عبارات تدمر طفلكم الصبي: “الرجل لا يبكي، الرجل لا يخاف، الرجل لا يتألم..”
المشكلة أنها جمل نستخدمها فعلاً مع أطفالنا الصبيان. نربيهم ونربي داخلهم مجموعة من المشاكل النفسية لا حصر لها، يظهرونها حين يكوّنون أسراً أو يصبحون أفراداً فاعلين في المجتمع.
الرجل لا يبكي، الرجل لا يخاف، الرجل لا يتألم…
ليتَ هناك من يستطيع أن يفسر لي لِمَ على الرجال ألا يبكوا؟ خلق الله الدموع ليستطيع الإنسان التعبير عن مشاعر عجزت الكلمات عن تفسيرها. من أنتم لتقرروا عنه طريقة التعبير عن مشاعره؟ مَن أنتم حتى تمنعوه من التعبير؟ الصبي يبكي، والرجل يبكي، وكل إنسان يحتاج إلى وسيلة للبوح عما في قلبه عبر الدموع من حقه أن يبكي.
أتدرون ما الذي تقومون به عبر استخدام هذه العبارات مع طفلكم؟ إليكم بعض العواقب:
جعل الطفل عرضة للاضطرابات النفسية
حين يترسخ في ذهن طفلكم أن التعبير عن المشاعر والتأثر أمام الناس عيب. سترافقه هذه الفكرة طيلة حياته، وسيصل إلى مرحلة يشعر فيها بالعجز عن التعبير فعلاً. لن يخبر أصدقائه عن ألمه فهذا عيب، لن يخبر زوجته عن مشاكله في العمل فهذا عيب. وبالتالي سيعاني من نوبات قلق واضطراب ومشاكل في النوم، إضافة إلى مشاكل نفسية أخرى لا حصر لها تنتج عن كبت المشاعر لفترات طويلة.
الرجل قوي بقسوته والمرأة ضعيفة بعاطفتها
تعلمونه أن الرجل قوي بقسوته فيما المرأة ضعيفة بعاطفتها. وهذه الفكرة بمنتهى السطحية. فعاطفة المرأة مصدر قوّتها. لدى المرأة قدرة خارقة على الحب والتضحية وتحمل قدرٍ لا حدود له من الألم والتعب لأجل أطفالها، مصدرها تلك العاطفة.
إن هذا القدر من الاستخفاف بالمرأة والأنثى يجعل طفلكم في المستقبل البعيد رجلاً يستخف بالنساء وبعقول النساء وقدراتهم، وربما يعطي نفسه الأحقية بالتحكم بزوجته أو توجيهها… وربما ضربها!
تراكم المشاعر السلبية والعدوانية
حين يعاني المرء من قدر كبير من الضغوطات النفسية، يصل إلى مرحلة يعجز فيها عن التحكم بتصرفاته وسلوكه. ومن هنا تنتشر ظواهر تعنيف النساء والجرائم. من التربية الخاطئة، من الكبت والقمع وجلد الذات.
لا تعاطف
ما الذي يرافق عدم التأثر وعدم البكاء.. جتماً عدم التعاطف. لا تتفاجأوا بعد هذا الكم من المفاهيم الخاطئة حين تجدون طفلكم عاجزاً عن التعاطف مع أمه حين تبكي، او مع والده حين يكبر في السن. أنتم ربيتم هذا الرجل القاسي، هذا الرجل الذي علمتموه أن القسوة رجولة، وافتخرتم بقسوته، سيكون من صنع أيديكم.
رسالة ضمنية… كل المشاعر ممنوعة إلا الغضب متاح
ما الذي تبقى؟ بعد حرمانه من الحزن والتألم والخوف والتأثر؟ لم يتبقَ سوى الغضب. لا تتفاجأوا أيضاً بمراهق يخرج من المنزل ويغلق الباب خلفه دون أن يخبركم إلى أين ذهب. أو بشاب يصرخ بوالديه الكبيرين في السن لأن الغضب متاح للرجال.
التربية الصحيحة تكمن في تعليم أطفالنا توجيه غضبهم والتعبير عنه بطرق مقبولة، وكذلك كافة المشاعر المختلفة.
أخيراً، توقفوا عن التفكير بأن تدليل الصبيان يخلق جيلاً “ضعيفاً، ناعماً..” من الرجال.
دللوهم، اغمروهم بالحب، عانقوهم كل يوم.. هكذا يكبر الطفل ليصبح طفلاً سوياً ومتوازناً نفسياً وقادراً على التعامل مع مشاعره ومع الناس.
سماح خليفة