لماذا يرفض أولادنا جسمهم ؟ وكيف نساعدهم على أن يتقبلوا أنفسهم كما هم ؟
لماذا يرفض أولادنا جسمهم ؟
لقد أدركت خلال مسيرتي أن عدم حب الذات يعود بالأساس إلى مرحلة الطفولة. فالطريقة التي ينظر بها محيطنا إلينا (الوالدان، والأستاذ، والطبيب…) تترك بصمة قويّة علينا. وتؤثّر على علاقتنا بذاتنا على مرّ السنين.
يعتمد أطفالنا علينا ويبنون ثقتهم بأنفسهم بفضل تشجيعنا لهم وتسامحنا معهم.
بالنسبة للطفل ولنا أيضًا، فإنّ جسمه يعتبر الرابط الأوّل له مع الآخرين ومع محيطه. إذ يسمح له بأن يتحرّك، ويشعر، ويلمس، وكذلك بالتعبير عن المشاعر من خلال المحفّزات التي ترسل إلى الدماغ. ولقد أظهرت دراسة أجريت على القرود سلوكًا توحّديًّا وإنعزالًا عندما حرموا من الإتّصال الجسدي. وهذا يبيّن مدى الترابط الوثيق بين الجسم والدماغ والمشاركة مع الآخرين.
مخاطر عدم تقبّلنا لجسم طفلنا
عندما يعتاد الطفل على أن يُطلق الأحكام على مظهره من قبل الآخرين، فذلك يكوّن لديه سلوكًا للدفاع عن نفسه مؤذيًا له، ولعلاقته مع الآخرين:
- يصبح إتّكاليًّا في نظر الآخرين
- يصبح شديد التأثّر بالنقد ومن الصعب عليه أن يتراجع عن ذلك
ويصبح من الصعب عليه أن يكون لديه القدرة على النقد الذاتي ولا يعرف كيف يميّز بين تصرّفاته وشخصيّته. - من الممكن أن يتولّد لديه الكره لجسمه في سن المراهقة أو في وقت متأخّر في مرحلة البلوغ
- من الممكن أن يتملكه الشعور المستمر بالغيرة من الآخرين.
ولقد كشف لنا ليز بوربو في كتابه “الجروح الخمسة التي تمنعك من أن تكون نفسك”، أن الجسم يتّخذ خصائص مرتبطة بجروح الماضي. كما لو أن هذا الجسم لديه قناعًا يستعمله ليحمي نفسه من الجروح العاطفيّة. وذكرت سيّدة الأعمال أوود دو توان ،التي أنشأت عدّة شركات، أنها كانت تقف دائمًا منحنية خجلًا. إذ كانت أمّها توبّخها بسبب حجمها الكبير، وتقول لها “لقد وجدتِ وسيلة أخرى من أجل جذب إهتمام الآخرين!”
وهذا يبيّن مدى تأثير نظرتنا تجاه أولادنا.
كيف نظهر تقبّلنا لجسم طفلنا
- منذ الأشهر الأولى من حياته دلّكوا جسم طفلكم
- لا تقلّلوا من شأن المشاكل الصغيرة عند طفلكم. حتّى الألم في البطن قد يدلّ على شيء. شجّعوه على البوح بما يزعجه وما يشعر به.
- إفصلوا ما بين تصرّفاته وشخصه. إنّه تصرّف أحمق أن يقلب الكوب، ولكنه ليس هو الأحمق!
- قولوا له إن ذلك أمر طبيعيّ. ليس لأن وركيه ضيّقان جدًا عليكم الذهاب إلى جميع المتاجر بحثًا عن السروال المناسب، وليس لأن قدميه كبيرتين يجب شراء مقاسين أكبر. لا! إنّ معايير المجتمع هي المحدودة جدًا.
- علّموه الإسترخاء. إن أطفالنا يعيشون حياة مُتعِبة مثلنا. يجب أن تكونوا قادرين على التركيز عليه، والإصغاء إليه، وإدراك أهميّة جسمه. ولِمَ لا يقوم الأطفال بتمارين اليوغا التي تعود بالفائدة على صحتهم ؟
- تعلّموا أنتم أيضًا أن تحبّوا أنفسكم
هذا صحيح! عليكم أنتم أيضًا أن تتعلّموا أن تحبّوا أنفسكم أكثر. عند اهتمامكم بعلاقتكم مع جسمكم، ستتمكّنون بطبيعة الحال من إظهار العطف تجاه جسم طفلكم.
- إنتبهوا إلى جسمكم. خذوا وقتكم بالتواصل معه، أصغوا إليه، ولا تصمتوا عند الإنزعاج.
- حرّروا أنفسكم من ماضيكم لكي لا تنقلوا لأطفالكم جروح الماضي.
- تعلّموا عدم إطلاق الأحكام على الآخرين. مما يسمح لكم بإعادة تأهيل الحسّ النقدي لديكم، والنقد الذاتي. النقد سهل بالنسبة لنا جميعًا، ولكن تعلّموا أن تنظروا إلى الأشياء بطريقة مختلفة لكي تغيّروا هذه العادة.
- أنظروا كم أن الحياة جميلة. الطبيعة، والضحك، ومغيب الشمس؛ هناك العديد من معجزات الحياة التي لم نعد نلاحظها في الوقت الحاضر. أنظروا إلى الأشياء بمنظار مختلف.
تزداد المعايير بُعداً ! كل شيء يصبح مهذبًا، ومعدّلًا ويزداد بعدًا عن الطبيعة، وعن الأشياء التي تجعلنا رجالًا ونساءً طبيعيين وجميلين.
- علينا أن نساعد أطفالنا على بناء إحترامهم لذاتهم، وألّا يدعوا الإملاءات تضعهم موضع الشك بروعة المخلوقات التي نحن منها جميعًا.
- علينا أن نساعدهم كي يشعروا بالرضى في حياتهم.
إذا لم يحبّوا أنفسهم لن يتمكّنوا من مَنح الحب للآخرين.
لماذا يرفض أولادنا جسمهم؟ سؤال على كل أم وأب أن يطرحوه على أنفسهم.. فإن كان لديكم آراء في هذا الموضوع نتمنى من موقع التربية الذكية أن تذكروه في التعليقات.