لماذا لا يفيد الصراخ والضرب:
عندما يتصرف الطفل بشكل سيء. في الأغلب، نحن نصرخ ونضرب أطفالنا، خصوصاً عندما نكون متعبين أو شاردي الذهن، أو عندما يتملكنا الشعور بالعجز إزاء عدم طاعتهم لنا. الصراخ والضرب هما ردا فعل طبيعيان، ولكنهما غير مجديين لمواجهة التجاوزات السلوكية خصوصاً عندما تتكرر.
أشكال العقاب القاسية
أشكال العقاب القاسية تؤدي في الغالب إلى حدوث المشكلات أكثر مما تؤدي إلى حلّها. أولاً، لأن الصراخ والضرب يعبران عن اهتمام سلبي بالطفل من قبل الأهل. وإذا كان هذا الشكل من الاهتمام هو الوحيد الذي يتلقونه، فإنهم سيتصرفون بشكل سيء لا لشيء إلا للحصول على اهتمامكم. كما لا يعرف الأهل في معظم الوقت ما إذا كان الضرب يحقق الهدف المرجو، وذلك لأنهم لا يلاحظون نتائجه على سلوك الطفل على المدى البعيد.
إن العقاب لا يؤدي إلا إلى جعل السلوك غير الجيد يستتر. أي أن الطفل يمتنع عن التصرف بشكل سيء أمام أهله ولكنه لا يرتدع عن هذا التصرف فعلياً. عندئذ يحرص الأطفال على عدم تمكين الأهل من اكتشافهم متلبسين بالتصرف السيء. وبعض الأهل يصلون حتى إلى القول: «لا تجعلني أراك مرة ثانية تقوم بهذا العمل!».
ولكن تراتبية النمو الأخلاقي (كما حددها لورنس كوهلبيرغ) تشتمل على المستوى الأدنى الذي تكون فيه «إطاعة القواعد بهدف وحيد هو تجنب العقاب»، وعلى المستوى الأعلى الذي تكون فيه «إطاعة القواعد لأنها صحيحة وجيّدة». عندما نضرب أطفالنا بانتظام لأنهم يتصرفون بشكل سيء، فإننا نمنعهم من تجاوز المستوى الأدنى للنمو الأخلاقي، لأنهم سيعملون عندئذٍ على تجنب العقاب لا على فعل ما هو صحيح وجيد.
كما يشكل الضرب أيضاً نموذجاً لتجارب الطفل الأولى مع العنف. فالأطفال يتعلمون كيف يمارسون العنف بسبب المثال الذي يأخذونه عن الكبار. وإنه لمن الصعوبة بمكان أن نقنع غيرنا بالشعار القائل «لا ضرب!» عندما نكون نحن ذاتنا من الذين يضربون أطفالهم لأتفه سبب. يمتلك الطفل رؤية واقعية للعالم، وهو عندما يلاحظ أن للراشد الحق في أن يرفع يده عليه، يعتقد أن من حقه هو أيضاً أن يضرب أقرانه أو حتى الأشخاص الكبار. إن الضرب يولد الضرب والغضب والرغبة في الثأر، كما يولد القطيعة في التواصل بين الأهل وأطفالهم.