تربية ابنتك:
ناقشي مع أمّهات وآباء آخرين ما ينجح معهم وسجّلي كل شيء. وإذا كان لدى إحدى معارفك طفل في الثالثة من عمره يتصرّف بتهذيب فائق، اطلبي منها رقم هاتفها المحمول. فالإجابة على رسالة «النجدة» التي تبعثين بها قد تعيدك إلى الطريق الصحيح.
وتذكّري أيضاً ما جرّبته وجاءك بأفضل النتائج. ثمّ شمّري عن ساعديك، اشعري بالثقة بالطريقة التي تربّين بها ابنتك، واستمتعي بهذه الفترة الرائعة من حياة ابنتك. إنها تصبح الآن شخصاً صغيراً مميّزاً تميل للتذكّر واللعب مستخدمةً قوة خيالها، أو تصفّ حيواناتها المحشوة وتوجّه لها التوبيخ والتقريع. إنها تجعل من عودتك إلى البيت كل مساء مصدر فرح حقيقي وتمنحك سبباً للعيش. أجل، كأم (أو أب) لفتاة صغيرة في حوالي الثانية من العمر، لن تتساءلي أبداً عن سبب وجودك على هذه الأرض. أنت تعلمين أن الغاية من وجودك هي تربية هذه الفتاة الصغيرة الذكية والجميلة بأفضل طريقة ممكنة.
أثناء تربيتك لابنتك، تستمرّين أنت أيضاً في التقدّم والنضج. وكلّما تحدّتك بمراحل نموّها المختلفة ـ بعضها يسير سهل وبعضها الآخر عسير متعرّج ـ زادت الفرص المتاحة لك لتكوني واسعة الحيلة وتستخدمين قدرات تربوية فطرية متأصّلة لم تعرفي حتّى أنك تمتلكينها.
تتعلّم ابنتك كيف تصغي
إن الغاية الكامنة وراء كل تربية هي تمكين الطفل من عيش حياة أسهل، وهذا هو سبب تعليم ابنتك إحدى أهم المهارات التي يمكن أن تمتلكها: كيف تصغي وتصغي جيداً. وبعد إتقانها هذه المهارة، يصبح من الأسهل عليها استيعاب كافة مهمّات الطفولة كما يصبح من الأسهل عليك تعليمها لها.
من الأمور التي يمكن أن تعيق تعلّم ابنتك كيفية التعامل مع جهاز التلفزيون. وغالباً ما يصبح هذا الجهاز أمّاً (أو أباً) ثانيةً. ففي الكثير جداً من الأُسر، يُشغَّل التلفزيون لحظة يعود الشخص إلى البيت أو يستيقظ في الصباح. ولكن، بخلاف الأم أو الأب، لا يتطلّب التلفزيون شيئاً أبداً من طفلتك فهو مليء باستمرار بالصور المتغيّرة والموسيقى والألوان الزاهية، لكنّه لا يتطلب انتباه طفلتك الدائم.
حتّى وإن كنت لا تشغلّين جهاز التلفزيون باستمرار، فإن التعرّض له بضع ساعات في اليوم ـ أو التعرّض لكثير من أقراص الـ DVD والـCD، حتّى المناسب منها لعمر الطفلة ـ يميل إلى إبعاد تركيز ابنتك الصغيرة عن صوت أمّها أو أبيها أو راعيها، فلا تستقبل عندئذٍ رسائل أمّها أو ابيها.
اختبار الإصغاء
أخضعي ابنتك لاختبار إصغاء سريع. اطلبي منها القيام بعمل بسيط مثل خلع حذائها الرياضي الملطّخ بالوحل. إذا نفّذت ابنتك الصغيرة ما تطلبينه منها على الفور، فهذا يعني أنك نجحت في غرس عادات إصغاء جيّدة فيها. ولكن إذا كان عليك الطلب أكثر من مرّة واحدة واللجوء إلى طريقة «واحد، إثنان، ثلاثة» للتأكّد من أنها سمعتك، فينبغي لك عندئذٍ أن تعملي على هذه المهارة معها. وستستفيد من اكتساب هذه المهارة طوال حياتها.
اجعلي من تعليم ابنتك الإصغاء لعبة تمارسينها معها. فيما تكون في خضم اللعب بدماها أو سياراتها الصغيرة، اطلبي منها، بنبرة صوت عادية، أن تحضر لك حقيبة يدك. ثمّ سجّلي الوقت الذي يستغرقه تنفيذ طلبك. إذا استجابت بسرعة فذلك جيّد. ولكن إذا استغرق تلبية طلبك وقتاً طويلاً، أخبريها مدى الأهمية بالنسبة لها في ترك كل شيء وتنفيذ ما طلبته منها. عدّي الثواني التي يستغرق تنفيذها لذلك. سجّليها، وفي اليوم التالي، كرّري التجربة مجدّداً. يجب أن يصبح وقت الاستجابة أقصر.
تمرّني معها حتّى تتعلّم أن تترك فوراً كل ما يشغلها وأن تنفّذ المهمّة التي طلبت منها على الفور. يجب أن يكون شعارها «افعلي دائماً ما يقوله ماما وبابا».
الصوت الواضح
عندما تعلّمين ابنتك الصغيرة كيف تصغي بشكل أفضل وتستجيب فوراً عندما تنادينها، عليك أن تتكلّمي بوضوح، خصوصاً عندما تطلبين منها في وقت لاحق أن تقوم بأكثر من شيء واحد. راقبيها وهي تُحضِر بعد ذلك معطفها وحقيبة يدك. من ثمّ اطلبي منها القيام بثلاثة أشياء وانظري مدى إصغائها لتعليماتك. هل يمكنها أن تتذكّر كل الأعمال الصغيرة التي طلبت منها تنفيذها؟
وقائع
حوالي 75 بالمئة من التعليم المدرسي الإجمالي يُعطى عبر التواصل الشفهي. وفي مكان العمل، يخصّص معظم الناس ثلث
ساعات العمل للحديث وجهاً لوجه. هكذا، وبالرغم من كافة الأجهزة الألكترونية التي يستخدمها الناس للتواصل وتبادل الرسائل، فإن القدرة على الإصغاء أمر أساسي وجوهري.
ينبغي عليك طبعاً أن تكوني قدوة في حسن الإصغاء. عندما تقول لك شيئاً ركّزي على قصّتها. أجيبي عن أسئلتها، حتّى وإن أمطرتك بوابل من الأسئلة المتلاحقة.
والأفضل من ذلك أن تناوبي بين الأسئلة والإصغاء. يمكنها أن تسألك شيئاً فتجيبين بدقّة، ثمّ تسألينها شيئاً وتتوقّعين منها إعطاءك إجابة كاملة ـ قدر ما تستطيع أن تعطيك إياها. وينبغي تجنّب هزّ الكتفين بلا مبالاة. من ثمّ اعملي على جعلها تصغي لما يقوله شخص آخر. اصطحبيها إلى فترة قراءة القصص في المكتبة العامّة واطلبي منها أن تصغي جيداً للرّاوي.
في طريق العودة إلى البيت، اسأليها عن موضوع القصّة، واصغي إليها وهي تخبرك بشتّى التفاصيل التي قد تكونين غفلت عنها. ستتعلّم بنتيجة هذه التجربة كيف تصغي بشكل أفضل.
الفهم الواضح
ستكبر ابنتك وهي تعلم أنك ستصغين دائماً إليها، مهما كان ما تفكر فيه، إذا أثبتّ لها ذلك في مرحلة مبكرة من حياتها. وبنتيجة ذلك، ستتذكّر أن الماما والبابا هما الصخرتان اللتان يمكنها الاعتماد عليهما ليصغيا لما لديها. ولكن في الوقت الحاضر، إن مجرّد القدرة على الإصغاء إلى والديها يقلّل من العديد من المشاكل التي قد تتعرّض لها الفتاة الصغيرة لأنها تستوعب تلقائياً ما نهيتها عن القيام به وثم تطيعك أو لا.