لا تستطيعون أن تعرفوا أبداً كمية الزئبق في طعامكم
وخصوصاً أنه، في نفس نوع السمك، يمكن أن تتغير كمية الزئبق الموجودة بحسب المكان الذي اصطيدت فيه !
التروتة أو السلمون المرقط مثلاً لديها سمعة طيبة. لكن تلك الني تعيش في البحيرات الكندية هي من ضمن الأسماك الأكثر تلوثاً بالزئبق في العالم !
حتى الاسماك الصغيرة، التي تحتوي زئبق أقل، ليست بمنأى عن هذه الاختلافات : نجد أن كمية الزئبق في السردين والأنشوفة التي اصطيدت في البحر المتوسط 4 أضعاف تلك المصطادة في المحيط الاطلسي…كما أن كمية الزئبق في أسماك الرنكة المصطادة في بحر الشمال هي 10 أضعاف مثيلتها الموجودة في المحيط الاطلسي !
انتبهوا إلى أن الأسماك “العضوية” لا تحميكم بشيء من الزئبق…بل أحياناً ما يحدث هو العكس ! فالسلمون النرويجي العضوي “Agir” يحتوي من الزئبق سبع أضعاف ما يحتويه سلمون “Pescanova” الذي اصطيد في المحيط الأطلسي.
لا تدعوهم يغشونكم بمقولة المفاضلة بين “المخاطر والفوائد”
بكل بساطة لأن السمك الدهني (السلمون، السردين…) يحتوي كميات كبيرة من الأوميغا 3، وهي أحماض دهنية مفيدة لصحة قلبكم ودماغكم.
وبما أن هناك احتمال أكبر بكثير أن تموتوا بأمراض القلب من أن تموتوا بأمراض لها علاقة بالزئبق، فإن السلطات المعنية تفضّل أن لا تنهاكم عن تناول هذه الأسماك لأن فائدتها أكبر من خطرها.
هذه المقولة صحيحة بشكل خاص بالنسبة لأولئك الذين يتغذون كل يوم على البيتزا، المعجنات، التشيبس والبسكويت. بالنسبة لهم، استهلاك القليل من السمك مهما كان هو تقدم معتبر.
لكن بالنسبة لكم قرائنا وقارئتنا الأعزاء، الذي تولون انتباهكم لنظامكم الغذائي، يجب أن تعرفوا أن هناك خياراً ثالثاً.
ألا تحبون الحصول على فوائد الأوميغا 3 بدون مخاطر الزئبق ؟
هذا ممكن تماماً إذا أكلتم بشكل منتظم البيض الغني ب “الأوميغا 3″، الذي هو بيض مصدره طيور تتغذى ببذور الكتان. بالمقابل، لا تعتمدوا على الزيوت النباتية الغنية بالاوميغا 3 (الكتان، الجوز…). إنها مفيدة ولكنها لا تقدم لكم الاوميغا 3 من أصل حيواني وهي التي تحتاجونها.
وفي كل الحالات، يمكنكم أن تلجأوا إلى كبسولات الاوميغا 3 المتوفرة في الأسواق.
بالمجمل، من الواضح أنكم ستكسبون دائماً من تناول الأسماك المدهنة إذا لم تكونوا تتناولون الاوميغا 3 من مصدر آخر. لكنكم إذا استطعتم أن تجدوا مصدراً آخر لهذه الأحماض الدهنية الثمينة، لماذا تعرّضون أنفسكم لخطر الزئبق ؟
الدرس الحزين لأطفال الأسكيمو.. النساء الحوامل معنيات خصوصاً بهذه الكارثة.
دماغ الجنين بحاجة إلى الأوميغا 3 لينمو. لكن يجب أيضاً، وبشكل حتمي، أن نحمي دماغه من سمية الزئبق.
حتى وقت قريب، كنا نتخيل أن فوائد الأوميغا 3 تفوق الأضرار التي يتسبب بها الزئبق. لكن هذه “الآمال” قضت عليها الدراسة المعمقة التي جرت على قبائل الأسكيمو في نونافيك، التي تستهلك الكثير من الأسماك الغنية بالأوميغا 3 وبالزئبق.
أولاً، برهن الباحثون أن أولاد الأسكيمو الذي يمتلكون معدلاً مرتفعاً من الزئبق والرصاص في دمهم منذ الولادة، كان معدل إصابتهم بعارض فرط النشاط ونقص الانتباه ثلاثة أضعاف الأولاد العاديين.
ثم اكتشفوا عند نفس الأولاد الذين كان لديهم معدل زئبق مرتفع منذ الولادة، أن معدل ذكائهم IQ أقل ب 5 نقاط من الأولاد الآخرين، وهذا ما يثبت لأي درجة يؤذي الزئبق نمو الدماغ عند الأجنّة.
لا تظنوا أن معدل الزئبق عند هؤلاء الأولاد أعلى بكثير مما عندنا. كان المعدل الإجمالي مشابهاً للمعدل عند الشعوب التي تتناول الكثير من السمك.
لهذامن الأفضل أن تأخذ النساء الحوامل الأوميغا 3 في كبسولات (مثل ما يحدث مع الفيتامين B9) وتمتنع عن تناول الأسماك وثمار البحر بشكل كامل.
ونفس النصيحة تنطبق على كل الذين صحتهم ضعيفة.
تناول السمك والإصابة بالسكري !
يجب أن نفهم جيداً أننا نتأثر بالزئبق بشكل أقل أو أكثر، بحسب تاريخنا الشخصي وآسلوب حياتنا.
من البديهي أن رجلاً عمره 25 سنة وبصحة جيدة، يمارس الرياضة 3 مرات في الاسبوع، يتعرض للشمس بانتظام، يأكل كمية من الخضار المضادة للأكسدة ولا يعاني من التوتر والضغط النفسي في حياته، لن يواجه أي مشكلة في تنظيف جسمه من الكمية البسيطة من الزئبق الموجود في السردين، إذا كان يأكل منه مرتين أو ثلاث في الأسبوع.
لكننا لسنا كلنا في نفس المستوى.
ربما كانت أمعاؤكم مثقوبة أو كبدكم بحالة صحية سيئة. أو ربما كان لديكم، بدون أن تعلموا، عدم قابلية وراثية تمنعكم من التخلص من المعادن الثقيلة بسهولة.
خذوا هذه الدراسة التي اختار فيها الباحثون شباباً وتابعوهم لمدة تقارب ال 20 سنة…لقد اكتشفوا أن أولئك الذين ابتلعوا زئبق أكثر، ازداد خطر إصابتهم بالسكري النوع الثاني بنسبة %65 !
هذه النتائج تبعث القشعريرة في الجسم، لأن هؤلاء الذين أصيبوا بالسكري كان نظام حياتهم هو الأكثر صحة ! فقد كانوا يأكلون “جيداً”، كانوا يمارسون الرياضة، لا يعرفون زيادة الوزن. لكنهم كانوا يأكلون الكثير من السمك.
وهذا ليس كل شيء : برهنت دراسة أخرى منشورة في سنة 2015 أن التعرض الزائد للزئبق مرتبط أيضاً بخطر أعلى في الإصابة بمرض ذاتي المناعة.
لقد قلت لكم إنني سأصيبكم بالإحباط…وهذا لم ينته بعد ! لأن هناك ملوثات أخرى غير معروفة ستزيد الوضع سوءاً.
لنبدأ بمادة PCB المشهورة…