الطريقة التي نتحدث بها مع أطفالنا ستصنع شخصيتهم ومستقبلهم لسنوات قادمة

0

شخصية الطفل:
أريده أن يمارس الجرأة قبل الراحة وألّا يتخذ القرارات التي تجعل أصدقاءه يعتقدون أنه رائع.

“مالك، أيمكن أن تنام من فضلك، لفد تخطيت موعد نومك كثيراً. كل أصدقائك نائمون. إن الأطفال الصغار لا يسهرون حتى هذا الوقت.”

“مالك، أيمكنك أرجوك أن تجلس وتأكل البروكلي. انظر إلى كريم. إنه يجلس في كرسيه ويأكل طعامه. أيمكنك أيضاً التصرف مثله؟”

لقد قلت هذه الكلمات مراراً وتكراراً عندما كنت أشعر بالإحباط من ابني.

في هذه اللحظات الصعبة عندما أكون مرهقة ومستنزفة، من البديهي جداً أن أقارن أفعال طفلي بما يفعله الأطفال الآخرين، وكنت أستعمل ذلك كتقنية لإرغامه على القبول. قد يكون السبب وراء فعلي هذا هو أنه غالباً ما ينفع في لحظتها.

ومع ذلك، ها هي المشكلة –إذا قمتُ بالتفكير بشكل أعمق بخيارات كلماتي، فسأدرك أنني بقولي هذا الكلام أنا أعلمه اتخاذ القرارات بناءً على ما يفعله الآخرون، وليس بناءً على ما يحتاجه هو أو ما يتماشى مع قيمه (قيمنا العائلية في هذه المرحلة من حياته) على الرغم من أن هذه ليست نيتي.

على سبيل المثال، إذا كان في سن السابعة ورفاقه في الصف يسخرون من معلمتهم، أنا لا أريده أن يفعل ذلك. أريده أن يملك القدرة على القول لأصدقائه إن هذا التصرف ليس لطيفاً –حتى لو كان فعل ذلك صعباً عليه أو غير مريح. أريده أن يتقبّل كونه مختلفاً. وأريده أن يشعر بالثقة الكافية لاستعمال راداره الخاص كي يرشده خلال حياته.

إذا بلغ سن السابعة عشر وأراد منه أصدقاؤه أن يقود السيارة بعد شرب الكحول أو المخدرات، آمل أن يرفض ويختار السلامة على أن يكون محبوباً من قبل أصدقائه ومندمجاً معهم. أعلم أنه قد يشرب الكحول أو المخدرات وهو قاصر، ولكني آمل أنه سيفهم العواقب، فيتراجع عن القيام بذلك بكل تأكيد.

إذا كان في عمر التاسعة عشر وكان مع مجموعة من شبان يتناقشون تجاربهم مع التحرش وربما استغلال النساء في حياتهم، أنا قطعاً أريده أن يقف بوجههم ويتصرّف إزاء ذلك.
premium freepik license

أريده أن يختار الأشخاص الذين يحيط نفسه بهم بحذر تام. أريده أن يمارس الجرأة قبل الراحة وألّا يتخذ القرارات التي تجعل أصدقاءه يعتقدون أنه رائع.

وهنا يكمن الجزء الصعب. إن رغبة الانسان في الاندماج مع مجموعته وأن يكون محبوبًا ويتفق معها هي رغبة أساسية عميقة. فمن الصعب وغير المريح أن ترفضوا وتواجهوا أصدقاءكم. أن تكونوا واضحين بشأن قيَمكم والعيش حسب هذه القيم يتطلب منكم وعياً وتدرّباً وجهداً يقظاً. فإذا أردتُ من ابني أن يفعل ذلك عندما يكبر، سأحتاج إلى أن أتوقف عن الطلب منه القيام بالأمور فقط لأن الآخرين يفعلون ذلك.

نعم، انا أحتاج أن أعلمه الأشياء كحقيقة أنه عليه تناول الخضار لأنها مفيدة لصحته وستجعله قوياً حتى يتسنى له الذهاب مع أمه للمشي مسافات طويلة ويجرّب ركوب الأمواج ومغامرات أخرى. أو أن عليه أن ينام في الوقت المناسب لكي يكون مرتاحاً بشكل كافً في المدرسة.

أحتاج إلى إجراء المزيد من المحادثات الواقعية والهادفة والمناسبة لعمره حول هذه المشاعر. أحتاج أن أعطيه الإذن ليرفض ويشكك في الوضع الراهن ويفكر عن نفسه بما يتعلّق بملايين الخيارات والقرارات التي نتخذها كل يوم. هذا يعني أنني أحتاج أن أكون أكثر إبداعاً وصبراً وتعاطفاً عندما أقوم بتهذيبه ووضع حدود لعائلتنا بدلاً من مطالبته ببساطة بالسير على خطى أصدقائه.

والأهم من ذلك هو أنه يعني أيضًا أنني بحاجة إلى أن أكون أكثر وعياً حول السبب وراء رغبتي في الترقية التالية في العمل وفي شراء أحدث سروال رياضي.

أهو بسبب أن الجميع حولي يريدونني أن أترقّى في الشركة أو أنه فقط يتناسب مع ما أريده في حياتي؟ هل أذهب إلى التسوق لأن الجميع في صف الرياضة يرتدون سراويل جميلة أو لأني أحب ارتداء ثياب جميلة للتمرين كي أرضي نفسي فقط؟ الأمر صعب. أشعر أحيانًا بأنني عرضة للضغط من قبل الآخرين تماماً كما حال هؤلاء الأطفال الأبرياء من حولي.

أحتاج إلى أن أجري في الكثير من الأحيان هذه المحادثات الصعبة مع نفسي وطفلي الذي يكاد يدخل عامه الرابع. وعلى الرغم من أنه قد يبدو صغيراً جداً، فالحقيقة هي أنه يلاحظ كل شيء! إنه دائماً يتعلم ويشاهد وأنا أعلم أنني بحاجة إلى أن أكون قدوة له حيث يراني أتخذ خيارات حسنة وأشرح له سبب قيامنا باتخاذ خياراتنا.

أحتاج أن أشاركه قصصي عن الشجاعة وأيضاً قصصي عندما لم أتحلّ بالجرأة لقول الحقيقة. أحتاج أن أطرح عليه الأسئلة وأن أفسح المجال لإجاباته. وعلى الرغم من أنه قد لا يفهم كل ذلك حالياً، إلا أنني سأقوم بتطوير تلك المهارة شيئًا فشيئًا وآمل أن أعطيه الإذن بالعثور على حقائقه الخاصة في الحياة.

اترك رد