نجاح الأولاد:
يودّ الأهل كلهم أن يروا أولادهم ناجحين. ويوّدون جميعهم لأولادهم أن يتعلّموا وأن يكونوا مطيعين وأن يتحلّوا بالطموح للسعي وراء النجاح.
مما لا شكّ فيه أنّ تعريف النجاح يختلف من شخص إلى آخر وهو لا يُحدد بالطريقة نفسها من قبل الجميع. في الواقع، يعتبر البعض أنّ النجاح هو مسيرة مهنيّة تسمح بكسب الكثير من المال.
ويرى البعض الآخر النجاح عائلة كبيرة وسعيدة. وهكذا دواليك.
ومن الطبيعي أن يرغب الأهل كلهم في أن يصبح أولادهم مواطنين صالحين، صادقين وأن يكونوا سعداء لكن ما من وصفة سحريّة للأسف تسمح بالوصول إلى هذا الهدف.
إنما يمكننا أن نلاحظ جيداً أنّ أهل الأولاد الذين يحققون النجاح يملكون صفات مشتركة. ومن هنا يجب أن تكون الانطلاقة: مراقبة الأهل.
فالأهل هم من يرشد الأولاد وهم من يغرس فيهم ثقافة العمل والسعي خلف السعادة.
ما الذي نحتاجه كي ننجح؟ نحتاج إلى المثابرة والتنظيم والعمل. ولا يمكن للأولاد أن يتعلّموا هذا في مكان آخر.
فهم يراقبون أهاليهم ويتبعون خطواتهم. بالتالي، من المنطقي أن نستنتج أنّ أهل الأولاد الناجحين يتمتعون بمميّزات خاصة.
سأكشف لكم ما هي هذه المميّزات. وستتحققون مما إذا كنتم تتمتعون بها. وإن كنتم لا تملكونها، فيمكنكم أن تعملوا على تطوّركم الشخصيّ كي تكتسبونها.
ملاحظة: أود أن أذكّركم مجدداً أنّ النجاح ليس وظيفة مرموقة أو شهرة أو اعتراف. لكل عائلة تعريفها الخاص للنجاح وإن كنتم تتمتعون بهذه الصفات فستتمكنون من تعبيد الطريق أمام أولادكم.
هذا ما يميّز أهل الأولاد الذين ينجحون؛ بالتالي، إذا أردتم أن تعرفوا ما هي الحظوظ كي يكتسب أولادكم خصائص وصفات الأشخاص الذين ينجحون منذ صغر سنهم، قارنوهم بكل بساطة مع ما تفعلونه ومن أنتم اليوم:
1- هؤلاء الأهل تلقّوا تعليماً جيداً
على الرغم من أنّ التعليم بحدّ ذاته لا يلعب في أغلب الأحيان الدور الوحيد في نجاح الشخص، إلا أنه تبيّن أنّ الأهل الذين يتمتعون بمستوى أعلى من التعليم يربّون أولاداً قادرين على أن ينجحوا بشكل أفضل.
يرتبط هذا من ناحية بالتوقّعات الكبيرة التي أشرنا إليها سابقاً وبحقيقة أنّ الأولاد يحبون من ناحية أخرى أن تتم مقارنتهم بأهلهم، شرط أن يعترف هؤلاء الأولاد طبعاً بأن أهاليهم قد نجحوا.
في الواقع، يصحّ هذا في الاتجاهين: إن لم يتابع الأهل تحصيلهم العلمي فثمة احتمال كبير ألا يفعل الأولاد ذلك أيضاً.
2- الآباء ليسوا الوحيدين الذين يعملون
لعلكم لا تعرفون ذلك لكن الأمهات اللواتي لا يعملن أو يعملن في المنزل طيلة فترة طفولة الولد يؤثّرن في نظرته إلى العالم وبشكل كبير وخطير.
ولا يتعلّق الأمر فقط بالوقت الذي يُخصص له بل بتكوين انطباع لديه بأن الكل يجب أن يعمل. في الواقع، يميل أولاد الأمهات اللواتي لا يعملن إلى شغل وظائف ذات أجر زهيد.
كما أنّ وجود الأم بشكل متواصل في المنزل، يجعل الأولاد يتكلون عليها تماماً لإتمام المهام والأعمال، ما يعني أنهم يفتقرون إلى الحافز وإلى الاجتهاد والنشاط.
بالتالي، لا يملكون أيّ رغبة في السعي خلف النجاح. إنّ الأسر التي يعمل فيها الوالدان تقدّم مثالاً جميلاً للتوازن. فالوالدان متساويان ويساهمان بالطريقة نفسها في حياة الأسرة.
3- يشجّع هؤلاء الأهل أولادهم على العمل وعلى المشاركة في الأعمال المنزليّة
إن لم يقم الطفل يوماً بغسل الأطباق فهذا يعني أنه سيتعلّم ومنذ صغر سنّه أنّ شخصاً آخر سيتولّى مهمة غسل الأطباق والأواني.
كما أنه لن يدرك معنى العمل الحقيقي أيّ أنه لن يعي أنّ لكل واحد منا دور في العمل لنتمكّن من انجاز كل المطلوب.
إنها مساهمة لن يعتادها وهذا يزيد من إمكانية أن يصبح الطفل الذي لم تُفرض عليه أي واجبات، شخصاً عاجزاً عن تقدير العمل الجماعيّ.
بالتالي، سيعتقد أنه لا يتوجّب عليه أن يساهم بطريقة متكافئة في المجتمع كما لا يتوجّب عليه أن يُظهر أيّ تعاطف.
4- يدفع هؤلاء الأهل أولادهم لتحديد أهداف لهم
مما لا شك فيه أنه ليس من المفيد أن نرفع سقف التوقّعات عالياً جداً في تربية الأولاد لكنه ليس من الجيد أيضاً أن نربيهم مع سقف توقّعات منخفض جداً. إذن، لا بدّ من ايجاد توازن.
لا تفرضوا عليهم توقّعاتكم العالية في كل ما يفعلونه. لكن من الطبيعي جداً أن نأمل رؤية أولادنا ناجحين في الجامعات على سبيل المثال.
ثمة مصطلح معروف باسم “تأثير بجماليون” ويفيد بأن الآراء والتوقعات الفرديّة تؤثّر في ما يحصل. بمعنى آخر، إذا كبر الولد مع تأثير والد أو والدة تؤمن بقدراته وتأمل أن تراه متعلماً، فثمة احتمال كبير أن يتبع الولد هذا الدرب من دون أن يشعر بأنه ملزم أو متلاعب به.