«إني مؤمن بقدرات ابنك» : آمَنَ، الفعل ذو الوجوه المتعدّدة
«إني مؤمن بقدرات ابنك»
لا يحمل الفعل “آمَنَ” دائماً المعنى نفسه، فأحياناً يكون محمّلاً بطاقة إيجابية وأحياناً أخرى يكون محمّلاً بطاقة سلبية محطِّمة ومحبطة إذا ما استُخدم هذا الفعل بالنفي وحمل معنى الشك.
ماتيو شاب يحمل شهادة في القانون والأدب الحديث واللغات الأجنبية، يبحث عن مجال مهني يتمكّن من النمو فيه وكسب رزقه. لقد أمضى ستة أشهر في مكتب كاتب عدل وأربعة أشهر في مركز لإعادة تأهيل الشباب الجانحين وإعادة دمجهم في المجتمع، وثمانية أشهر في شركة معلوماتية، وهو لا يزال متعطّشاً لتوسيع معرفته لكنّه لم يجد بعد المهنة المناسبة له. فتسجّل في صف للمسرح ليأخذ استراحة قصيرة من بحثه المتواصل.
وفجأةً سطعت موهبته في التمثيل وفرضت نفسها عليه. أمّا أستاذه فرانسيس، وهو ممثّل قديم مخضرم، فلم تسعه الفرحه: أخيراً وجد اللؤلؤة النادرة. برهن الأستاذ لتلميذه «بالوقائع والأرقام» أنه قد خُلق للتمثيل وأقنعه بدخول عالم الفن. تقول والدة ماتيو، التي لم تكن ترى أبداً مستقبل ولدها من هذه الزاوية: «إنها مهنة غير مستقرّة! كيف سيكسب رزقه؟ هنالك الكثير من البطالة في هذا المجال!»
سيّدة لوروا، توقّفي عن القلق، إنها حياة ابنك لا حياتك أنت، وقد نجح تماماً في تدبّر أمره حتى الآن! لديه قدرة مدهشة على التكيّف، أنت تعرفين ذلك أكثر مني. بالمقابل، ما لا تعرفينه هو أن المسرح يجري في عروقه، إنه ممثّل بالفطرة، لقد خُلق لهذه المهنة! أنا أدرّس التمثيل منذ أكثر من عشرين سنة ولقد مرّ عليّ ممثلون مقبولون وآخرون رديئون جداً، ولكنّ الممثلين بمثل موهبة ابنك لا يتعدّون عدد أصابع اليد الواحدة! سيّدة لوروا، إنّي مؤمن بابنك! وبالموهبة التي لديه وإني مقتنع كليّاً أنه بالتدريب المناسب، سيلقى مستقبلاً باهراً!
رضخت والدة ماتيو لرغبة ولدها، فيَقين الأستاذ الراسخ قد تغلّب على اعتراضاتها. تركت السيدة لوروا ابنها يرتقي خشبات المسارح في جميع أنحاء البلد طوال سنوات عدّة. وقد وصل ماتيو إلى مصاف الكبار في هذا المجال وأصبح مخرجاً يكتشف بدوره المواهب الجديدة.
عندما ينقل فعل «آمن» الإيمان ويبثّ اليقين يصبح عندئذ محمَّلاً بطاقة منتِجة. لكنّ هذه الطاقة المنتجة يمكن أن تصبح طاقة محطّمة بمجرّد أن يكبت فعل «آمَنَ» الإيمانَ ويستبدله بالشكّ: «لا أؤمن بقدرتي على النجاح».