أحلام الأطفال : الأولاد مصنوعون من أحلام؛ ولهذا، يجب الاعتناء بهم. إذا أصرينا على أن نحدد لهم عدداً لا يُحصى من الأهداف التي ينبغي أن يحققوها ومن المهارات التي ينبغي أن يبرعوا فيها، فكلما مرّت الأيام، كلما قلّمنا أجنحتهم، هذه الأجنحة التي يمكنهم بفضلها أن يحققوا أحلامهم الخاصة في الغد. إذا فرضنا عليهم واجبات الراشدين في حين أنهم ليسوا سوى أطفال، فسنحطم أجنحة طائراتهم الورقيّة التي سنسقطها أرضاً ونسرق منهم طفولتهم.
التربية التي تحترم وتيرة الطفل وأحلامه
في موازاة التسريع لعملية التعلّم واكتساب المهارات، تتطوّر مقاربات أخرى بدأت اليوم تفرض نفسها أكثر من ذي قبل، “التربية القائمة على الاحترام” أو “الأبوة والأمومة البطيئة”. في الواقع، قبل اختيار مقاربة التسريع، من الأفضل أن تحاولوا تطبيق هذه النماذج التربوية التي تدعو على سبيل المثال إلى عدم إجبار الأولاد ما بين 3 و5 سنوات على القراءة أو على تعلّم أشياء لا يظهرون أيّ اهتمام بها.
“واجبنا الأهم تجاه أولادنا هو أن نمنحهم شعاع نور ومن ثم نكمل طريقنا”. (ماريا مونتسوري)
يُشكّل الفضول المحفّز الأول لدماغ الطفل؛ ولهذا، يُفضّل أن يسهّل الأهل والمربّون التعلّم بدلاً من أن يلعبوا دور عوامل ضغط. لنر الآن بشكل مفصّل هذه المقاربات التربويّة المثيرة للاهتمام التي تحترم الدورات الطبيعية للطفل وحاجاته.
الأبوة والأمومة البطيئة
“الأبوة والأمومة البطيئة” أو التربية البطيئة هي الانعكاس الصادق والأمين لهذا التيار الاجتماعي والفلسفي الذي يدعونا لأن نذهب أبعد، لأن نعي أكثر كل ما يحيط بنا. ولهذا نشجّع على اعتماد نموذج أكثر بساطة وبطءٍ في التربية، يهدف إلى احترام وتيرة الطفل في كل مرحلة من مراحل تطوّره ونموه.
تقوم التربية البطيئة على الركائز الأساسية التالية:
- الحاجة الأساسية للطفل هي أن يلعب وأن يستكشف العالم.
- نحن لسنا “أصدقاء” أولادنا بل نحن أهلهم ومن واجبنا أن نحبهم ونرشدهم وأن نكون المثل الأعلى لهم وأن نسهّل نضجهم من دون أن نعرّضهم للضغط.
- لا تنسوا أبداً أنّ “الكمال هو عدو الخير” (بمعنى أننا نخسر أحياناً ما هو جيد لدينا في سعينا وراء الكمال) وأنّ الابداع هو سلاح الأطفال؛ فالقلم والورقة والحقل أقوى من الهاتف أو الحاسوب.
- خصصوا وقتاً لأولادكم في أماكن هادئة.
التربية القائمة على الاحترام
نحن واثقون من أنكم سمعتم بهذه المقاربة من قبل. على الرغم من أنّ أكثر ما نعرفه عنها هو اللجوء إلى الدعم الايجابي بعيداً عن التأنيب أو القصاص التقليدي، إلا أنّ هذا الاسلوب في التربية يقترح أبعاداً أخرى عديدة من المهم أن نتأمل فيها:
- يجب أن نربي من دون أن نصرخ.
- إنّ استخدام المكافأة لا يفي بغرضه دوماً: نحن نخاطر بأن يعتاد أولادنا على تلقي المكافآت من دون أن يفهموا الفائدة الأساسية والجوهرية للجهد والنجاح الشخصي.
- أن نقول “لا” وأن نضع حدوداً لن يسببا لهم أيّ صدمة بل هي ممارسة تربوية ضرورية.
- تدعو هذه المقاربة إلى التواصل والإصغاء والصبر: فالطفل الذي يشعر بأنه محبوب وذو قيمة، سيعلم أنه حرّ في السعي لتحقيق أحلامه وفي تشكيل نضجه على هواه.
لنحترم الطفولة، لنحترم هذه المرحلة التي تترسّخ فيها جذور آمالهم وتتشكّل أجنحة تطلعاتهم.