لماذا يجب أن تضع كل أم حجراً على رف مطبخها !!!
كانت استريد ليندجرين شخصاً مدهشاً. لم تكن فقط مؤلفة قصص جنيات، لكنها كانت أيضاً محاربة شرسة من أجل العدالة. لم تكن تخاف من التعبير عن نفسها وكانوا يصغون إليها. في سنوات ال 1970، كانت العقوبات الجسدية ضد الأطفال جزءاً لا يتجزأ من التربية. ولكن أستريد كانت على اقتناع راسخ بالشر الذي تتسببه في تربية شخص سليم.
في سنة 1978، عندما منحت جائزة نوبل للسلام في ألمانيا، ألقت محاضرة انتشرت في جميع أنحاء العالم. شرحت، مستخدمة كلمات بسيطة، أن جذور العنف التي تودي البشرية إلى الهاوية، موجودة في بدايات الحياة : في الطفولة. الطفل الذي يتلقى الدرس الأول في العنف من أهله، يعتقد أن هذا هو الحل الوحيد الذي يمكن استعماله للمشاكل.
نحن في موقع التربية الذكية نتفق معها بالكامل وننشر هنا جزءاً من المحاضرة التي قادت السويد إلى أن تكون البلد الأول في العالم الذي منع رسمياً العنف الجسدي ضد الأولاد.
“منذ بدايات البشرية على هذا الكوكب، عرفت النزاعات، الحرب والعنف. عالمنا الهش في خطر دائم. قد يكون حان الوقت لنتساءل إذا لم تكن أفعالنا اليومية هي التي تقودنا إلى هذه النزاعات؟ كيف يمكننا أن نحسّن هذه العدوانية الدائمة ونتخلص منها ؟
أظن أننا يجب أن نبدأ من الأساس، يعني من الأطفال ! إنهم هم الذين سيحكمون الكوكب قريباً وهم الذين سيقررون إذا كانوا سيتخذون العنف مساراً أو سيعيشون في فرح وسلام.
أتذكر التأثير الذي تركه عليّ هذا الاكتشاف المفاجئ : الناس الذين يحكموننا هم أناس عاديون وطبيعيون، أناس لا يملكون لا هبة إلهية مقدسة ولا حكمة خارقة. إنهم مثلنا، بنقاط ضعفهم وعواطفهم، لكن السلطة في يدهم. لماذا يتخذ هؤلاء الأشخاص قرارات سيئة هكذا ؟ هل هم “أشخاص سيئون” بالفطرة ؟
لا أعتقد. الأولاد لا يولدون لا جيدين ولا سيئين. لكن عندها ما الذي يحدد إذا كان هذا الكائن البشري سيكون منفتحاً ورحوماً أو ذئباً وحيداً قاسياً ومريراً ؟ إنهم نحن، الأهل، الأشخاص الذين عليهم واجب تعليم الولد ما هو الحب. أو، بدون قصد، العكس.
ذات يوم، قابلت زوجة كاهن. روت لي أنها، عندما كانت صبية وأنجبت طفلها الأول، لم تكن تؤمن بفعالية العقوبات الجسدية، رغم أنها كانت عادة منتشرة إصلاح سلوك الأولاد ب”قوة اليد” في ذلك العصر.
لكن، رغم هذا، عندما بلغ عمر ابنها 4 أو 5 سنوات، ارتكب حماقة جعلتها تقرر أن تقوم بإصلاحها جسدياً للمرة الأولى في حياتها، رغم كل مبادئها. فأرسلته ليبحث لها عن عصا في خارج المنزل لهذا الغرض.
تأخر الولد في العودة، وعندما عاد، كان وجهه مبللاً بالدموع. قال : “ماما، لم أجد عصا، لكن إليك هذا الحجر، تستطيعين أن ترميه عليّ”.
في هذه اللحظة فهمت الأم فجأة كيف يبدو الوضع من وجهة نظر الصبي : إذا أرادت الماما أن تؤذيني، فلا يهم الطريقة والأداة، الحجر سيقوم بهذا الدور أيضاً.
وضعت الأم ولدها في حضنها وبكيا سوية. وضعت الحجر على رفٍّ في المطبخ لتتذكر دائماً أن العنف ليس حلاً.
ستتساءلون أحياناً :”لكن إذا توقفنا عن معاقبة الأولاد جسدياً، هل سنربي جيلاً جديداً من البشرية، هل سنصبح فوراً أخياراً وستنتهي الحروب ؟” بالتأكيد لا. وحدهم كتّاب قصص الأطفال يمكن أن يصدقوا هذه المثاليات. هذا العالم البائس يحتاج إلى الكثير الكثير من التغييرات وإعادة التشكيل.
لكن أولادنا ينظرون إلى التلفزيون، يرون الاعتداءات المتعددة التي تحدث في العالم، ويتخيلون أنها الطريقة الوحيدة لمعالجة كل المشاكل..نستطيع، منذ الآن في منازلنا، أن نعلّمهم أن هناك طريقاً آخر. هذا ما نستطيع أن نفعله لهذا العالم.
كلنا بحاجة إلى حجر على رف مطبخنا ليذكرنا أن العنف ليس حلاً. لا للعنف !”
أستريد ليندجرين
إذا وجدتم هذه المقالة التي قدمناها لكم من التربية الذكية مفيدة، لا تترددوا في مشاركتها مع غيركم من الآباء والأمهات.