يوم عرفت أنّ ابني مصاب بالسكري من النوع 1. انتبهوا إلى العوارض قبل فوات الأوان!
ابني مصاب بالسكري:
في 11 اكتوبر/تشرين الأول 2017، تغيّرت حياة ابني… إلى الأبد. كما تغيّرت حياتي أنا أيضاً. تم تشخيص إصابته بداء السكري من النوع 1. وفي غمضة عين، تحوّلت حياتنا إلى زلزال لم أستطع أن أرى نهايته.
دخل السكري بمكر إلى بيتنا وعلى غفلة منا. في بداية الخريف، لاحظت أنّ ابني يتردد بكثرة إلى الحمام: أحياناً كل نصف ساعة خلال النهار ومن 3 إلى 4 مرات خلال الليل، بهدف التبوّل. كما كان يشعر دائماً بالعطش! ويطلب الماء كل 5 دقائق! بعدئذ، بدأ يشعر بالجوع… طيلة الوقت.
لم يكن هذا كله من عادته. وتغيّر سلوكه أيضاً الذي بدأ يتأرجح بين التعب والحماسة. عزوت الأمر في البدء إلى التوتر والضغط النفسي الناجمين عن انتقاله إلى مدرسة جديدة. بعدئذ، فكّر والده، وهو ممرّض، في مرض السكري. قصدنا الصيدلية لإجراء فحص السكر، فتبيّن أنّ المعدل لديه هو 17 في حين أنّ المعدل الطبيعي يتراوح بين 4 و7. اقترح علينا الصيدليّ أن نتوجّه إلى الطوارئ… وبدأنا نشكّ في أنّ حياتنا ستتخذ منعطفاً جديداً.
التغلّب على الخوف من الإبر
وبين ليلة وضحاها، اضطر ابني الذي يبلغ من العمر 6 سنوات لأن يتغلّب على خوفه من الإبر والدم وأن يتعلّم كيف يخز طرف إصبعه ليقيس معدّل السكر في دمه 4 مرات على الأقل في اليوم الواحد وأن يتلقّى من دون شكوى 4 حقن يوميّة من الأنسولين. كما اضطر لأن يتقبّل حقيقة أنه لم يعد يستطيع أن يُكثر من تناول السكاكر والبسكويت وأنه لن يتمكّن بعد الآن من أن يأكل أيّ شيء يحلو له وفي أيّ وقت.
أما أنا، فوجدت نفسي ملزمة بأن أتعلّم كيف أعطيه حقن الأنسولين من دون أن أرتجف وأن احتسب نسبة السكر في كل ما يأكله ويشربه. ومنذ ذاك اليوم، أصبحنا نعيش وفقاً لجدول وجبات كبيرة ووجبات صغيرة صارم جداً لا يترك مجالاً للنزوات وللقرارات المرتجلة.
مرض غير معروف تماماً
أصبح طفلي الآن واحداً من 45000 طفل يتعايشون مع داء السكري من النوع 1. يظهر هذا المرض المزمن الأكثر انتشاراً بين الصغار، خلال فترة الطفولة أو المراهقة، لاسيّما بين سن الخامسة والرابعة عشرة. إنه مرض البنكرياس الكسول، كما شرحت لطفلي.
يهاجم جهاز المناعة لدى بعض الأطفال، ولسبب ما زال الطب عاجزاً عن كشفه، البنكرياس ويمنعه من أن يفرز الانسولين. وهذا الهرمون حيويّ لأنه يسمح بتوزيع السكر على خلايا الجسم. وعندما لا تحصل الخلايا على السكر بسبب غياب الأنسولين لا تجد أيّ طاقة للقيام بعملها. ومن دون انسولين، يعاني الجسم من نقص في الطاقة وينتهي به الأمر بالموت.
يبدو أنّ الإصابات بداء السكري من النوع 1 عند الأطفال تشهد ارتفاعاً منذ بضع سنوات، وذلك لسبب غير معروف حتى اليوم. وقد بيّنت دراسة جديدة أنّ عدداً متزايداً من الأطفال يصلون إلى المستشفى وهم يعانون من الحُماض الكيتوني السكري، وهي حالة من ضمن المضاعفات الحرجة والخطرة للسكري إن لم تُعالج في الوقت المناسب. تشهد هذه الحالات ارتفاعاً لأسباب مختلفة ومنها أنّ الأهل لا يعرفون جيداً أعراض السكريّ من النوع 1.
لا، الذنب ليس ذنب السكر
لم أستطع أن أمنع دموعي من أن تنهمر حين شرح لنا الفريق الطبيّ أنّ حياة ولدنا ستعتمد من الآن وصاعداً على حقن الأنسولين وعلى حسن إدارة استهلاكه للسكر.
ولعل الأسوأ، وما زاد الطين بلّة، هو أنّ الناس لا يدركون مدى خطورة هذا المرض. كم من مرة سمعت كلاماً من نوع: إذا تناول ولدك كمية أقل من السكر، فسيُشفى من السكريّ، أليس كذلك؟ حسن، الجواب هو لا! لا شفاء من السكريّ من النوع 1. وهو لا يتأتى عن نظام غذائي سيء وخاطئ، خلافاً للسكري من النوع 2 الذي ينتج إلى حدّ كبير عن أسلوب العيش.
بالتالي، يمكن أن نقي أنفسنا من السكري من النوع 2 وأن نجعله يتراجع وينخفض عبر اعتماد نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة. لكن هذا لا ينطبق على السكري من النوع 1 الذي علق ولدي في شباكه مدى الحياة. في الواقع، من الصعب أن نتقبّل فكرة أنّ ولدنا لن يُشفى من المرض إلا إذا تم اكتشاف علاج فعّال بعد 20 أو 30 سنة، لكننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق ذلك.
اليوم، عاد الهدوء نسبياً إلى حياتنا التي لم تعد مضطربة. لقد تعلّمنا وأصبحنا أكثر ثقة وبدأنا نتعايش مع داء السكري الذي أصاب ولدنا. الأمر ليس سهلاً لكن ولدي بطل، فقد فرض عليه السكري من النوع 1 قيوداً ونظام حياة صارماً، إلا أنّ المرض لا ينبغي أن يمنعه من تحقيق أحلامه. ابني الآن يريد أن يصبح مخترعاً ليخترع دواءً لعلاج السكري من النوع 1. فلمَ لا يفعلها؟