ما الذي يدور في خاطر طفل معذّب لم يتلق الحب..
طفل معذّب:
أليس من الغريب أن نتساءل يوماً إذا ما كنا الطفل غير المحبوب في العائلة؟ أو إذا كان هناك فعلاً ما يسمى بـ”الطفل غير المحبوب”؟
لا يختار الأهل عادة طفلاً من أطفالهم ويقررون أن يمنحوا هذا الطفل الكميّة الأكبر من الحب. يعتقد البعض أنه لا يمكن للأهل أن يفضّلوا طفلاً واحداً من أطفالهم ولكن للأسف، يحدث هذا الأمر مرات أكثر مما قد نتوقّع.
من الممكن أن تكتشف الطفل غير المحبوب بمجرّد ملاحظة الندوب العاطفية التي يحملها. في الواقع، هناك فرق جوهري بين الطفل المحبوب والمقبول من قبل عائلته وذلك الذي يفتقر إلى هذا الحب.
هناك أسباب عديدة تمنع الأهل من تقديم الحب الذي يستحقّه ولدهم إليه ومنها:
- لم يتخذ الأهل قراراً واعياً عند إنجاب الطفل
- يمثل الطفل رمزاً لقلّة المودة بين الوالدين
لا يستطيع الولد أن يكتشف سبب معاملة والديه له بهذه الطريقة. هو يظن أن العالم غير عادل وأنه وحيد تماماً. قد يدفعه ذلك للقيام بالمستحيل لتغيير الظروف التي يعيشها. يصبح سلوك الأهل عندها مصدر ضغط وتوتر للطفل
على سبيل المثال، قد تقول الأم “لقد سئمت من رعايته بمفردي”.
يمكن للعديد من الأمهات استخدام هذه العبارة لأنهن يشعرن بالضغط والتوتر أو ببساطة لأنهن يمررن بيوم عصيب.
عندما يكون الطفل غير محبوب، يحمّله الأهل عادة مسؤوليات ومطالب تفوق قدرته. وبما أنهم يتوقّعون منه تقديم الكثير، يطوّر الطفل مهارات تفوق مرحلة نموّه. وعندما يفشل الولد في تحقيق تلك المطالب، يصبّ الأهل غضبهم عليه ويشعرونه أنه غير كفؤ.
يلاحظ الطفل عندها أن كل ما يفعله يسبب الإزعاج لوالديه وأنه لا يمكنه أن يقوم بما يكفي ليكسب قبولهما.
بسبب هذه التوقعات الخيالية، غالباً ما يلتزم هذا الطفل الصمت وينتبه لفترات طويلة أو يجهّز الطاولة كما يجهزها الكبار بالضبط.
نتيجة لذلك، هو يميل إلى تطوير مشاعر بالذنب ويمتنع عن الدفاع عن نفسه في معظم الحالات. في الواقع، هو يظن أنه مهما فعل، لن يقدّر أحد النتيجة.
كيف يمكن أن تعرف إذا كان طفلك يظن أنه غير محبوب؟
أو كيف يمكنك أن تعرف إذا كنت أنت طفلاً غير محبوب في صغرك؟
عندما يشعر الطفل أنه غير محبوب، ينفطر قلبه. هو لا يفهم سبب معاناته ولا السبب الذي يدفع والديه للتصرف بتلك الطريقة.
لذلك، يميل هذا الطفل إلى تطوير مشاعر دائمة بالخوف والقلق بسبب قلّة العاطفة التي يتلقاها. سنقدم لك بعض العلامات التي تدل على أن الطفل غير محبوب:
- • هو يشعر بالقلق
- • هو لا يشعر بالإرتياح عندما يجلس مع أطفال آخرين أو مع البالغين
- • هو يعاني من رهاب ما أو من مخاوف غير عقلانية
- • هو شديد الإندفاع ولا يعرف كيف يعبر عن مشاعره
- • هو غير قادر على السيطرة على غضبه
- • هو يتمتع بسلوك متكرر ويطرح أسئلة كثيرة (أكثر من اللازم)
- • هو يحاول ألا يخيب ظن أحد لذلك يفضّل أن يتوارى عن الأنظار
- • هو لا يثق بأحد
بما أننا بشر، نحن بحاجة إلى التواصل مع الآخرين وإلى تلقي الحب والعاطفة اللازمة بالأخص ونحن في طور النمو. عندما نتلقى العديد من الإنتقادات ولا نتلقى أي عاطفة وحب، قد نشعر أننا غير محبوبين.
يجب على الأهل أن يفهموا أنه، حتى لو لم يرغبوا بإنجاب الطفل من الأساس أو حتى لو لم يكونوا جاهزين لتربيته، هو بحاجة ليشعر أنهم يتقبلونه ويحبونه.
من أهم حاجات الطفل هي الحاجة إلى العاطفة والمودة وهي ضرورية تماماً مثل الطعام والنوم. إذا لم يتلق الطفل الكثير من الحب وهو يكبر، لن يستطيع أن يقدّمه للآخرين أو حتى أن يشعر به لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
كيف يؤثر كون الطفل غير محبوب على مرحلة بلوغه؟
يكمن مصير ومستقبل الطفل بين أيدي أهله. يتعلم الطفل من الأهل طريقة تعامله مع مشاعره وإظهارها.
لماذا يعتبر ذلك أمراً بالغ الأهمية؟ قد يظن الأهل أنهم يمتلكون وقتاً كافياً لتصحيح خطأهم لاحقاً لكن هذا غير صحيح.في الواقع، يتحول الطفل غير المحبوب إلى شخص بالغ يفتقر تماماً إلى احترام الذات. لن يكون عندها هناك أي مجال لتصحيح الأخطاء التي ارتكبها الأهل.
من المهم جداً إذاً تصحيح هذه الأخطاء وتحسين سلوك الأهل في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان لأن الطفل غير المحبوب يتحول إلى شخص بالغ يطوّر الصفات التالية:
- • انجذاب نحو العلاقات السامة والمؤذية
- • عدم القدرة على إظهار الحب
- • شعور دائم بأنه مقصيّ عن الآخرين وبأنه ضعيف
- • شعور بعدم الأمان- التشكيك بكل ما حوله
- • عدم الرضا- لا يمكن لشريكه إسعاده مهما فعل
من الصعب جداً التعامل مع الشعور بعدم تلقي الحب.لذا من المهم جداً اعتماد تقنيات تربوية مناسبة لا تؤثر سلباً على صحة الطفل النفسية.
افتقار الطفل للحب قد يشعره بعدم الرضا الدائم. يعتمد مستقبل الطفل على طريقة معاملة أهله له وعلى القيم التي يعملون على غرسها في نفسه.
امدح طفلك على إنجازاته وقدّم له حبك على طبق من ذهب واغمره بالمودة دائماً.وحاول قدر المستطاع ألا تصبّ غضبك ومزاجك السلبي عليه لأن ذلك قد يشكل عائقاً في طريق نموّه.