الولد يكره أهله :
منذ فترة من الوقت، تم اكتشاف الرابط بين الخوف من الارتباط، الاضطرابات النفسية، القلق، الاكتئاب، وبين الطفولة.
ومع ذلك، حتى وإن كنا على دراية تامة بأن معظم مشاكلنا تنبع من طفولتنا، فإننا لا زلنا ندير ظهرنا ونتجاهل العلاقات بين الأهل والطفل. نكرر عادة عبارات كالتالية: “هما والداي، لقد قاما بالكثير من أجلي، يجب أن أمتنّ لذلك”. ولكننا لا نتحدث عادة عن المشاعر السلبية التي قد يكنّها المرء تجاه أهله.
يمكن لبعض الأمور التي يقوم بها الأهل أن تجعل الطفل يشعر بالقلق الذي قد يرافقه حتى يكبر.
عندما يصبح هؤلاء الأطفال بالغين، لا تربطهم علاقة وطيدة بوالديهم. هل يمكننا أن نلومهم؟ الإجابة هي كلا! في الحقيقة، لا داعي لأن تشعروا بالخزي أو الخجل إذا لم تكن علاقتكم مع والديكم ممتازة. عندما تكبرون في بيئة سامة ومؤذية، من الطبيعي جداً أن ترغبوا في الابتعاد عن هذه البيئة عندما تشعرون أن والديكم لا يقدمان لكم أية أمور إيجابية.
سنقدم لكم في مقالتنا هذه بعض الأمثلة عن السلوكيات التي تُحدث خللاً في العلاقة بين الوالدين والطفل.
النرجسية أو الأنانية
يلعب الأهل النرجسيون دوراً بالغ الأهمية في حياة طفلهم. هم يعيرون انتباهاً كبيراً للطريقة التي يدرس ولدهم بها وللصفوف التي يأخذها وللنجاحات التي يحققها.
يغذي هؤلاء الأهل غرورهم من نجاحات ولدهم. ولكن في الوقت عينه، هم لا يعتبرونه شخصية مميزة ومستقلة. في حال ارتكب أسخف الأخطاء أو حصل على علامة متدنية أو فشل في مسابقة رياضية، يخلق بينهم نزاع. يشعر عندها الطفل أنه يتعرض للضغط ويظن أنه غير جيد بما فيه الكفاية.
عندما يكبر هذا الطفل، يحاول الابتعاد قدر الإمكان عن أهله كي لا يعيش الضغط ذاته.
التلاعب بالطفل
يجيد الوالدان اللذان يتلاعبان بطفلهما جعله يشعر بالذنب عندما لا يحقق أهدافهما. غالباً ما يخبرانه: ” لو لم نلدك، لكانت حياتنا أفضل بكثير”.
تتسبب هذه الكلمات بالألم لمن يسمعها. من أجل محاربة شعور الذنب، عليكم أن تضعوا حدوداً لعلاقتكم مع والديكم وألا تسمحوا لهما بأن يتلاعبا بكم. ولادتكم ليست خياركم
السلطة المطلقة
يعتقد الأهل المهووسون بالسلطة أنهم يمتلكون الحق باختيار مهنة ولدهم والأشخاص الذين يجب عليه مرافقتهم وشريك حياته والوظيفة التي يجب عليه اختيارها.
هم لا يكترثون لحقيقة أن أطفالهم ليسوا صغاراً بعد الآن وهم بالغون وقادرون على اتخاذ قراراتهم بنفسهم. هذه الرغبة بالسيطرة والتحكم هي غير عقلانية. غالباً ما يبررها الأهل بـ “لأنني قلت كذلك”. يجد الأشخاص الذين يظلون تحت سلطة والديهم لوقت طويل، الكثير من الصعوبة لاحقاً.
هم لا يعانون من غضب يسكن أرواحهم بشكل دائم وحسب، بل يتعلمون كيفية التكيف مع رغبات الآخرين ظناً منهم أن حاجات غيرهم أهم من حاجاتهم الخاصة.
الإهمال العاطفي
لا يقوم الآباء والأمهات الذين يهملون أطفالهم عاطفياً بالتخلي عن ولدهم كلياً ولكنهم لا يولونه قدراً كافياً من الاهتمام.
عندما يكبر هؤلاء الأهالي في السن، هم ينسون لسبب أو لآخر أن أطفالهم لن يقدموا لهم الحب أو الاهتمام أو الاحترام الكافي. ولكن هذا أمر طبيعي وغير مفاجئ.
غياب التعاطف
- “لماذا تبكي كالأطفال؟”
- “انظر، ينظر الجميع إليك ويسخرون منك!”
- “لا تبدين جميلة وأنت تبكين، توقفي حالاً!”
يعتقد العديد من الأهالي أن احراج ولدهم لأنه يبكي هو السبيل الوحيد لمنعه عن البكاء.
ولكن كل ما ينتج عن هذا التصرف هو تحول الطفل إلى شخص متحفظ وخجول. من الطبيعي جداً أن يبكي الطفل عندما يتألم. يجب عليه أن يكون قادراً على التعامل مع المشاعر السلبية التي يشعر بها.
السخرية
عندما يسخر الأهل من اهتمامات ولدهم، يشعر الولد بالخجل ويرافقه هذا الخجل طوال حياته.
من أجل أن يحمي الأطفال نفسهم من هذا الأمر، يبدأون بالقيام بالأمر نفسه كرد فعل على ما يمرون به: هم يسخرون من ذوق أهلهم ولا يهتمون بمشاعرهم ونجاحاتهم.
إخبار الولد بأنه جاحد وغير ممتن
غالباً ما يلجأ الأهل الأكبر سناً للتلاعب بولدهم بالطريقة المشهورة: “لقد قمنا بكل شيء من أجلك وأنت غير ممتن وجاحد!”
هم يدركون القوة التي يتمتعون بها على أولادهم ويحاولون المحافظة عليها دائماً حتى بعد أن يبدأ طفلهم العيش بمفرده.
يمارس بعض الآباء والأمهات ضغطاً كبيراً على ولدهم ويبتزونه ويجبرونه أحياناً على الاختيار بينهم وبين أشخاص آخرين مقربين إليه.
في هذه المواقف، يبدو كل خيار كأنه خيانة. إذاً، الخيار الأكثر حكمة هو عدم الوقوع ضحية هذه التلاعبات وتعلّم كيفية الكفاح من أجل حقوقكم في نفس الوقت الذي تمتنون فيه لكل ما قدمه والداكم لكم.
انتقاد الطفل دائماً
يباشر الكثير من الأهل بانتقاد ولدهم كلما شعروا بالغضب أو خيبة الأمل أو حتى التعب. يساعدهم ذلك على التعبير عن مشاعرهم السلبية وإخفاء ضعفهم. كلما تحدث ولدهم، يجد هذان الوالدان شيئاً سلبياً أو مسيئاً في كلامه. مع مرور السنين، لا يختفي سلوك الوالدين هذا بل يزداد سوءاً أحياناً ويكبر الأطفال ويفقدون الرغبة في القيام بأي أمر حسن ومفيد لأحبائهم.
الخيانة
يعتبر إخبار سر ما لشخص بالغ خطوة كبيرة للطفل. هو عبارة عن اختبار سلطة ووسيلة بناء صداقة مع الأهل والحفاظ عليها.
إذا ضحك الوالد أو غضب من السر الذي أخبره ولده به بدلاً من أن يحافظ عليه، ثم باشر بإخبار هذا السر للجميع، ستضيع الثقة بين أفراد هذه العائلة للأبد. في كثير من الأحيان، يدفع ذلك الأطفال لكي يفقدوا الرغبة في التحدث مع والديهم عن أي أمر كان.
التمييز بين الأطفال
يحدث هذا الموقف بشكل كبير في العائلة التي يكون طفل ما داخلها محبوباً أكثر من غيره. على سبيل المثال، يتوقع الأهل من الطفل الأكبر سناً أن يحل محلهم ويوبخونه على كل صغيرة وكبيرة بينما يفلت الطفل الصغير من هذا العقاب.
قد يضطر الطفل الأكبر سناً أن يكون المثال الأعلى لأخيه الصغير. إذا لم يلاحظ الأهل هذه المشكلة، قد يخلق نزاع كبير بين الأشقاء.
السعي لتحقيق الكمال
“ماذا سيقول الآخرون؟”
“يعرفني الجميع في هذه البلدة. كيف سأنظر إلى أعينهم بعد الآن؟”يردد العديد من الأشخاص الأنانيين، الذي يهتمون بموافقة ورضا الآخرين عنهم أكثر من مشاعر أطفالهم، هذه الجمل باستمرار. تعميهم رغبتهم بتحقيق الكمال عن كل أمر آخر.
هل تظنون أن الأطفال قد يرغبون ببناء علاقة مع والدين لا يتقبلانهم؟ أظن أن الإجابة سهلة وواضحة.
الاهتمام الكبير بالمظاهر
يظن العديد من الأهالي أنهم قد أدوا دوراً ممتازا في حياة أطفالهم ببساطة لأنهم قاموا بتغذيتهم بشكل جيد وألبسوهم أجمل الثياب. يمكن للأهل أن يتواجدوا في حياة أطفالهم بشكل جسدي بينما يغيبون عنهم عاطفياً. عندما يكبر هؤلاء الأطفال، هم يشعرون أن واجبهم تجاه والديهم يتمثل بمساعدتهما مادياً وتأمين الطبابة لهما… لا ينبغي أن يتوقع الوالدان أن يقدم ولدهما لهما الدفء والاهتمام، ففاقد الشيء لا يعطيه.