أنت بشعة:
إلى الصبي الذي قال لابنتي أنت بشعة في باص المدرسة البارحة. أنا أدرك انك ربما لا تهتم بما سأقول . لماذا ستهتم ؟ فأنا مجرد أب. أنا لست صديقك. وأنا لن اكون موجوداً في باص المدرسة بعد ظهر اليوم ولن أتواجد في الصف لأضحك على نكاتك او لأشجعك عندما تهزأ بأحدهم. انا لا أحد بالنسبة إليك. فلماذا قد تهتم بما أود ان أقوله لك.
ومع ذلك ما زلت اريد ان اقول بعض الكلمات. سأقولها على أمل ان ترتد كلماتي عليك. لأنك في يوم ما ستصبح مثلي أباً وستشعر بما أشعر به.
ما قلته لابنتي لم يكن فقط كذبة بل كان مؤذياً كثيراً. أعرف انك ربما لا تهتم لأنك أذيتها. لا بل ربما كان ذاك قصدك بالضبط. اراهن أنك جعلت بعض رفاقك يضحكون عندما قلت لابنتي ذلك واراهن أن ذلك جعلك تشعر بالسعادة.
ولكن ما قلته لابنتي أفسد يومها كله. لا ادري إن كنت تعرف كم تؤذي كلماتك الناس. ولكني هنا لأخبرك بتأثيرها في الآخرين.
والأسوأ ان ابنتي صدقت ما قلته. وعبثاً حاولت أن أؤكد لها أن ما قلته لها غير صحيح فقد بقيت مؤمنة بكلماتك.
ولأنها صدقت ما قلته ها هي تقضي الوقت تتأمل انعكاس صورتها في المرآة اكثر من اي وقت مضى في سنوات عمرها التي لا تتجاوز التسعة اعوام. ولأنها صدقتك احتاجت وقتاً اكثر من أي وقت مضى في التهيؤ للخروج في الصباح ولأنها صدقتك تغيرت تصرفاتها كلها.
لأنها صدقتك؟ لم تعد تصدقني. كلماتك غيرت نظرتها الى نفسها. كلماتك أخذت ابنتي من الثقة الكبيرة بالنفس الى الوعي الكبير بالنفس. بالنسبة لك هي كلمات أما بالنسبة لها ولي فهي ضربة قاسية حزّت عميقاً عميقاً.
أعرف ان عمرك تسع سنوات فقط. أعرف ان امامك درباً طويلاً من النمو والنضج. وأعرف انك ربما لن ترى هذا. ولكني آمل ان يرى أمك او أبوك تأثير كلماتك فينهرانك على فعلتك. وآمل انك بعدما تتبرم متضايقاً ان ترى الحقيقة في ما اكتبه.
آمل أن تفكر في تأثير أعمالك وفعالك في الآخرين وآمل ان تفكر في الكلمات التي تختارها وآمل الا تذلّ فتاة اخرى تمر في دربك. آمل أنك، قبل ان تطال بسلوكك ضحية اخرى، ستفكر قبل ان تتصرف.
ابنتي ذكية جداً. هي شجاعة مرنة ولطيفة ومصممة وموهوبة وجريئة. وهناك الكثير من الصفات الأخرى التي تملكها.
إنها شخص محبوب وهي بدون شك رائعة من الداخل والخارج.
وكأهل أتمنى ان نستفيد مما حدث كفرصة لتعليمها اشياء عن الحياة. أعرف ان التنمر شيء سيظهر أمامها في كل يوم وفي كل باص وفي كل صف مدرسي. ولكن ذلك لا يعني ان بإمكاننا تجاهله. الفرق يبدأ من المنزل واللطف يبدأ بنا.
نحن بحاجة للتكلم مع اطفالنا عن هذا التنمر لتجهيزهم بأسلحة الدفاع ضده.
نحن بحاجة لتشجيعهم على الرد عندما يشاهدون قسوة وفظاظة.
ونحن بحاجة الى جعلهم يعرفون ان الشجاعة هي أن تقول شيئاً وألا تندم ابداً على رفع صوتك اعتراضاً. قد لا تشعر بالرضا عما فعلته في تلك اللحظة ولكن عندما سينتهي اليوم وتضع رأسك على وسادتك ليلاً من المستحيل ألا تشعر بأن أفعالك وردك على الظلم لن تحدث تغييراً. فكلماتك تلك ستغير شخصاً ما في المستقبل.
كلمة اخيرة لنا جميعنا: أهلاً واطفالاً ومعلمين ومعلمات وعاملين وموظفين: نحن جميعنا مختلفون. فجميعنا يمتلك شخصيته الخاصة المختلفة. وجميعنا لنا معتقدات. وجميعنا ينتخب على طريقته وينفق ماله على طريقته ويذهب الى اماكن عبادة مختلفة ويعيش في اماكن مختلفة ولكن هناك شيء واحد مشترك بيننا جميعاً الا وهو تقدير اللطف وحسن المعاملة. . مهما كان معتقدك وأينما عشت وحيثما ذهبت لتعبد ربك يبقى شيء واحد مشترك وهو اننا جميعنا نميل الى حسن المعاملة .
اذن دعونا نختار اللطف وحسن المعاملة اليوم قبل الغد فلطالما هناك بشر لطالما كان هناك فرصة لحسن المعاملة.