القدرة الخارقة التي يمتلكها الدماغ على تعديل اتصالاته لها فوائد، لكن ذلك يجعله أيضاً أكثر عرضة للخطر. التجارب الصعبة تؤثر على دماغ الطفل الصغير أكثر من تأثيرها على الأولاد الأكبر سناً. الأمر نفسه يحصل عندما لا يتلقى الطفل الصغير تحفيزاً أو يتلقى تحفيزاً ضئيلاً، يصبح نمو الدماغ وتطوره أقل سلامةً، بسبب عدم استخدام العديد من الخلايا العصبية.
هل تعلمون؟
ينمو دماغ الطفل بشكل جيد عندما يكون الطفل محاطاً بأشخاص يعتنون به بعطف واهتمام، وحين يتم تحفيزه ويعيش تجارب مختلفة.
لذلك فإن السنوات الأولى في حياته مهمة لنمو دماغه. لهذا السبب على الأهل أن يلعبوا دوراً مهماً. عندما تعتنون بطفلكم جيداً، وتمنحونه الراحة والحب، وتكلمونه وتلعبون معه، ستساعدون دماغه على النمو جيداً.
كما يحتاج طفلكم أيضاً إلى تناول الطعام والنوم جيداً. تشرح ميريام بوشامب مديرة مختبر علم النفس العصبي التنموي في جامعة مونتريال: “عندما ينام طفلكم، يكون دماغه مستريحاً، لكنه لا يكون غير نشط”. في الواقع، يقوي الدماغ الأمور التي يتعلمها الطفل عن طريق تخزينها في الذاكرة ويستمر في إجراء الاتصالات بين الخلايا العصبية”.
وما هو دور علم الوراثة
ما هو دور علم الجينات في تطور الدماغ؟ تشير الأستاذة المساعدة في قسم علم النفس بجامعة كونكورديا، ليندا بوجي إلى “أن تطور الدماغ يتم نتيجة تفاعل معقد بين الجينات والمكان المحيط الذي يكبر فيه الطفل. وهذا يحصل حتى في فترة الحمل. لذلك يحمل السياق الذي تتم خلاله فترة الحمل تأثيراً على جينات الطفل الذي سيولد.”
متى تنتهي مدة نمو دماغ طفلكم؟ لا يملك العلم بعد كل الإجابات على هذا السؤال. ومع ذلك نعلم بأن كل مناطق الدماغ تنضج عندما يصبح عمر المرء حوال 25 سنة. بعد تلك المرحلة، تستمر الاتصالات العصبية بالتكون والتفكك، لكن بشكل أبطأ مما يحصل في مرحلة الطفولة.
الضغط النفسي والتوتر: هل هما مضران للدماغ؟
أول يوم في رياض الأطفال، زيارة الطبيب، الانتقال إلى منزل جديد… عندما يمر طفلكم بحدث يسبب التوتر، يطلب دماغه من جسده أن ينتج الكورتيزول، وهو هورمون التوتر والضغط النفسي. هذا الهرمون يساعد طفلكم على التكيف مع الوضع والتعامل معه ومواجهته بشكل أفضل. وتفسر الأستاذة المساعدة في قسم علم النفس بجامعة كونكورديا ليندا بوجي في هذا النطاق “أن التوتر الطبيعي في الحياة اليومية مفيد. إنما يصبح التوتر مضراً حين تطول مدته ويحدث بشكل متكرر وحاد. وهنا نتحدث عن التوتر المزمن أو السام”. على سبيل المثال، يمكن لطفل تتم معاملته بشكل سيء ويشهد نزاعات عائلية شديدة أن يعيش نوعاً من التوتر المزمن.
هذا النوع من التوتر ليس جيداً لنمو دماغ الطفل. قد يتعرض الطفل بسببه بشكل أكير لمشاكل تتعلق بالصحة العقلية لاحقاً. لكن تطمئن ليندا بوجي قائلةً “لا يعني ذلك أن الأوان قد فات، فدماغ الطفل يتطور بسهولة”.
تظهر العديد من الدراسات أن العناية الجيدة والحب والعلاقات التي تحمل اهتماماً ورعاية في مرحلة الطفولة المبكرة قادرة على تعويض الآثار الضارة التي يتسبب بها التوتر المزمن.