الغيرة مرحلة انتقالية، ساعدوا طفلكم كي يعيشها بسلام.. لا تزيدوها سوءاً!
كنتُ في موعد لزيارة طبيب الأسنان. غالباً ما يحكي هذا الطبيب قصصاُ للمرضى أثناء عمله كي يجعلهم ينشغلون وينسون خوفهم من طبيب الأسنان عند انسجامهم في تفاصيل الحديث. إلا أن حديثه هذه المرة لم يعجبني أبداً! كان يخبرني أن ابنته التي تبلغ من العمر 4 سنوات بدأت تشعر بالغيرة من أختها الصغرى. ومن أولى العلامات أنها عادت تتبول في ملابسها الداخلية. أما المشكلة الثانية فأنها أصبحت ترمي نفسها أرضاً بعناد وتبدأ بالصراخ. فما كان له إلا أن بدأ يضربها على قدميها كلما رمت نفسها أرضاً، كي لا يسمح لها بالتمادي!
هنا أشرتُ إليه أن يتوقف قليلاً. وسألته وأنا بالكاد أستطيع أن أغلق فمي “تضربها؟!”. فأكمل قائلاً “طبعاً، أنا أكره العناد. وإن سمحتُ لها بتكرار هذه الحركة سوف تزداد عناداً”.
بعد أن انتهى من علاج ضرسي، سألته بهدوء “وهل نفعت هذه الطريقة؟”. نظر إليّ وهو يسجل اسم الدواء وصمت لثوانٍ ثم قال “بصراحة.. لم تنجح”.
لم يكن لدي ما يكفي من الوقت لمناقشته. لكن على الأرجح سؤالي كان كافياً لتوضيح وجهة نظري وربما لجعله يعيد حساباته بشأن تصرفه مع ابنته.
الغيرة شعور لا بد أن يعيشه أطفالنا ومرحلة لا بد منها في تطورهم ونموهم وتعلمهم لفهم عواطفهم وكيفية التعبير عنها. والضرب أسوأ رد فعل اتجاه سلوك طفلنا حين يشعر بالغيرة.
أسباب تجعل العقاب القاسي أو الضرب أسوأ طريقة للتعامل مع الغيرة:
- الضرب إهانة للطفل: الضرب يجعل الطفل يشعر بأنه ضعيف ويفقده ثقته بنفسه.
- من خلال ضرب الطفل سيتعلم أنها ردة فعل طبيعية حين ينفعل. وسينتقل السلوك تلقائياً لتجده يستخدم نفس الطرق مع إخوته أو أصدقائه وربما معك!
- سيضطر الطفل إلى قمع مشاعره، وسيعتبر أن التعبير عن مشاعره خطأ. وسترافقه هذه المشكلة طيلة حياته في علاقاته الاجتماعية وفهمه لمشاعره ومشاعر الآخرين.
- ستزداد الغيرة وسيصبح التعبير عنها أكثر عدوانية. كأن يضرب أخيه أو أخته حين يكون الأهل غائبين.
الحل البديل:
لا بد أولاً من تجنب الأهل للسلوكيات التي تؤجج غيرة الطفل: - أولاً لا يجب أن يشعر الطفل أنكما لا تتفهمانه… سيزداد الأمر سوءً
- ثانياً يجب أن يحصل الطفل على اهتمامكما قدر المستطاع
- ثالثاً لا يجب ألا تنصفوه لمجرد أنه الأخ الأكبر.. اللاعدل في المعاملة هو أكثر ما يؤجج الغيرة في قلب الطفل
التحدث مع الطفل ومساعدته على التعبير عن غيرته بالطريقة الصحيحة
أول ما أقوم به حين تقوم ابنتي بدفع أختها الصغرى، هو أن أتحدث معها وأسألها عن سبب تصرفها.. بعض إجاباتها كانت “لأنها تنام في قلبكِ ولا تنام في سريرها مثلي”. وإجابة أخرى كانت “لأنها تلعب مع أبي كثيراً”. حتى أنها ذات مرة أجابت “لأن أميرة تضطر إلى ترتيب الألعاب، فيما نايا هي التي ترمي كل الألعاب على الأرض”.
ثم أبدأ بإخبارها بأن أختها صغيرة وتحتاج إلى عناية، وأنها ستكون صديقتها المقربة حين تكبر. وأننا نحبها كثيراً. وأحياناً اعتذر عن تصرف غير مقصود جعلها تشعر بالغيرة إن تطلب الأمر ذلك. ثم حين أجد أنها هدأت قليلاً، أطلب منها بلطف الاقتراب من أختها وتقبيلها.
اليوم أميرتي تعتبر نفسها المسؤولة عن حماية أختها وعن تعليمها الألوان والأشكال وكلما تتعلمه في المدرسة.
تذكروا جيداً، الغيرة مرحلة انتقالية.. ساعدوا طفلكم كي يعيشها بسلام.. لا تزيدوها سوءاً.
سماح خليفة