إلى الأم التي تفتخر بأنها قادرة على “السيطرة” على أطفالها، إلى الأم التي تلعب دور “القائد” في حياة أطفالها. انتبهي سيدتي.. طفلكِ هو القائد حين يغيب عن نظركِ لا أنتِ!
تفتخرين بأن أطفالكِ يلتزمون بأوامركِ دون مناقشة.. تفتخرين بأنهم لا يتجرأون على رفع صوتهم بوجهكِ أو التعبير عن اعتراضهم أو انفعالاتهم أمامكِ.. وتفتخرين بأن كل شيء منظم وتحت السيطرة.. حتى أطفالكِ! دعيني أخبركِ سيدتي.. مع الأسف بهذه الطريقة أنتِ لا تكسبين لقب “أم”. بهذه الطريقة أقصى لقب للدور الذي تلعبينه في حياة أطفالكِ، هو لقب “مدير” أو “قائد”. ومهام الأشخاص الذين يتولون هذه المسؤوليات بعيدة كل البعد عن الأمومة.
ودعيني أخبركِ أيضاً، حتى لو كان وقع صدى الحقيقة قاسياً بعض الشيء؛ الأمور التي تعتبرينها مصدر فخر، هي فعلياً سبب في دمار شخصية طفلك!
إليكِ بعض الصفات التي تزرعينها في طفلكِ بهذه الطريقة:
1- الخضوع والانصياع لمَن هو أقوى منه أو أعلى سلطة دون أي نقاش:
حين لا تتم مناقشة القواعد التي يتم وضعها في المنزل ولا يتم تفسيرها بشكل مقبول وفق عمر الطفل، ويكون كل تصرف خارج نطاق القواعد المحددة ممنوعاً.. يعتاد طفلكِ على التنفيذ فحسب. وتصبحين تلقائياً مرجعه الأساسي في كل شيء، لأن أي فكرة لن توافقي عليها لن تنفذ… وأي تصرف لا يعجبكِ حتى لو كان يجده مناسباً لن يتمكن من القيام به.. وأي مجال برأيكِ ليس من المناسب أن يخوضه بكل بساطة لن تسمحي له بأن يخوضه!
وبالتالي سيصبح طفلكِ شخصاً خاضعاً، ولن يتمكن من معارضة مَن هم أعلى سلطة منه أو أكبر سناً. ومن هنا تنتج حالات الانهزام وتقبل التنمر دون إخبار شخصٍ راشد، أو اتباع أصحاب السوء وطرق الانحراف وإدمان المخدرات والرضوخ عند التعرض لتحرش جنسي وغيرها. ولا داعي لأن أخبركِ سيدتي عن مدى سوء وبشاعة محيطنا.. صدقيني.. ما لم تكن شخصية طفلكِ قوية، لن يتمكن من النجاة.
2- الفشل
كيف من الممكن لطفل لا يستطيع حل مشاكله واتخاذ قراراته ولا يملك الثقة بنفسه أن ينجح؟ وبالتالي كيف يمكن لشخصٍ راشد يمتلك هذه الصفات أن ينجح؟ الصفات التي يكتسبها أطفالنا في صغرهم سترافقهم إلى أن يكبروا..
أهم طريقة لتربية طفل ناجح هي دعمه نفسياً وتركه يتصرف باستقلالية في بعض الأمور وتدريبه على حل مشكلاته بنفسه.. هذه الأمور لا تأتي بالفطرة.. إنها مهارات يتم اكتسابها مع الوقت. ودور الأهل هنا أساسي جداً. أنتِ مَن تقررين إن كنتِ تريدين شاباً راشداً (أو فتاة راشدة) ينجح أينما تواجد أو شخصاً يفشل في أتفه المهام.
3- غياب الانضباط الذاتي
أنتِ القائد حين يكون طفلكِ تحت ناظريكِ.. لكن مَن برأيكِ القائد حين تغيبين؟ حتماً هو! أي نوعٍ من القادة تربين… ذاك الطفل الذي تغرقينه بالأوامر دون شرحٍ أو تفسير، ينتظر انسحابكِ لبعض الوقت حتى ينفذ العكس. فكما يقول المثل “كل ممنوع مرغوب”.. وبرأيي “كل ممنوع مرغوب ما لم يتم تفسير سبب منعه”.
عليكِ أن تفسري لطفلكِ ما هو تأثير الكذب على قلوب من حوله وعن الثقة التي تُكسر حينما يكذب علينا أحدهم، بدلاً من أن تعاقبيه على الكذب دون أن يدرك عواقب ما فعل.. هكذا تربين طفلاً صادقاً.
عليكِ أن تعلمي ابنتكِ اهمية الترتيب والتنظيم وكيف يمكنها بذلك توفير المزيد من الوقت في إيجاد أغراضها ومدى تأثير الفوضى السلبي على حياتها.. بدلاً من أن تلزميها بترتيب غرفتها فحسب. هكذا تربين فتاة منظمة.
عليكِ أن تشرحي لطفلكِ أن هناك طرقا مختلفة للتعبير عن مشاعر الغيرة التي تحاصره، غير ضرب أخيه أو أخته. وأن تطمئنيه وتشعرينه بأنه ما زال يحتل مكاناً كبيراً في قلبكِ. وأن تفسري له أن أخاه الصغير يحتاج إلى دعمه واهتمامه لأنه لا يستطيع تولي أموره بنفسه، تماماً كما كان هو يحتاج إلى الكثير من الاهتمام حين كان صغيراً. وبالتالي سيتراجع سلوكه السيء بشكل تدريجي. بدلاً من أن تصرخي عليه وتعاقبيه وتضرمي النار أكثر في الغيرة المشتعلة في قلبه. هكذا تربين طفلاً سوياً نفسياً قادراً على التعبير عن مشاعره بطريقة سليمة.
هناك لائحة طويلة من الصفات السلبية الناتجة عن هذا الأسلوب التربوي. منها انعدام الثقة بالشخص الذي من المفترض أن يكون مصدر ثقة، والاتكالية وفقدان الحس بالمسؤولية.. عدا عن اضطرار الطفل إلى الكذب والغش خوفاً من العقاب، وتصرفه بالطريقة نفسها مع الأشخاص الأقل قوة منه (هكذا ينطلق التنمر من المنازل وينتشر في أرجاء المجتمع).
سماح خليفة