نظافة المراهقين:
يمكن للحديث عن النظافة مع المراهق أن يكون حساساً. فالمراهقة كما نعلم ليست المرحلة الأسهل في الحياة، وكل واحد منا واجه أو يواجه كما يتسنى له التغييرات التي تُحدثها. فالأمر كله يتعلّق بالتغييرات في هذه المرحلة.
إنّ التغييرات التي يحدثها سن البلوغ، والتي يمكن أن تبدأ اعتباراً من عمر 12 سنة أو أن تبقى كامنة حتى عمر 17 سنة، هي تغيّرات جسديّة وظاهرة للعين مباشرة بقدر ما هي صامتة وخفيّة كالتغيّرات في الهرمونات التي يمكن أن تكون شديدة نسبياً والتي يضطر المراهقون لمواجهتها من دون أن يكون لديهم أدنى فكرة عما يحصل لهم.
وغالباً ما يبدأ إدراك الحياة الجنسيّة ويظهر شعر الجسم بشكل سريع ما يسبب للمراهق الكثير من الارباك والتشوّش.
ما هي الأسباب الكامنة؟
الحيرة والشعور بالغرابة أمام جسد لا يفهمونه ولا يتحكمون به هما ما يدفع بعض الشبان والشابات لإهمال “عادات” النظافة القديمة والتخلي عنها.
فالاعتناء بالذات والاستحمام يعنيان نزع الملابس. وعلى الرغم من أنّ هذا قد يبدو بديهياً إلا أنّ مواجهة الجسد ليست حكماً مسألة طبيعيّة بالنسبة إلى المراهق.
قد يبدو نسيان هذا الجسد بديلاً مريحاً أكثر في بعض الأحيان، لاسيما وأنّ التعب الناجم عن النمو لا يسهّل الجهود التي ينبغي بذلها للاهتمام بالنظافة والترتيب والنظام.
ما المقاربة التي ينبغي اعتمادها للحديث عن النظافة مع ولدي المراهق؟
في هذه المرحلة المحوريّة حيث الهوية والاستقلالية والاندماج الاجتماعي في أوج تبلورها، يكون المراهق حساساً جداً وسريع العطب. يمكن لنضجه أن يمرّ بمراحل فوضويّة تترجم أحياناً بحساسيّة مفرطة أو حتى بسلوك تمرديّ حقيقي.
يمكن للمراهق أن يعتبر النصائح تطفّلاً على حياته أو بمثابة اتهام له. لكن، حتى لو تطوّر الجسم ونما فالأجدى اعتماد القواعد الأساسيّة للنظافة التي كانت متبعة في الطفولة وليس التخليّ عنها.
حافظوا على لطفكم وعطفكم واشرحوا له ما يحصل لجسده وبددوا ارتباكه وتشوّشه فهذه هي العناصر الأساسيّة التي تسمح بإخضاع جسمه كشخص راشد. سيسمح هذا بوضع الأسس لرؤيا جديدة حول الأفعال التي ينبغي اعتمادها وباستعادة الشعور بالثقة بالنفس وبالسيطرة على الواقع.
ما هي الحلول التي يجب أن اقترحها على ولدي المراهق على صعيد النظافة؟
الشعر الدهني، أو رائحة الجسد، أو حب الشباب أو رائحة الفم الكريهة: ثمة قاسم مشترك بين هذه المشاكل الكبرى وهو نمو الجراثيم. وتسمح مكافحة هذه الظاهرة لولدك المراهق بأن يفهم ما يحدث لجسده وبأن يتحكّم بالتالي بنتائج هذه التغييرات.
إذن، التعرّق الذي يمكن أن يصبح أشدّ في فترة المراهقة تحت تأثير الهرمونات، ليس مصدر الرائحة في حدّ ذاته بل هي الجراثيم التي تنمو على سطح الجلد والتي تنتشر على ملابسنا فتتسبب أحياناً بانبعاثات كريهة الرائحة. ولتجنّب هذه الحالة، لا بد من الاستحمام بانتظام ومن تبديل الملابس يومياً. كما يُنصح باستخدام مزيل العرق لتجنّب الأوضاع المحرجة، دعوا المراهق يستخدم مزيل العرق الخاص بكم ليكوّن فكرة…
إنّ النظافة على مستوى الفم والأسنان ضروريّة أيضاً للحفاظ على ابتسامة جميلة وعلى أنفاس عطرة. فالتسوّس يتلف الأسنان ويساهم في ظهور الروائح الكريهة.
ويجب اعتماد عادات جماليّة يوميّة لمواجهة ظهور حبّ الشباب، كإزالة الماكياج قبل النوم وغسل اليدين بانتظام واتباع نظام غذائي صحيّ بدلاً من تناول السكريات. لا بد لولدكم المراهق من أن يكتسب هذه العادات بحيث تصبح تلقائيّة لديه: فهي مهمة بقدر المنتجات والأدوات الجيدة المناسبة.
يستعيد المراهق بهذه الطريقة تواصله مع ذاته ويضع الأسس لنمو جيّد. ولا تقلقوا، لأن فترة التراخي والاهمال هذه مؤقتة، فما إن يشعر المراهق بالحاجة لأن يبدو جذاباً، لا بل ساحراً، حتى يجد الطاقة اللازمة ليستعيد العادات الجيّدة.
متى نستشير اخصائياً؟
إذا استمرت مرحلة النمو هذه، فابقوا يقظين. إنّ علاقة المراهق بجسده معقّدة عادة لكن إذا ترافقت هذه اللامبالاة بالنظافة مع انطواء على الذات، وعدم اهتمام شخصيّ واجتماعي، فهذا دليل حقيقي على وجود مشكلة أعمق جسديّة أو نفسيّة.
وسواء تعلّق الأمر بمعالجة تسوّس على مستوى الأسنان أو ألم على نطاق أوسع، لا بد من استشارة اخصائي في أسرع وقت ممكن وبدء المتابعة المناسبة. ففضلاً عن دعمكم اليوميّ كأهل، سيقدّم الاخصائي خبرته وتجربته ليساعد المراهق على بدء هذه المرحلة الجديدة من حياته في أفضل ظروف ممكنة.
وأنتم، كيف حدّثتم ولدكم المراهق عن النظافة. لا تترددوا في تقديم شهاداتكم في التعليقات