قليلةً هي الأدوات التي تفيدنا فيما يتعلق بتدريب الأطفال على البحث عن حلول.
أحياناً أفكر بأنه لو استطاع الجميع اتقان مهارة البحث عن حلول، لأصبحت العلاقات البشرية أكثر سهولة. سنعلمكم اليوم منهجاً مؤلفاً من 5 خطوات، يساعد أطفالكم على ابتكار الحلول.
دعونا ندخل في مزيد من التفاصيل في كل مرحلة من هذه المراحل لتوضيح طريقة تطبيق هذا النهج.
1- الاستماع إلى مشاعر واحتياجات الطفل
قبل الدخول في عملية العثور على الحل، يجب أن نتواصل أولاً مع طفلنا.
تتمحور المرحلتان 1 و 2 حول كيفية القيام بذلك.
إن محاولة الدخول في عملية البحث عن حل عبر البدء مباشرة بالبحث عن أفكار بعد عرض المشكلة من المحتمل جداً أن تبوء بالفشل.
وذلك لأنه، ومن أجل يشعر الجميع أنهم معنيون بالبحث عن حل، يحتاج كل منهم أن يشعر أن هناك من يسمعه. لذلك سنقضي الوقت اللازم للاستماع إلى طفلنا، لمعرفة ما يشعر به.
تسمح لنا هذه الملاحلة بفهم ما يختلج طفلنا من مشاعر وأفكار (عبر اعتماد آذان الزرافة التي تم اقتراحها في نظرية التواصل اللاعنفي NVC (Nonviolent Communication) الاتصال اللاعنفي هو عملية اتصال وضعها مارشال روزنبرغ في بدايات الستينات من القرن العشرين. تركز هذه الطريقة على ثلاثة جوانب من التواصل: التعاطف الذاتي، والتعاطف، وتعبير ذاتي صادق.)
من الضروري الامتناع في هذا الوقت عن الإدلاء بأي حكم أو تعليق. الهدف هو فقط فهم ما يريد طفلنا التعبير عنه جيداً. لذلك سوف نتركه يتكلم.
إذا كان أصغر من أن يتمكن من التحدث، يمكننا أيضاً أن نحاول إخباره بما نعتقد أنه يحدث معه.
2- التعبير عن مشاعرنا واحتياجاتنا الخاصة
في المقابل، سنمنح طفلنا الفرصة لفهم ما نفكر فيه وما يحدث معنا. وهذه الطريقة أيضاً تتيح لنا التواصل معه.
إذا قمنا بإنهاء المرحلة الأولى بشكل جيد، فسيصبح طفلنا جاهزاً للإصغاء إلينا. بالتالي ستتاح لنا الفرصة لوضع حدودنا. علينا هنا أن نخبره ما لا يناسبنا في الموقف.
كونوا حذرين: يجب أن يتم ذلك دون الحكم على ما يفعله، ولكن بالتحدث عما نحتاج إليه نحن.
للتعبير عن ذلك بشكل جيد، من المفيد أحياناً أن نقضي مسبقاً بعض الوقت في التفكير فيما كان يسبب لنا مشاكل بالفعل. والهدف من ذلك هو ألا نتسرع بإلقاء اللوم عليه وتحميله المسؤولية كاملة، وأن نتمكن من التعبير بطريقة عادلة.
3- اقتراح أفكار – العصف الذهني
الآن وبعد أن تم التواصل، حان الوقت للانتقال إلى مرحلة اقتراح الأفكار.
في هذه المرحلة، من الجيد الأخذ بجميع الأفكار وتدوينها دون تعليق. وحتى لو كانت أفكاراً مضحكة ومجنونة.
إن تدوين الأفكار التي يقترحها الجميع من الممكن أن يعطيها الأهمية.من الأفضل أن تدع الطفل يبدأ باقتراح الأفكار، إن كان ذلك ممكناً. سيشعر بحرية أكبر، وإحراج أقل، ما لم يكن قد تأثر بالفعل بأحد أفكارنا.
4- اختيار الحل الذي ستقومون بنطبيقه والفترة المخصصة لتجربته
لقد حان الوقت أخيراً لتحديد الحلول التي من الممكن تطبيقها وتلك التي لا يمكن تنفيذها.
سيكون من السهل عليكم إلغاء بعض الاقتراحات بسهولة، بينما قد تدفعكم اقتراحات أخرى إلى إعادة تحديد احتياجات كل شخص.
عندما نتفق أخيراً على حل، نحدد فترة تجريبية لهذا الحل.
ملحوظة: إذا كان الأطفال صغاراً، فسيكون من المفيد استخدام علامة مادية عملية تسمح لهم بالاقتناع بالحل المتبع وتطبيقه.
على سبيل المثال: واجهتنا مشكلة مع طفلنا الأصغر سناً وكانت تقتصر على أنه لم يكن يكمل طبقه من الكورنفليكس في الصباح. لم نكن نرغب بإجباره على إنهائه، لكننا لم نرغب أيضاً في الموافقة على تصرفه. كيف نعلمه التوقف عن هذا التصرف؟
لقد قرر أن يضع الوعاء غير المكتمل في البراد كي نقدمه له مجدداً في صباح اليوم التالي.
المشكلة كانت في أن أناتول كان ينسى دائماً أن لديه وعاء طعام في البراد! لذلك قمنا بتعليق رسم على البراد لتذكيره بوجود الطبق، وجرت الأمور بشكل أبسط بكثير…
من المهم جداً ألا ننسى أن هذا النهج هو عبارة عن طريقة تربية، وأنه من الضروري التأكد من تنفيذ الحل، أو أن يتم التأكد من أنه غير مناسب للتطبيق.
5- المتابعة
هذه المرحلة التي قد تبدو أحياناً غير مهمة وغير ضرورية، ليست كذلك أبداً! بل أنها على العكس تعطي أهمية وبعداً وعمقاً لنهج البحث عن الحل:
إنها عملية بحث بالفعل، عبارة عن محاولات للعثور على الخيار الأنسب، ومن الممكن التشكيك بصحة الحلول لاحقاً.
لذاك لا بد من التحقق إذا كان الاقتراح الذي تم اختياره كان ناجحاً ومناسباً للجميع.
ملاحظة: المراقبة تستغرق وقتاً.
إذا كان من المقرر تعديل عدة نقاط في المنزل (على سبيل المثال: التحضير في الصباح، والسلوك أثناء تناول الطعام، وتنظيف الحمام…)، فمن الأفضل في هذه الحال عدم محاولة إصلاحها جميعاً مرة واحدة في الوقت نفسه. لأن وضع الحلول قيد التطبيق دون مراقبتها ومتابعتها لن يجعل من الممكن حقاً تحديد الطريقة التي ستنجح على المدى الطويل.
من الأفضل في هذه الحالة التطرق إلى واحدة من هذه المشكلات ومعالجتها، ومن ثم عندما تتحسن الأمور، ويستنتج أفراد الأسرة أنهم قادرون على إيجاد حلول، يتم التطرق إلى المشكلة التالية.
ليس من الممكن القيام بكل شيء في وقت واحد.
لذلك سيتم تحديد الحد الأقصى من المشاكل التي ننوي متابعتها وفق مدى قدرتنا على متابعة ومراقبة القرارات التي وضعناها قيد التطبيق.
لذلك، وبعد الوقت الذي حددناه لأنفسنا لاختبار الحل، نعود إلى التدقيق قي الفترة التجريبية، ونقوم بمناقشة على أي نحو سارت الأمور. هل الحل يؤدي إلى النتيجة المطلوبة؟
إذا كان الأمر كذلك، نكمل على هذا النحو؛ إذا لم يكن كذلك، اكتشف ما الذي جعل الأمور صعبة.
نكرر مرة أخرى، ليس المطلوب في هذه الحال إصدار الأحكام ولوم الشخص الذي اختار الاقتراح أو جعله يشعر بالذنب، يجب أن تكون كل خطوة موضع ترحيب، وشيئاً فشيئاً، نتعلم السير معاً والتعاون في إيجاد حلول!
على أي حال، هل الحل بحاجة للتغيير أم أنه يحتاج إلى تعديل؟ إذا تم التحقق من أن كل شيء يسير كما كنا نريد، فيمكننا الافتخار بأننا تمكنا من إيجاد حل!
الحالات التي تتم فيها مقاطعة عملية البحث عن حل مبكراً
من الممكن ألا نمر بكل المراحل المذكورة.
سنعطيكم مثالين مختلفين تماماً.
في بعض الأحيان، بعد الخطوتين الأولى والثانية، عبر مجرد مراعاة وجهة نظر الطرف الآخر قد نجد أن المشكلة تلاشت، ويظهر الحل من تلقاء نفسه. لا حاجة في هذه الحالة للذهاب أبعد من ذلك. يمكننا التوقف عن عملية البحث عن حل.
في بعض الأحيان وعلى عكس الحالة المذكورة للتو، تكون المواقف التي تم عرضها في البداية متباعدة لدرجة أن البحث عن حل لا يؤدي إلى أي مكان. من المستحيل إيجاد حل يناسب الجميع. لذلك فإن المرحلة 4 لن تنفع. ويمكن أن يعود ذلك إلى صراع على السلطة.
في هذه الحالات، لا يجب أن تترددوا في المقاطعة.
على سبيل المثال، يمكنكم قول:
“أشعر أن هذه المحادثة لا تسير كما ينبغي، أقترح أن نتوقف عند هذا الحد الآن، وسنتحدث عن الأمر في وقت آخر.” من الأفضل بالفعل التوقف وترك النفوس تهدأ.
إن مجرد مناقشة المشكلة وطرحها سيسمح للجميع بتكوين منظور آخر في المرة المقبلة التي يتم فيها تداول هذه النقطة.
ثقوا في هذا النهج!
استثمار الوقت
غالباً ما يُقال إنه لكي نتمكن من القيام بذلك، فنحن بحاجة إلى وقت.
وهذا صحيح، فنحن نحتاج إلى الوقت كي نجلس معاً ونستمع إلى الجميع، ونتناقش للحصول على أفكار. ومع ذلك، فالبحث عن حل للمشكلة لا يستغرق وقتاً بقدر الوقت الذي كنا نقضيه في الجدال حول المشكلة او الموقف…
لأن نهج البحث عن حل يتم اعتماده غالباً في حالات النزاعات المتكررة التي تستهلك بالفعل الكثير من الوقت والطاقة!ومن ناحية أخرى، فإن الوقت الذي نقضيه في البحث عن حل هو استثمار حقيقي.
إن هذا الوقت الذي نجلس فيه معاً لمناقشة المشكلة هو الذي سيجنبنا إنفاق المزيد من الوقت لاحقاً في التداعيات اليومية…
بالإضافة إلى ذلك، على المدى الطويل، نقوم بتربية أطفالنا على نهج مفيد جداً لتطويرهم كما تطويرنا، مما سينفعنا في نقاط أخرى غير النقطة التي يتم تناولها!
لذلك يُعتبر استثماراً مزدوجاً!
وأنتم، هل لديكم قصص عن محاولات وطرق ناجحة للبحث عن حلول؟