فشل الطفل المفضل: حتى وإن كان من النادر أن يعترف الأهل أن لديهم طفل مفضل، يمكن للإخوة والأخوات أن يلاحظوا ذلك بسرعة. فالطفل المفضّل ينال فعلياً كل الاهتمام والعاطفة والتقدير. ودعونا نعترف بأنّ هذه الدينامية المطردة في حياته يعيشها كحمل ثقيل ومعاناة عاطفية.
لكن ثمة أمر يجب أن نأخذه بعين الاعتبار. الطفل المميز أو المفضل يعاني كذلك من تداعيات هذا التفضيل في حياته، ويمكن لهذه التبجيل غير المرئي أن يترك أحياناً بعض التأثيرات. سوف نفسر ذلك.
أطفال وحب من الدرجة الثانية
هناك الأطفال المفضّلون وهناك أولئك الذين يعيشون في عربة الدرجة الثانية. ويُلاحظ هذا التمييز في وقت مبكر جداً. يدرك الصغار بسرعة أن الطفل المفضّل يحصل على كل التقدير والدعم، بينما يتعين عليهم بذل جهد أكبر لسماع كلمات من مثل “أنا فخور بك” أو “أنا أحبك”.
ويجبرهم هذا على بذل الكثير من الجهد للفت انتباه الوالدين. وهم يبحثون بشكل يائس عن علامات الحب التي يسلبها الطفل المفضل منهم. لكن، ومع مرور الوقت، يتمكّنون من التكيف مع المركز الثاني ويكوّنون صورة سلبية عن أنفسهم.
علاوة على ذلك، هناك التنافس بين الأشقاء، وهي بذرة يزرعها الوالدان لأنهم يتعاملون مع أطفالهم بطريقة لا تخلو من التمييز ما يخلق هوّة دائمة بين هؤلاء الإخوة.
كما أنّ هدف كل طفل مفضّل هو أن يكون مثال النجاح في العائلة، مما يجعله يعيش أحياناً حياة مليئة بالتوتر والضغوطات والقلق والتعاسة.
الطفل المفضل ليس بالضرورة طفلاً سعيداً
في الواقع، غالباً ما يكون الطفل المفضل طفلاً حزيناً يعاني من الضغط الذي يسببه له والداه. وغالباً ما يعقد أهله آمالاً عظيمة عليه ما ينطوي على ضغط صامت: ضغط ناجم عن شعوره بأنّ عليه أن يبرع في كل شيء، وأنه من غير المسموح له أن يرتكب أي خطأ، وأنّ عليه تحقيق ما عجز والداه عن تحقيقه في حياتهم.
يُفرض على هؤلاء الأطفال المفضّلين أن يكونوا مثالاً للنجاح في الأسرة، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسيّة. فإن كان الإخوة والأخوات يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم، يشعر الطفل المفضّل بالعذاب واليأس. يمكن أن تؤدي المتطلبات العائليّة التي تتجاوز قدراته وعدم المحبة اتجاه إخوته وأخواته إلى إصابته بالقلق أو الاكتئاب في مرحلة مبكرة.
كما يمكن أن تظهر عوامل أخرى، كالحاجة إلى أن يصبح أكثر نضوجاً، وأن يكبر بشكل أسرع، وقد يعاني من خوف غير منطقي من الفشل الذي يسبب خيبة أمل لدى والديه.
لذلك، إن كان صحيحاً أننا كآباء وأمهات يمكن (في بعض الأحيان) أن نميل قليلاً إلى أحد أطفالنا، فلنحرص على ألا يتسم هذا الانسجام بالتمييز اتجاه اطفالنا الآخرين أو يشكّل ضغطاً من شأنه أن يسبب خللاً لدى طفلنا المفضّل.