يكرهون أطفالكم:
لا يسمح الوالدان اللذان يتبعان قيماً تربوية صالحة بأن يصبح أطفالهما عرضة للكراهية من قبل الآخرين.
رأيت مؤخراً فتاة صغيرة تبلغ من العمر 4 سنوات تتبع والديها ببطء داخل محطة قطار مزدحمة وهي تصرخ كل 6 ثوان- والأهم من ذلك هو أنها تقوم بذلك عمداً.
هي لم تكن تصرخ لأنها تستشيط غضباً. صدقوني أنا أم وأعرف الشعور بالغضب حق المعرفة. كان هدفها ببساطة هو إزعاج والديها وجذب انتباه الآخرين.
ربما كانت بحاجة لشيء ما. ولكن ما فعلته لم يكن الوسيلة الصحيحة لتحقيق مبتغاها ومن المفترض بأهلها إخبارها بذلك. قد تظنون: “لا بد أنهم متعبون ويشعرون بالنعاس الشديد بعد رحلتهم الطويلة.”
ولكن تخصيص 20 ثانية من وقتهم لحل المشكلة كان كفيلاً بتجنب حصول هذا الموقف المحرج.
لا يسمح الوالدان اللذان يتبعان قيماً تربوية صالحة بأن يصبح أطفالهما عرضة للكراهية من قبل الآخرين.
رأيت أيضاً والدين يعجزان عن رفض أي طلب لابنهما الذي يبلغ من العمر 3 سنوات. ولهذا السبب، أخذا يتبعانه أينما ذهب طوال فترة زيارتهما التي كان من المفترض أن تكون ممتعة.
كلما غابت أعينهم عنه، راح يتصرف بأسوا الطرق مما دفعهما إلى مراقبته كل ثانية. نتج عن رغبة الوالدين بالسماح لولدهم أن يتصرف بكل حرية واتباعه أينما ذهب أثر عكسي: لقد سلباه استقلاليته.
بما أنهم لم يعلّموه معنى كلمة “كلا”، كبر الطفل وهو يجهل ماهية حدود السلوك العقلاني السليم وبالتالي هو لا يعرف معنى الاستقلالية الذاتية.
هذا مثال كلاسيكي يثبت أن الكثير من الفوضى يؤدي إلى الكثير من النظام (والعكس صحيح). رأيت أيضاً أهلاً لا يستطيعون التحدث بشكل سليم مع الآخرين على مائدة الطعام لأن أطفالهم البالغين من العمر 6 و7 سنوات يسرقون الأضواء من الجميع ويأكلون كل أرغفة الخبز من منتصفها ويضطهدون الحضور بينما يشاهدهم الأهل بكل إحراج وعجز.
عندما كانت ابنتي البالغة الآن لا تزال طفلة، قام طفل آخر بضربها على رأسها باستخدام مكعب معدني.
بعد سنة، رأيت هذا الطفل يدفع أخته الصغيرة على لوح اسمنتي.
امسكت الأم طفلتها قبل فوات الأوان ونبّهت طفلها بألا يقوم بذلك مجدداً بنبرة طبيعية وكأنها توافق على سلوكه ذلك. لقد ربّت هذه الأم إلهاً صغيراً وسيّد منزل يفعل ما يحلو له.
هذا ما ترغب به معظم النساء، حتى اللواتي يعتبرن أنفسهن مناضلات في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين. هن يرفضن أي طلب صادر من رجل بالغ ولكنهن ينفذن أوامر أطفالهن ويحضرن لهم الشطائر بكل رحابة صدر ليتناولوها بينما هم يلعبون ألعاب الفيديو.
سيكون لدى زوجات هؤلاء الشبان أسباب عديدة تدفعهن ليكرهن حماتهن. ماذا عن ضرورة احترام المرأة؟ إنها واجبة على الشبان والرجال الآخرين- وليست واحدة من واجبات أبنائهن الصغار اللطفاء.
يمكن أن يكون الإهمال والإساءة إلى الأطفال ذوي الأهل الفقراء أو الأطفال الذين يفتقرون تماماً إلى السلوك الحسن، متعمداً ومقصوداً.
ولكن في كثير من الأحيان، يخاف الأهالي المعاصرون من ألا يحبهم أطفالهم إذا قاموا بمعاقبتهم. هم يرغبون بكسب صداقة أطفالهم لدرجة تجعلهم يخسرون احترامهم.
هذا ليس أمراً جيداً. يمكن للطفل أن يمتلك العديد من الأصدقاء إلأ أنه لا يمتلك سوى والدين اثنين وهما أكثر من مجرد صديقين.
لذلك، يجب على كل والد أن يتعلم كيفية التعامل مع غضب ولده وكراهيته تجاهه عندما يقوم بمعاقبته لأن للعقاب آثار إيجابية على المدى الطويل يعجز الطفل عن إدراكها.
الآباء هم قضاة اجتماعيون.
يجب عليهم أن يعلّموا أطفالهم كيفية التصرف ليبنوا علاقات قيّمة ومثمرة مع الآخرين.
لا زلت أتذكر اليوم الذي اصطحبت فيه ابنتي البالغة من العمر 3 سنوات إلى الحديقة. كانت متعلقة بقضيب حديدي عندما بدأ طفل آخر من عمرها بالمشي على القضيب ذاته.
رحت أراقبه حتى التقت أبصارنا. بكل بطء وتركيز، راح يمشي على يديها بقوة متزايدة دون أن يرفع عينيه عني.
كان على دراية تامة بما يقوم به.لقد استطاع هذا الطفل، بطريقة ما، أن يكتشف أننا من طبقات إجتماعية مختلفة وأنه يمكن لوالديه أن يدمراني.
يرسم هذان الوالدان لطفلهما مصيراً مأساوياً جداً. شعر هذا الطفل بالدهشة الكبيرة عندما أمسكته ورميته على الأرض.
للأسف، لم أقم بذلك فعلاً. بل أخذت ابنتي إلى مكان آخر لتلعب بعيداً عنه. ولكن لكان من الأفضل له لو رميته فعلاً.