رحلت جدّتي منذ بضع سنوات عن عمر يناهز 92 سنة.
وقبل وفاتها أعطتني علبة من الكرتون مليئة بأشياء متنوّعة احتفظت بها من أجلي لأنها كانت تعرف أنني سأقدّرها.
من بين هذه الأشياء دقتر قديم من الجلد كانت تسمّيه “دفتر إلهاماتها”.
في هذا الدفتر دوّنت أمورًا أثّرت فيها خلال حياتها: أفكار وخواطر وأقوال وكلام أغنيات..إلخ.
وقبل أن تموت علّمتني جدّتي أشياء لن أنساها أبدًا.
خلال مراهقتي كانت تقرأ لي دائمًا مقاطع من دفتر اليوميات هذا. وكنت أصغي إليها بهدوء وبعد أن تنتهي كنت أمطرها بأسئلتي حول ما قرأته عليّ.
وقد أصبحت ما أنا عليه اليوم بفضل ما أغدقته عليّ من الحكمة.
واليوم أرغب بأن أتشارك معكم 6 مقاطع من هذا الدفتر وهي المقاطع التي أثّرت فيّ أكثر:
1- اتركوا الماضي وراءكم وامضوا قدمًا نحو المستقبل
مهما حصل معكم ومهما كانت الأمور التي تعيشونها ثقوا دائمًا بالمستقبل.
تذكّروا أن النور يبرز في الطرف الآخر من النفق.
لا تعتبروا الأمور التي لديكم مكتسبة ولا تعتبروا أي شيء أنه مكتسب ولا تنتظروا أي شيء من المحيطين بكم أو من الحياة بشكل عام.
قوموا دائمًا بأفضل ما في وسعكم من أجل السيطرة على العناصر التي يمكنكم أن تسيطروا عليها أما بالنسبة إلى الباقي فاتركوا القرار للحياة.
لماذا؟ لأنكم عندما تقومون بكل ما في وسعكم لا نفع للمحاربة.
إذا كان على ما حصل أن يحصل سيحصل مهما كان أو ستدلّكم الحياة على ما يجب أن تفعلوه فيما بعد.
2- يمكن للحياة أن تصبح سهلة من جديد
بكل بساطة عليكم أن تركّزوا على شيء واحد في الوقت نفسه.
ليس عليكم أن تفعلوا كل شيء على الفور. وبالطبع ليس عليكم أن تفعلوا كل شيء الآن!
تنفّسوا وعيشوا اللحظة الحاضرة وقوموا بكل ما في وسعكم مع ما هو موجود لديكم.
في جميع الحالات إعلموا أن ما تقدّمونه للحياة ستعيده إليكم الحياة بوفرة.
3- كونوا على حقيقتكم ولا تنتظروا أن يفهمكم الآخرون
قولوا الحقيقة دائمًا حتى عندما يرتجف صوتكم وأنتم تفعلون.
عندما تكونون على حقيقتكم تضيفون شيئًا جميلًا إلى العالم، شيئًا لم يكن موجوداً من قبل.
لذا استمرّوا على الطريق الذي اخترتموه ولكن استمرّوا واثقين بأنفسكم ورافعين رأسكم.
لا تنتظروا أن يفهم الجميع الطريق الذي اخترتموه لا سيّما الأشخاص الذين لم يكونوا يومًا في المكان الذي تريدون الذهاب إليه.
4- لستم الشخص نفسه الذي كنتم عليه في الماضي ولا بأس في الأمر
كأي شخص لا بدّ أنكم مجروحين وشهدتم الكثير من الصعود والهبوط في حياتكم.
هذه التجارب ساعدتكم على أن تصبحوا ما أنتم عليه اليوم.
على مرّ السنوات حصل الكثير من الأمور: أمور غيّرت وجهات نظركم وأمور لقّنتكم دروسًا مهمّة وأمور دفعتكم إلى تطوير ذهنكم.
على مرّ الوقت لا يبقى الإنسان الشخص نفسه ولا بدّ أن بعض الناس سيقولون لكم إنكم تغيّرتم. فقولوا لهم “بالطبع تغيّرت. فهذا جزء من الحياة. ولكنني ما زلت الشخص نفسه ولكن أقوى بقليل من الماضي.”
5- كل ما يحدث في الحياة يساعدكم على التقدّم حتى ولو كان من الصعب فهم ذلك. في بعض الأحيان
ظروف الحياة تدير طريقكم وتصحّحكم وتجعلكم مثاليين مع الوقت.
مهما حصل معكم لا تنسوا أن تحافظوا على ثقتكم بالحياة.
لا تنسوا أن أرفع خيط يمكنه أن يلتفّ حتى يصبح حبلًا متينًا.
في جميع عواصف الحياة يبقى الأمل مرساتكم الوحيدة.
كونوا على ثقة وانتظروا إلى أن تغيّر الرياح مجراها: لا بدّ من أنها ستوصلكم إلى الشواطئ الآمنة.
6- لا تسعوا إلى أن تصبحوا أثرياء بل إسعوا إلى أن تصبحوا سعداء
هكذا عندما تشيخون ستفهمون القيمة الحقيقية للأشياء وليس ثمنها.
ستدركون أيضًا أن أفضل اللحظات التي تسعدكم هي اللحظات التي لا تتطلّب أي شيء مميّز أو محضر سلفاً. وهكذا ستقدّرون اللحظة الحاضرة. اشعروا بالإمتنان ولا تبحثوا عن أي شيء آخر ولا أي شيء إضافي.
هذه هي السعادة الحقيقية.
