حاجتك من الحب: يتعلم الطفل مما يشعر به عبر تواصله وتفاعله مع والديه، عبر حركاتهم وإيماءاتهم، عبر كلماتهم… يتعلم أن يهدئ نفسه ويصمت حين يشعر بالتوتر أو حين لا يكون على ما يُرام، وكيف يتحكم بعواطفه ومشاعره، وكيف يحددها أو يفهمها…
عندما لا تتم تلبية احتياجات الطفل العاطفية بشكل صحيح، يطور هذا الطفل شخصيته بطريقة معينة. فيرافقه هذا النقص طوال حياته ويبني حياته.. كما يحدد الطريقة التي يتواصل عبرها مع الناس وأسلوب حياته…
إذا كنتم قد افتقرتم إلى حب الوالدين واهتمامهم خلال طفولتكم، لا بد من أنكم قد اكتسبتم وطورتم هذه السمات الأربع التالية في شخصيتكم:
1- الشعور بعدم الأمان في العلاقة مع الآخرين:
يربي الأهل المتزنين المستقرين والمحبين طفلهم في جو من الحب والدعم. يعلمونه أن العلاقات مستقرة وودية. وأن العالم هو مكان لفرص الاكتشاف، وأن الناس يعتنون ببعضهم البعض.
ينقل الأهل الذين لا يمكن الوثوق بهم عاطفياً صورة توحي بأن العلاقات غير آمنة وأنه لا يوجد شيء مضمون في حياتنا. إن أطفال هذا النوع من الأهل يصبحون أشخاصاً قلقين يتوقون إلى الحب والإتصال.
يبني أطفال الأهل القاسين أو العدائيين نوعاً من السياج (الدروع) من حولهم ويصبحون أشخاصاً يحاولون أن يكونوا مستقلين قدر المستطاع. يصبحون أشخاصاً يتجنبون التعلق بأي ثمن.
من ناحية هم يحتاجون إلى الحب والتقرب من الآخرين، ومن ناحية أخرى هم خائفون – لأن فكرة الرفض والتخلي والتعرض للأذى ترعبهم. وذلك يؤثر بشكل سلبي على جميع أشكال العلاقات طيلة حياتهم سواء كانت علاقات الحب أو الصداقة.
2- ذكاء عاطفي محدود
يتعلم الطفل ما يشعر به عبر التفاعل مع والديه، عبر حركاتهم وكلماتهم…. يتعلم كيف يهدئ نفسه حين يشعر بالتوتر أو حين يشعر أنه ليس على ما يُرام. يعلم الأهل طفلهم كيف يعبر عن مشاعره، كيف يسميها، كيف يتحكم بها، كيف يتعامل مع مخاوفه ومشاعره السلبية.
إن نشأة الطفل في بيئة غير صحية وغير مستقرة تجعل الطفل بالنتيجة غير قادرٍ على تنظيم عواطفه بشكل صحيح. فهو إما يغرق في تلك المشاعر، أو يبني جداراً من حوله.
كلا الأسلوبين يعكسان عدم الأمان ويعيقان تحديد المشاعر وتكوين الذكاء العاطفي.
يعتبر الكثير من الخبراء أن الذكاء العاطفي أهم بكثير من معدل الذكاء العقلي أو الخيرة في مجالٍ ما. أولئك الذين يتمتعون بهبة الذكاء العاطفي قادرون على توجيه حياتهم والتحكم بها بطريقة ذكية.
على سبيل المثال، بناءً على ردود الفعل الماكرة للآخرين، يمكنهم التنبؤ بما سيحدث أو التصرف بمهارة شديدة مع شخص ما لتوجيهه كما يريدون.
3- شعور مضطرب بالذات
منذ الولادة، حين يبدأ طفل بالتعرف إلى الأشكال من حوله، يتعرف إلى وجه والديه. بالتحديد، تعابير وجههما. التعابير الحنونة اللطيفة توحي للطفل بأنه مقبول.
كما لو أنها تبعث له الرسالة التالية “أنت رائع وأنا أحبك كما أنت”.
بينما وجوه الأهل التي تظهر نقص الحب أو الإهتمام تجعل الطفل يشعر بأن فيه عيوب. إن تجنب طفل أو تجاهله أو إهماله يؤدي إلى جعله يشعر بألا قيمة له.
إن الأهل الذين ينتقدون طفلهم باستمرار، يخلقون لديه شعوراً بأنه لن يكون أبداً جيداً بما فيه الكفاية. كل هذا ينعكس لاحقاً في حياته حين يصبح راشداً ويؤدي إلى ظهور صورة مشوهة عن الذات، وعن القيمة والقدرات.
4- انعدام الثقة بالآخرين
للتمكن من الوثوق بالآخرين، يجب أن يثق المرء بأن العالم في الأساس هو مكان آمن. وأن الناس الذين يعيشون فيه بمعظمهم يحملون نوايا جيدة حتى لو كان لديهم عيوب.
مع الأهل غير الموثوق بهم عاطفياً، أو أولئك الذين ينتقدون كثيراً أو يتصرفون بعدوانية شديدة، يرى الأطفال العلاقات الشخصية على أنها شيء غير مستقر وخطير.
يرون أن الأشخاص الذين يعيشون في محيطهم أشخاص غير آمنين. وبالتالي، لا يتمكنون من الوثوق بهم، خاصة أثناء الاتصالات الوثيقة مثل علاقة الحب أو الصداقة.