تصرف الطفل بقسوة أو عدوانية مع الحيوانات قد يفضح الكثير عن أسلوب تربيته
التصرف بقسوة مع الحيوانات:
رأيتُ كلباً كبيراً قرب مدخل المبنى الذي أسكن فيه. خفتُ من الاقتراب، كان بالقرب منه صبي يبلغ حوالي 10 سنوات. قال “لا تخافي إنه لطيف جداً، لن يؤذيكِ. مسكين إن رجله مكسورة. لا يستطيع المشي”. فسألته “هل هو صديقك؟”. أجاب بالنفي وقال “لقد تعرفتُ عليه اليوم، وأحضرتُ له الطعام، إنه لطيفٌ جداً”. عدتُ إلى المنزل وأحضرتُ له بعض الطعام المتبقي من البارحة وأعطيته للطفل كي يطعمه. ثم قلتُ له “أتمنى ألا يؤذيه أحد”. فأجاب وهو يطعم الكلب ويداعبه “لقد اتصلتُ من هاتف أمي بجمعية تعتني بالحيوانات، وسيأتون لأخذه. لا تقلقي. سيكون دامبو بخير”.
استحضرني موقفٌ معاكس حصل منذ فترة ليست ببعيدة، عندما رأيتُ أطفالاً يركضون خلف قطة صغيرة ويضربونها بالحجارة، وموقف آخر لأطفال يحاولون سجن قطة في علبة وتحريكها كي تخاف وهم يضحكون.
هذا الطفل شعر بالتعاطف مع الكلب، اعتبره صديقه وأعطاه اسماً منذ التقاه. أطعمه وفكر بطريقة لإنقاذه رغم صغر سنه. ما الفرق بينه وبين باقي الأطفال يا تُرى؟ الإجابة سهلة: إنها التربية.
سألتُه ابن من يكون وفي أي طابق يسكن. واكتشفتُ أنه ابن جارتنا التي تحضر كل يومٍ طعاماً للقطط في موقف البناية، والتي حاولت أن تؤمن لهذه المخلوقات اللطيفة مكاناً دافئاً في الشتاء. لم أستغرب كثيراً. تقريباً توقعتُ ذلك مسبقاً. فنادرون الأطفال الذين يفكرون بطريقته.. مع الأسف الشديد.
وبدأتُ بالتفكير في أسباب شيوع إيذاء الأطفال للحيوانات، وما إذا كان ذلك يدل على ميلهم إلى العنف في المستقبل أو على أنه يتم تعنيفهم أو اضطهادهم في طريقة تربيتهم.
وقراتُ في إحدى الدراسات عن هذا الموضوع ما يلي:
“في حين قد يعود هذا السلوك عند الأطفال الصغار في معظم الأحيان إلى محاولتهم لاستكشاف العالم من حولهم. إلا أن هذا السلوك قد يعكس لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام وما فوق وجود إساءة معاملة في الأسرة. كما تحذر الأبحاث أنه يجب أن يثير السلوك العدواني اتجاه الحيوانات في هذه السن شكوكاً بشأن مدى رضا وسعادة هؤلاء الأطفال في حياتهم الأسرية.
كما أن هناك دراسات تؤكد أن قسوة الأطفال على الحيوانات غالباً ما تكون مؤشراً على وجود بيئة عنيفة تحيط بهم، كما أنها قد تكون مؤشراً على انحرافهم في المستقبل ولجوئهم إلى أعمال عنف. وأكدت على وجود صلة وثيقة بين قسوة الأطفال على الحيوانات والسلوكيات العنيفة في مرحلة المراهقة والبلوغ.
لكن لماذا يسيء بعض الأطفال معاملة الحيوانات؟
يمكن اختصار الدوافع التي تؤدي إلى ظهور سلوك الإساءة للحيوانات لدى الأطفال بثلاثة أمور:
- أن يكون الطفل ضحية اعتداء جسدي أو جنسي.
- أو أن يكون الطفل قد شهد أعمال عنف بين والديه.
- أو أن الطفل قد رأى أشخاصاً آخرين يؤذون الحيوانات.
كما هناك أمور أخرى تساهم في حث الأطفال على ممارسة سلوك عدواني اتجاه الحيوانات منها: - عدم تربيتهم على احترام الحيوانات.
- محاولتهم للسيطرة والتحكم.
- التعود على فكرة التربية من خلال العقاب.
- الرغبة في لفت انتباه الحاضرين.
- لأن الأطفال غير قادرين على الانتقام مباشرة من الشخص الذي يؤذيهم.
ألا تدل قسوة الأطفال على الحيوانات قبل كل شيء على نموهم في بيئة عنيفة؟
في الواقع ، من بين أسباب العنف في مرحلة الطفولة ضد الحيوانات، تمت ملاحظة أنه وفي معظم محاولات الاعتداء إما ان الطفل يشهد أعمال عنف أو أنه يعاني منها. وبالتالي، يمكن اعتبار قسوة الأطفال على الحيوانات، بطريقة ما، بمثابة تنبيه لسوء المعاملة.
وبالفعل، فقد لوحظ على سبيل المثال، أن الطفل الذي يقع ضحية للعنف الجنسي يمارس أعمال عنف وسلوكيات قاسية تجاه الحيوانات ست مرات أعلى من الأطفال الآخرين. وهنا من الواضح أن المعاناة التي يلحقها الطفل بالحيوان تعكس بطريقة ما العنف الذي يتعرض له.
سماح خليفة