تضع الطفلة الصغيرة المكياج:عندما تسألكم طفلتكم الصغيرة ما إذا كان بإمكانها أن تضع المكياج، كيف تجيبونها؟ أنا أبدي اهتماماً خاصاً بهذا السؤال، لأن لدي طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات. لا بد أنكم تظنون أن فتاة بهذا العمر ما زالت صغيرة جداً لتضع المكياج. ولكن ربما أنتم لا تريدون أن تمنعوها تماماً من استخدامه. في الواقع، هي قد تستخدمه دون علمكم. إذن، ما العمل عندها؟
إذا كنت أماً، فأنت تتذكرين بالتأكيد أول تجربة لك مع مكياج والدتك. ألقى الكثير منا نظرة على حقيبة مكياج والدتنا وجربنا أحمر الشفاه، ملمع الشفاه، والماسكارا. حتى وإن منعتنا والدتنا عن ذلك، تبقى تلك اللحظات من أجمل أوقات طفولتنا. ما زلت أتذكر أيضاً أول مرة ارتديت فيها واحداً من فساتينها، مجوهراتها، ومكياجها. نظرت أمي إليّ وكأنني مهرج. في الوقت نفسه، ربما قد بدوت كذلك بملابسها الضخمة ومكياجها المسرف.
الآن، نرى الكثير من مستحضرات التجميل في المحلات والصيدليات، خاصة تلك المخصصة للفتيات الصغيرات. مؤخراً، أطلقت Zara أيضاً أحدث إصداراتها: المكياج للأطفال. تتضمن المجموعة ألوان باستيل للوجه، فرش مكياج ملونة، وطلاء أظافر للأطفال… سيظن البعض أن لا حرج في ذلك، بينما سيتخذ البعض الآخر موقفاً يقضي بمنع استخدام الأطفال للمكياج.
بالنسبة للعديد من الفتيات، المكياج طريقة مسلية للتعبير عن أنفسهن. ومع ذلك، فإن رؤية الفتيات اللواتي يرتدين ملابس أنيقة في سنهن في المجلات أو على وسائل التواصل الاجتماعي قد يجعلهن يرغبن في استعمال المكياج في وقت أقرب مما تريده الأمهات.
ما هي إذن أفضل إجابة قد تقدمونها؟
طرحت هذا السؤال على عالمة نفس. إليكم ما الذي أخبرتني إياه.
بدلاً من تقديم إجابة بسيطة حول ما إذا كان يجب على الأطفال شراء المكياج ومتى بإمكانهم القيام بذلك… وبدلاً من معرفة ما إذا كان عليكم السماح به… يمكنني أن أقدم لكم منظوراً آخر. لا يتعلق الأمر بما نقدمه للأطفال، بل بطريقة وكيفية تقديمنا له. في حال فرضنا التجميل على الطفل، فهذا لن يجعله سعيداً. في الواقع، في هذه الحالة، نحن نفرضه من أجل أنفسنا ولنشر الصور على مواقع التواصل الإجتماعي. في هذه الحالة، الإجابة هي” كلا”: لا يمكن السماح بالمكياج للأطفال الصغار.
أعتقد أنه لا يوجد أي والد قد يرغب بأن يفرض على طفله فكرة أنه ليس جميلاً بما فيه الكفاية كما هو، وأن المظهر الخارجي والعناية الشخصية هما الأهم، أو أنه ينبغي عليه أن يتظاهر بأنه يحب أمراً ما ليرضي والديه. ومع ذلك، قد يتلقى الطفل هذه الرسالة بالضبط بفعل سلوك الوالدين. لا ينعكس الأمر بشكل إيجابي على نظرته لذاته، للعالم، أو على علاقته مع والديه. دعونا نلقي نظرة على مسابقات جمال الأطفال في الولايات المتحدة الأميركية!
ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن طريقة القيام بذلك مهمة للغاية.
من ناحية أخرى، لا يجب أن تبالغوا في غضبكم تجاه مكياج الأطفال. معظم الفتيات، وبعض الصبيان أيضاً، يستخدمون مكياج، ملابس، أو حتى طلاء أظافر أمهاتهم ليجربوها. لا علاقة لذلك برغبتهم في أن يصبحوا أجمل، بل هو متعلق بالتماهي مع الوالدين، وهو أمر يحدث بشكل خاص في مراحل معينة من تطورهم السليم.
يتعلم الأطفال السلوك في عالم جديد ومجهول، من خلال تقليدنا. وبنظر الأطفال، الأهل هم القدوة الرئيسية. هم يقومون بتقليد الوالد من نفس الجنس، ولكن هذا ليس الحال دائماً. وبالتالي، سيحاول الأطفال الذين يرون والدتهم تضع المكياج، أن يضعوا منه أيضاً، تماماً كما سيحاول من يطهو والديهم أن يحصلوا على لعبة مطبخ. سيرغب الأطفال الذي يقود والديهم سيارة، بسيارة صغيرة… وهكذا! قد يحاول الطفل أيضاً تقليد شخصيات كرتونية يجد نفسه فيها يقوم بأمر ما، أي ليس والديه وحسب. لا ينبغي عليكم دفع الطفل للتوقف عن القيام بذلك إذ إنه لا يضره أبداً.
بشكل عام، من المهم أن يكون السبب الرئيسي لتجربة الأطفال للمكياج هو اللعب.
في هذه الحالة، يمكننا القول إن حملة Zara هي نجاح باهر! إذن، إذا كانت طفلتكم ترغب بالحصول على المكياج، لا ضرر في تجربته. ولكن يجب أن يحدث ذلك بهدف اللعب والتسلية، من خلال الرسم والإستمتاع به بصرياً، دون وجود قواعد حول كيفية وضع ظلال العينين أو أحمر الشفاه. لا يجب أن يكون الهدف منه أن يبدو الطفل أجمل! قد يكون مكياج الأطفال ملائماً اكثر لبشرة الأطفال وأفضل لجيبة الأم.
من ناحية أخرى، من الأفضل أن يكون للطفل شيء خاص به. يساعد ذلك الأم على تجنب التوتر لأنها لن تضطر بعد الآن إلى أن تحذّر الطفل كل دقيقتين كي لا يُتلف المستحضرات. عندما يضع الطفل المكياج، من الأفضل أن تعلقوا على الجهد الذي يبذله، المرح الذي يخوضه، الألوان التي يستخدمها… من الضروري جداً أن تتجنبوا العبارات التالية: “واو! كم تبدين جميلة الآن، لقد أصبحت فتاة حقيقية!”. يمكن للطفل أن يستخدم المكياج مع والدته. في الواقع، يمكن للأم وإبنتها اللعب معاً و إزالة المكياج من على الوجه بعد ذلك بلمسات ناعمة وخفيفة.
أرغب في أن أوضح نقطة معينة:
إذا أراد الصبي أن يكتشف أكثر حول عالم المكياج، أو أن يقوم “بالطلاء على وجهه كما تفعل أمه” مثلما يقول الأطفال، لا تشعروه بالخجل وتخبروه أنه مخصص للفتيات. هو يرغب بالاكتشاف وحسب. وبالنسبة لمعظم الصبيان، سيزول هذا الاهتمام بسرعة. بدلاً من المكياج الكلاسيكي، بإمكانكم أن تجربوا “طلاء الوجه” (المصنوع من مكونات معتمدة)، حيث يمكن للعائلة بأكملها استخدامه: الأطفال، الأم، والأب! لا يمكن لتجربة المكياج أن تكون مشكلة، وإنما هي فرصة للتواصل الاجتماعي، التعرف على الذات بطريقة إيجابية، اللعب، المتعة، التبادل، والرقة.
التعليقات مغلقة.