ابنكم المراهق يشتمكم، كيف تتعاملون معه؟ (1)
تحليل الوضع
لم يكن ابني البكر قد بلغ الثانية من عمره حين خرجت من بين شفتيه الناعمتين الشتيمة الأولى التي وجهها إلى والده!
يومذاك، قلنا إنّ ثمة مشكلة لربما، حتى وإن بدت الكلمات ظريفة لاسيما وأنّ الأحرف لا تخرج من بين شفتيه بالشكل الصحيح. لكن ابننا راح يكرر ما يسمعه من دون أن يفهمه. لذا، كان علينا أن ننتبه أكثر لما نتلفّظ به. إن كانت اللغة “غير المنمّقة” مقبولة (أم لا) في عائلة ما، إلا أنّ الأمر يختلف عندما يتعلق بالكلام البذيء أو الشتائم.
بعد سنوات قليلة، إذا ما وجّه ابنكم المراهق شتيمة إليكم أو استخدم عبارة بذيئة في بداية أو نهاية كل جملة من جمله أو شتم أخاه أو أخته، إذا ما شتمكم عند أقل انزعاج، فستثورون وتغضبون!
ترى آمي سبيدل، وهي مدربة أهل مجازة، أنّ الظاهرتين تعودان للسبب نفسه. وتقترح أربع مراحل للخروج من هذه الأوضاع الدقيقة.
لا احب أن تخاطبني بهذه الطريقة
عندما يشتمكم الابن المراهق، تأخذون المسألة بشكل شخصي وتقولون في سرّكم: “لا أستحق أن يعاملني بهذه الطريقة”.
لعل الطريقة الأكثر شيوعاً من بين الطرق المختلفة لاستخدام الشتائم، هي عندما تنطلق الكلمة من بين شفتينا ونحن في قمة الانفعال.
إذن، يستخدم المراهقون كما الراشدون الشتائم عندما لا يجدون ما يقولونه أو يفعلونه للدفاع عن انفسهم.
عندما يحصل هذا، غالباً ما نشعر بأننا نُهاجم ولا ندرك أنّ الولد يتجاوز الحدود لأنه يعجز عن التحكّم بعواطفه وانفعالاته. كيف تتعاملون مع ولدكم المراهق إذا ما وجّه إليكم إهانة قائلاً: “أنت… (ما تفوّه به)…؟”
عليكم أولاً أن تدركوا حالته العاطفية، والتحدّي الذي يوجّهه إليكم. وبدلاً من أن تبادلوه التحدّي وتنضموا إليه في النزال: “لا يمكنك أن تتكلم معي بهذه الطريقة، أيها… (ما لن تقولوه له)…”… اهدأوا… تنفسوا بعمق، وقولوا له:
“لا احب أن تكلمني بهذه الطريقة.”
“يبدو أنك تحتاج إلى بعض الوقت لتتمالك نفسك. بعدئذ، سنتحدث مجدداً.”
دعوه يبتعد لبعض الوقت كي يتمكن من السيطرة على أعصابه. ويهدف هذا الوقت المخصص لالتقاط الأنفاس إلى تجنيب الطرفين التلفّظ باتهامات جارحة أو بالاهانات بسبب الانفعال الشديد.
هذا الموقف قاسٍ عليّ
عندما يشتمكم ابنكم المراهق، من الصعب ألا تعتبروا الأمر شخصياً لأنه يظهر تصرّفه وكأنه هجوم شخصي. تشعرون بالخيانة وكأن ثمة ما يفصلكم عن ولدكم الذي يُفترض به أن يحبكم وبالتالي ألا يهينكم.
لقد اعطيتموه الحياة وأنتم تهتمون لأمره كثيراً، وها هو يستخدم كلاماً قاسياً جداً يوجّهه لكم. لذا، تشعرون بأنّ هذه الكلمات تجرحكم وتلك النظرة أيضاً، كما يتملككم شعور بالفشل.
لعل ابنك قال لك في طفولته: “أكرهك”. تذكر/تذكري أنك أجبت بهدوء: “أنا أحبك وسأحبك دائماً”. وإن قال لك “لا أريد أن تكون أبي/أمي”، أجبت بسكون: “سأكون دائماً أباك/أمك، وسأكون دائماً بقربك وسنداً لك”.
أما المراهق المتعب من تجاربه الداخلية، فلا يعرف غالباً إلا وسيلة واحدة كي يفهمكم ما يختبره وهي أن يجعلكم تعيشون ما يعيشه. يودّ أن تشعرون أنتم أيضاً بأنكم مثقلون بالأعباء، عاجزون ولا تجدون من يفهمكم.
ولئلا تزيدوا الوضع سوءاً، يمكنكم أن تقولوا لولدكم التالي:
“هذا الوضع صعب عليّ. يبدو لي أنه ينمّ عن عدم احترام كبير. سأبتعد لبعض الوقت.”
افعلوا هذا، اعزلوا أنفسكم في غرفة ثانية لبضع دقائق. تنفسوا بعمق وهدئوا دقات قلبكم. ركّزوا على تنفّسكم ومن ثم ركّزوا على ما جرى للتو. هل الكلمات التي تلفّظ بها ولدكم موجّهة إليكم فعلاً؟ ألا يشعر ابنكم المراهق أنه عالق في وضع خرج عن سيطرته؟ إنه يشعر بالإحباط ولا يعرف كيف يخرج من هذا الطريق المسدود.
ستعودون إلى ابنكم المراهق عندما تشعرون أنكم في حال أفضل. عندئذ، ستتمكّنون من ارشاده ليتجاوز هذا الانفعال بدلاً من تأنيبه. في الواقع، الشتائم ليست سوى تعبير عنيف عما يشعر به في لحظة محددة.