عندما يسيء المعلم معاملة طفلكم في المدرسة. ماذا تفعلون؟

يسيء المعلم معاملة طفلكم

يذكّر الأخصائيان التربويان جان بيار بيلون وماري كارتييه بأنّ الثقة في النفس تُبنى برسائل متسقة ومشجّعة ومرحّبة. ويرى الكاتبان أنّ الوقاية من الآثار الضارة التي قد تتسبب بها إهانة شخص راشد آخر للطفل أو المراهق تفرض:

  • أن نبني معه علاقة مطمئنة عموماً حول مسألة التعلّم في المدرسة
  • أن نقدّم للطفل علاقة تحالف تسمح لنا بأن نفهم بشكل صحيح كيف يرى هو ما يعيشه.

علاقة التحالف بين الأهل والأولاد: التدخّل بتعاطف ومسؤولية عندما يحصل أيّ تحقير أو إهانة في المدرسة
علاقة تعاطف…

يعرّف جان بيار بيلون وماري كارتييه علاقة التحالف بين الشخص الراشد والطفل كعلاقة خالية من إطلاق الأحكام. في مرحلة التحالف، لا يسعى الراشد إلى توجيه الطفل أو المراهق نحو سلوك آخر ولا يعطي بالتالي النصائح. تستند هذه العلاقة إلى الإصغاء المتعاطف، المحترم، الذي يعزز الثقة بالنفس لدى الطفل ويساعده على الخروج من الوحدة والخوف. يهدف هذا النوع من العلاقات إلى تجنيد موارد الفتى، في إطار من الدعم المحبّ والفعّال الذي يسمح له بالتحرر من حلقة العذاب المفرغة.

في حال كان الطفل يتعرّض لسوء المعاملة من قبل أستاذ، فهو يحتاج لأن يشعر بأن أهله يقدمون له هذا الدعم. مما يعني الانضمام إلى الطفل في الطريقة التي يرى بها ما يعيشه، من دون محاولة إعادة صياغة المشاعر التي يُعبّر عنها أو التقليل من شأنها.

ليس علينا أن نفهم ما يجري بشكل موضوعيّ، بل أن ننظر بشكل جديّ إلى البعد الشخصي لتجربته بكافة تناقضاتها وأن نصادق عليها ونقرّها كما هي من دون إطلاق أيّ أحكام. تبنى كل علاقة تحالف على هذا المبدأ الأساسي: أن نقبل برؤية الأمور بعينيّ الشخص الذي يتحاور معنا. فالطفل الذي يروي مثلاً أنّ مدرّسه يضربه يجب أن يتم الإصغاء إليه بكثير من الصبر: سنكتشف تدريجياً ما إذا كان كلامه صحيحاً أم لا وليس عبر استجواب عقلاني ومشدد لا يمكن إلا أن يبلور أيّ كذبة محتملة أو أن يدفع الطفل إلى التراجع خوفاً من تبعات ما أسرّ به.”

… وتمكين

يظهر بعد التمكين في طريقة تصوّر المساعدة: يشكّل الطفل محور العمليّة ويبقى كذلك. لكن جان بيار بيلون وماري كارتييه يوضّحان كلامهما في حال وجود خطر حقيقي ينبّهنا ويجبرنا على أن نتصرف بشكل سريع وحازم. ثمة حالات حيث ينبغي أن نتدخّل لحماية الطفل ويمكننا بفضل علاقة التحالف الجيدة معه أن ندرك أنّ الوضع يتطلّب تدخّلنا. وفي هذه الحالة، يفضّل إعلام الطفل بالاجراءات التي سنتخذها (على سبيل المثال: تقديم شكوى أمام الشرطة، الاتصال بالمفتش التربوي، طلب اجتماع مع المدرّس وممثلي لجنة الأهل…).

ما يعنيه بيلون وكارتييه “بعلاقة تمكين” هو أخذ وجهة نظر عالم الطفل بعين الاعتبار (مخاوفه وإرادته)، مع الاستناد إلى حكمتنا كأشخاص راشدين. إنّ ايجاد هذه التسويّة المناسبة بنظر الطفل يضمن عدم خسارة ثقته، وعدم عزله في وحدته وآلامه غير المفهومة. فهذا الطفل هو من سيُضطر يومياً إلى مواجهة المدرّس المعني.

تتطلّب علاقة التحالف مع الطفل الذي يتعرّض للإهانة إذاً أن يجري الشخص الراشد المعني بها تواصلاً هادئاً مع المؤسسة التربويّة إذ يسمح له هذا بأن يوجّه الانتقاد إلى المدرّس الذي يسيء معاملة الطفل بطريقة عادلة وبنّاءة تفيد العلاقة التي ينبغي للطفل نفسه أن ينشئها مع المؤسسة التربويّة والطاقم التعليمي. بعد أن يشعر الطفل بأنكم تدركون تماماً رؤيته للمشكلة، يصبح من الممكن أن تسألوه عما ينتظره كمساعدة. يجب أن تبنى كل مساعدة على هذا الطلب أو السؤال المسبق الذي يترك أثراً محفّزاً لأنه يشرك المعني ويدفعه إلى تحديد توقعاته. وبالتالي، يمكن التحقق من توقّعاته: إن كانت غير واقعيّة ومتناقضة فلا بدّ من أن نتمكّن من إعادة النظر فيها.

إذا رفض الطفل أيّ تدخّل من الأهل وطالبهم بحزم بعدم التحدّث إلى المدرّس الذي يسبب المشكلة، فثمة احتمالين أمامنا:
  • إما أنّ الطفل يتلقّى، عند الشكوى للشخص الراشد الذي يقدّم له علاقة تحالف حقيقيّة، ما يكفي من المواساة والطمأنينة ليحتمل وضعه
  • وإما أنّ الطفل يخشى أن يقدم الراشد على تصرّف أخرق وهو يحتاج إلى طمأنته إلى أنّ هذا الأخير لن يتصرّف بطريقة تؤدّي إلى تفاقم المشكلة (ما من شأنه أن يؤدي إلى ردّ فعل انتقامي من المدرّس أو إلى عزل الطفل من قبل التلامذة الآخرين على سبيل المثال).

في بعض الأحيان، يحتاج الأهل الغاضبون جداً والمقتنعون بأنّ طفلهم يعيش الوضع بشكل سيء للغاية إلى التهدئة أكثر من الطفل.

ليس هناك تعليمات استخدام عالمية عندما يقرر الأهل التوجّه إلى المدرسة لرؤية مدرّس يسيء معاملة ولدهم. فخصوصيّة كل حالة تتطلب مقاربة مختلفة لأنّ الأولوية هي اعتماد استراتيجية فعّالة (تحترم كرامة الطفل وحقوقه، تتناسب مع خطورة الموقف، تلتزم بالقوانين المرعية الإجراء، لا تتزحزح عن المبادئ ولا تعتمد على العنف في الكلام والحركات). نذكّر بأنّ المضايقة والتحرّش يعاقب عليهما القانون. ويمكن للأهل الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن التصرّف في مثل هذه المواقف أن يستعينوا بلجان الأهل التي تنتخب في بداية العام أو بجمعيات أولياء أمر الطلاب.

التعليقات مغلقة.