صغيرتي لا تحزني.. في الحلم المقبل ستأتي أمكِ لإنقاذك
مجدداً… أحلام صغارنا تجسد معاناة يعيشونها في الواقع.. دققوا في التفاصيل!
استيقظت ابنتي مجدداً وهي خائفة. بدأ الأمر يثير قلقي. ما الذي يقلق أميرتي إلى هذا الحد؟
جلسنا معاً لتناول الفطور. كنتُ أنوي أن أحدثها بشأن ذاك الحلم علها تذكر شيئاً. لكنها فاجأتني بسؤال غريب “أمي لماذا لم تأتي لإنقاذي من الوحش الذي يشبه القطة؟”. عرفتُ أنها بدأت تتحدث عن الحلم. كان الحزن يبدو على ملامحها وكأنها أصيبت بخيبة أمل. لا أبالغ إن قلتٌ إنها كادت تبكي.
اقتربتُ منها بهدوء وحملتها كي تجلس بين أحضاني. ثم دار بيننا هذا الحديث:
- هل ناديتِني كي آتي؟
- بحثتُ عنكِ في كل المنزل. لكنني لم أجدكِ.. وكان الوحش يركض خلفي وكنتُ خائفة جداً.
- حقاً، لكنني كنتُ نائمة في غرفتي. حقاً لم تجديني؟
- لم أجدكِ. لقد كنتِ في العمل كالعادة.
- كيف كان شكل الوحش؟
- لقد كان يشبه القطة وكان كبيراً جداً. أكبر مني.
- وماذا فعلتِ؟ أنتِ قوية جداً؟ ألم تضربي الوحش؟
- ضربته لكنه لم يهرب بل حملني وأخذني. هو يريدني أن ألعب معه في غرفته.
- حسناً وكيف شكل غرفته؟ هل هي جميلة؟
- كلا هي مخيفة جداً.
ثم ضربتني على كتفي بيديها الصغيرتين وقالت “أنظري، أنا لستُ قوية بما يكفي أمي.”
فصرختُ وكأنني تألمتُ وقلتُ “ما هذا؟ أنتِ قوية جداً” فضحكت ضحكتها الملائكية.
كان في بالي حينها هدفان. أردتُ أولاً أن أساعدها على تحدي ومواجهة خوفها بنفسها. وثانياً أردتُها أن تستعيد ثقتها بي وأن تتوقف عن الشعور بأنني مشغولة دائماً وبعيدة عنها.
لتحقيق الهدف الأول أخبرتها أن القوة ليست بالقدرات الجسدية فقط. استعنتُ حينها بمثلٍ قريب إلى عالمها الطفولي. وذكرتها ب”توم وجيري”. كان الحديث كالتالي: “أتذكرين من هو الأكبر؟ أليس القط توم؟ ومع ذلك من الشخصية التي تفوز دائماً؟ أليست الفأرة الصغيرة جيري؟”.
ضحكت وأجابت نعم، وبدأت تخبرني عن مغامرات توم وجيري وكيف يتغلب جيري على توم.
قد يبدو الحديث تافهاً لأشخاص لا يعتنون بمشاعر أطفالهم إلى هذا الحد. لكنني وصلتُ إلى هدفي. فقلتُ لها “أرأيتِ؟ القوة ليست بالحجم والقدرات الجسدية. الذكاء أيضاً مصدر قوة. وأميرتي ذكية جداً. بإماكنكِ أن ترمي الماء فيقع الوحش أرضاً. أو يمكنكِ أن تضعي خطةً فتجعلينه يهرب من المنزل. أنتِ تستطيعين القيام بهذا. أليس كذلك؟”
ضحكت وأجابت: طبعاً.
ثم انتقلتُ إلى الهدف الثاني: صغيرتي هناك أشخاص كثيرون يحبونكِ، والدكِ وأمكِ وجدتكِ وخالتكِ وخالكِ… إياكِ أن تظني أنه من الممكن أن نترككِ بمفردكِ. إن لم تنجحي في التغلب على الوحش، نادني في الحلم المقبل، وأعدكِ أنني سأكون هنا.
الباقي يتوقف عليّ، هل فعلاً سآتي في الحلم المقبل أم لا؟ هل تعرفون ما هو السبيل لإنقاذها في الحلم المقبل؟ التواجد في الواقع. الحل هو عبر التواجد بالقرب منها في الواقع.
مجدداً… أحلام صغارنا تجسد معاناة يعيشونها في صمت.. دققوا في التفاصيل.
سماح خليفة