لِمّ العلاقات هامة لأطفالك الصبيان؟
لِمَ التواصل والعلاقات هامة للصبيان؟
قبل سنوات عدة، بدأت مجموعة من الأطباء والأطباء النفسيين والباحثين في دراسة مسألة هامة. بدا أن معدلات المشاكل السلوكية والعاطفية بين الأطفال والمراهقين آخذة في الارتفاع ولم يستطع أحد أن يفسر السبب، علماً أن الوضع المادي يتحسّن في البلاد. فلِمَ يعاني الأولاد أكثر؟
لاحظ العديد من الذين راقبوا حياة الأميركيين في القرن الحادي والعشرين أن وتيرة الحياة العائلية تتسارع بشكل مثير للقلق. فمن الشائع (ومن الضروري غالباً) اليوم أن يعمل الأب والأم خارج المنزل وأن يمضي الأولاد جزءاً كبيراً من سنوات عمرهم الأولى في مراكز الرعاية. وحتى عندما تجتمع العائلة معاً، يبدو أن ما من وقت للتواصل بشكل حقيقي وصحيح، فكل فرد لديه جهاز التلفزيون الخاص به وحاسوبه وهاتفه الخلوي فضلاً عن الأعمال المنزلية الروتينية. ويتبع العمل الأهل إلى المنزل فيما ينشغل الأولاد بالنشاطات الخارجية وبالواجبات المدرسية. لا بأس بتعدد المهام إلا إذا أصبحت التربية مجرد مهمة أخرى على لائحة الأمور التي ينبغي القيام بها.
تحذير! يعاني أكثر من 8% من طلاب الصفوف الثانوية في بعض البلدان من الاكتئاب الحاد؛ ويعاني الأطفال من القلق اليوم أكثر من مرضى الطب النفسي في الخمسينات كما يعاني 21% من الأطفال الأميركيين ما بين سن التاسعة والسابعة عشرة من اضطرابات عقلية أو إدمانية. ويمكن أن تنجم هذه المشاكل عن انعدام التواصل مع أشخاص راشدين.
ثمة طرق عدة لمساعدة الأطفال على تنمية إحساس سليم وصحي بالانتماء والأهمية. ومن بين هذه الطرق: التشجيع والإصغاء وتمضية الوقت معاً والتربية الفاعلة والمحترمة وتعليم المهارات اللازمة للحياة. لكن دعونا نعود أولاً إلى البداية ونلقي نظرة على لحظات الحياة الأولى مع ابنك.
التواصل مع ابنك
يقول الباحثون اليوم إنّ دماغ الإنسان مبرمج منذ الولادة من أجل مهمة محددة: التواصل مع أدمغة أخرى. إذا كنت والدة صبي فهذا يعني أنت. يعبّر آلان ن. سكور، دكتوراه في الطب من كلية دايفيد غيفين للطب في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، عن ذلك كالتالي: «لقد ولدنا كي نشكّل ارتباطات كما أن أدمغتنا موصولة لتتطور بالترادف مع أدمغة أخرى عبر التواصل العاطفي الذي يبدأ قبل النطق بالكلام».
بمعنى آخر، يحتاج ابنك للتواصل معك بقدر ما يحتاج الطعام والأمان والمأوى. عندما تحملينه وتهدهدينه وتنظرين في عينيه تساعدين دماغه على أن يطوّر مجموعة الأنظمة اللازمة للعلاقة والتعلّم في المستقبل. لعلك تتذكرين أن الأطفال من الصبيان هم أكثر ضعفاً من الفتيات على الصعيدين العاطفي والجسدي. يحتاج ابنك إلى الكثير من الحنان والوقت والاهتمام والانتباه كي ينمو ويكبر.
إنشاء التعاون
تخيّلي للحظة سيناريو مألوف. الوقت هو أواخر فترة بعد الظهر. طفلك يأخذ قيلولته ولا يزال في مهده. أنت في المطبخ تستعدين للعشاء والأمسية التي تنتظرك. فجأة، تسمعين بكاء طفلك. ماذا تفعلين؟ حسن، تتجه معظم الأمهات وبشكل غريزي نحو غرفة النوم ليكتشفن ما يجري. لعل ابنك استيقظ لتوه وهو يتوق لأن يُحمل ويدلل! لعله جائع أو مبتل! أو لعله أصيب بالحمى أثناء نومه ويشعر الآن بالتعب!
تتدخل غريزة الأمومة عندما تحملين ابنك وتنظرين إليه. وعلى الرغم من أن إشارات الأهل كلهم تتعطّل من حين إلى آخر، إلا أنك تعرفين معظم الوقت ما عليك أن تفعليه. يستمتع الأهل المهتمون وأطفالهم بما يسميه الباحثون التواصل التعاوني ويبدو أنّ هذا التواصل هو أهم كتلة بناء في تطوّر الدماغ والارتباط الآمن فضلاً عن كونه إحدى المهارات التربوية القليلة التي نجدها في كافة الحضارات المعروفة.
لنفترض أن شيئاً ما أعاق هذه العملية. لنفترض أن صوت التلفزيون منعك من سماع بكاء طفلك أو لعلك مكتئبة ومتعبة ولا تشعرين بأيّ رغبة في السير إلى غرفة ابنك لتري ما الأمر. قد تظنين أنه جائع في حين أنه مبتل في الواقع أو لعلك لم تنتبهي إلى أنه مصاب بالحمى أو بطفح. في هذه الحالة، لن تتمكني من تلبية حاجات الطفل، وهذا ليس بالتواصل التعاوني. ما من أم كاملة! وستتلقين الرسالة بشكل خاطئ من حين إلى آخر مهما بذلت من جهد. لكن، طالما أن ابنك يتعلّم أنك تستمعين إليه وتهتمين لأمره وأنك ستبذلين قصارى جهدك لتلبي حاجاته، فسيكبر وينمو وينجح.
وقائع التواصل التعاوني يعني أنه تم تلقي إشارة الطفل وفهمها وأن الأم تتجاوب معها بالشكل المناسب. عندما يكون التواصل بين الأم والطفل مبنياً على الاهتمام، ينمو الطفل وتصبح علاقته بوالديه أقوى. إن الاستماع إلى طفلك والتجاوب معه هما أهم ما يمكنك أن تقومي به من أجله.
بما أن الفتيات يسبقن الصبيان على صعيد تطور المهارات الانفعالية والاجتماعية، فمن الضروري أن تستمعي لابنك وتلمسيه وتتحدثي إليه وتتواصلي معه. إنه يحتاج إلى علاقة معك كي يصبح شاباً سعيداً ومنتجاً.