يستطع الأولاد أن يشاركوا في ألعاب تتضمن بعض المجازفة وتتناسب مع أعمارهم.
فهذا هو الاتجاه الذي نسلكه. والأولاد في أيامنا هذه يمضون وقتاً أقل بمرتين من الوقت الذي اعتاد أهلهم تمضيته في اللعب في الخارج. يستخدم أقل من ربع الأولاد “زاوية الطبيعة” الخاصة بهم مقابل أكثر من نصف البالغين حين كانوا صغاراً.
أقل من 10% بقليل من الأولاد يلعبون بانتظام في اماكن غير مأهولة مقابل النصف في الجيل الذي سبق. ويعاني الأولاد أكثر من مشاكل على مستوى الصحة العقلية.
أما بالنسبة إلى الأشخاص المولودين بعد العام 1994(جيل التكنولوجيا) فإن مستويات القلق المفرط والاكتئاب لم تكن يوماً مرتفعة إلى هذا الحد. فقد ارتفع بشكل حاد عدد الذين يعالجون من مشاكل تطال الصحة العقلية من جيل التكنولوجيا، وذلك بحسب الاحصاءات المنشورة، علماً أنّ الأجيال السابقة عاشت حروباً عالمية.
لكن أولاد جيل اليوم ليسوا مجهّزين بما يكفي للمواجهة ما يجعلهم يعانون أكثر.
مما لا شك فيه أنّ ثمة ضغوط جديدة- كشبكات التواصل الاجتماعي ومشكلة الوباء العالمي الصغيرة. ومع ذلك: الحروب.
لكن ثمة علاج سهل. وكما يقول الدكتور ويليام بيردن وهو طبيب صحة عامة ومستشار طبي لدى مؤسسة Natural England: يمكن اعتبار الهواء الطلق خدمة استشارية خارجية كبيرة لم يتم استغلالها بشكل كامل.
لكن بعض الدول أكثر حكمة في هذا الموضوع. في الدول الاسكندنافية وفي بعض مناطق المانيا، يخرج الأولاد إلى الطبيعة غالباً ليتدبّروا أمورهم وحدهم.
ويُدرج الألمان “المجازفة” في أماكن اللعب كي يكبر الأولاد وهم يتمتعون بالكفاءة والقدرة في ما يتعلق بالمجازفة والمخاطرة وذلك على اثر دراسة هامة أظهرت أنّ “الأولاد الذين حسّنوا قدراتهم الحركية في أماكن اللعب في سن مبكرة هم أقل قابلية للتعرّض للحوادث مع تقدّمهم في السن”.
أولاد الفايكينغ (الاسكندنافيين) يركضون، يقفزون، يقعون ومن ثم ينهضون.
في كل يوم، تجدونهم يمضون ساعات في الطبيعة. ويكون الطقس بارداً ورطباً ومزعجاً أحياناً لكنهم يتدبرون أمورهم، فهم يتعلّمون في سن مبكرة جداً كيف يعتمدون على أنفسهم.
ويعتبر النرويجيون المرجع على صعيد العيش في الهواء الطلق، مع مفهوم العيش في الهواء الطلق السائد بينهم أو ما يُعرف بالفري-لوفتس-ليف friluftsliv. وهو تقليد متبع في النرويج سمح لهذا الشعب ولصحته العقلية بأن يتجاوزا الجائحة.
وفي آخر رحلة لي إلى هذا البلد، هالني أن أرى النرويجيين يمارسون تقليد العيش في الهواء الطلق في طقس بارد إلى حدّ أن رموشي غطاها الصقيع. وهذا ما اسميه الالتزام.
“أعتقد أنه يحق للأولاد أن يتعرّضوا للصقيع من حين إلى آخر وأن يعانوا من الجوع أحياناً، وأن يُخدشوا… وأن يسيل بعض الدم منهم أيضاً.” هذا ما صرّح به عالم الاجتماع النرويجي غونار بريفيك.
وهو يؤكد، حتى، أننا نكون قد “فشلنا كأهل” إذا ما بلغ أولادنا 18 سنة من دون أن يكسروا أيّ شيء. هل هي وجهة نظر مرعبة؟ نعم. ذكيّة؟ ممكن.
عندما أتأمل ابني البالغ من العمر سبع سنوات يتأرجح على الشجرة بيد واحدة، اقول لنفسي إنّه لم يتبقَ أمامي سوى تسع سنوات لأعيشها. فتمنوا لي الحظ السعيد.