لا تدعوا المجتمع يؤثر سلباً في تربية أطفالكم الصبيان..(الأسباب والحلول)
المجتمع والصبيان:
إنّ المجتمع أو معظم المجتمعات البشرية على مرّ العصور أبوية النظام أيّ أن الرجال يتولون الحكم وهم أصحاب الأملاك كما يتحملون مسؤولية إعالة النساء والأطفال. وتدعم العديد من الديانات مفهوم أن الرجال أكثر قدرة فطرياً على تحمّل المسؤولية كما يمكن الاعتماد عليهم في حين أن النساء يأتين في المرتبة الثانية، فيعتنين بالمنزل ويربين الأطفال. في الماضي السحيق، كان بقاء العائلة والمجتمع يعتمد على قوة الرجال وعلى قدرتهم على الصيد وعلى الزراعة وعلى تأمين المأوى وتحقيق الأمان للذين يتولون مسؤولية رعايتهم.
قليلة هي العائلات التي تعتمد في أيامنا هذه على صيد الوالد إلا أنّ بعض هذه المعتقدات القديمة لا تزال قائمة ومن بين أكثرها ترسخاً مفاهيمنا عن الرجال والنساء والصبيان والفتيات وما ينبغي أن يشعروا به (أو لا يشعروا به).
هدف الانفعالات
لعلكم تذكرون برنامج حرب الفضاء هذا البرنامج التلفزيوني الكلاسيكي الذي اشتهر في الستينيات. تنتمي إحدى أبرز شخصيات هذا البرنامج أيّ السيد سبوك، إلى عرق لا يشعر بأيّ انفعالات. يعتمد السيد سبوك على المنطق الصرف فقراراته تنبع من العقل وليس من العواطف التي تتسم بالفوضى والتي لا يمكن الاعتماد عليها. يتوق الكثير من الراشدين إلى حياة مماثلة بعيدة عن الفوضى إلا أن المشاعر والانفعالات حيوية لوجود الإنسان كما أن إدارتها بشكل حسن هو جزء هام من التمتع بالصحة والسعادة.
اعتقد الباحثون لبعض الوقت أن الانفعال (وليس المنطق) هو القوة المحركة في دماغ الانسان. وتظهر دراسات أجريت مؤخراً أن الانفعال قد يكون في الواقع الرابط الذي يصل وظائف الدماغ المختلفة ببعضها البعض ويساعدها على أن تعمل معاً. بمعنى آخر، يشكّل الانفعال جزءاً لا يتجزأ من أقسام الدماغ المختلفة.
معلومة ضرورية
الانفعالات هي البيانات التي نحتاجها لنتخذ القرارات ونبقى في أمان. عندما تشعر بالوحدة، تحتاج إلى الصحبة. وعندما تشعر بالخوف، تحتاج إلى حماية نفسك. إذا كنت تدرك انفعالاتك وإذا تعلمت أن تنتبه لها فستعرف دوماً ما تحتاجه كي تعيش حياة سليمة وصحية.
يقول بعض الباحثين إن الانفعال يربط العمليات الفيزيولوجية والإدراكية والحسية والاجتماعية معاً ما يسمح لأجسادنا وأفكارنا وحواسنا بأن تعمل معاً. وبدلاً من أن تكون عواطف تتسم بالفوضى وتعقد حياتنا (يُفضّل أن نحتفظ بها لأنفسنا أو بعيداً عن الآخرين) قد تكون الانفعالات مسؤولة في الواقع عن التكامل العصبي وعن إبقائنا سليمي العقل وفي صحة جيدة فضلاً عن تمكيننا من العمل بشكل فاعل. يظهر أن الانفعال هو القوة الرابطة التي تسمح لأجزاء الدماغ المختلفة بأن تتحدث إلى بعضها البعض.
إذن، يبدو مأساوياً أن تعمل ثقافتنا على ثني الصبيان عن فهم مشاعرهم وانفعالاتهم والإحساس بها. لاحظ العديد من الكتّاب والباحثين ومن بينهم مايكل تومسون ودان كيندلون وتيرانس ريل وويليام بولاك ومايكل غوريان، الأزمة الصامتة التي تحصل عندما يفقد الصبيان القدرة على التواصل مع مشاعرهم. إن الصبيان عرضة للإصابة بالاكتئاب وللانتحار وللمشاكل الأكاديمية والإدمان على الكحول والمخدرات أكثر من الفتيات ليس لأنهم يفتقرون إلى القدرة على تحديد مشاعرهم بدقة والتعلّم منها وحسب بل لأنهم غالباً ما يكبحونها ويسكتونها. إذا ما أوجدت الطبيعة المشاعر لدى ابنك كي يبقى بصحة جيدة فكيف يمكنك أن تعلِّميه أن يفهم مشاعره وأن يديرها بشكل فاعل وأن يراعي مشاعر الآخرين ويتصرّف بمرونة في عالم لا يجعل رحلة الصبي العاطفية سهلة؟