من المدهش أن نرى لأي درجة قد يغير أقل شيء كل توجهكم في الحياة. بالنسبة لي، كان الأمر مجرد كلمات لطيفة من امرأة لا أعرفها أبداً.
كنت خارجة من حصة الرياضة الخاصة بالأمهات، أمسك ولدي بيد ومقعد مولودي الجديد باليد الأخرى. فتحت باب السيارة وانطلق ابني نحو الموقف، لقد أفلت بكل بساطة من يدي وهرب.
لحسن الحظ، نجحت في الإمساك به قبل أن يبتعد، بدون أن يقع مولودي الجديد، ولكنني سقطت أنا بذاتي، مزقت بنطلوني وخدشت ركبتيّ.
جلست على الرصيف وبكيت. كنت مرتاحة لأن كل شيء بخير، لكنني كنت أشعر بأنني متعبة ومستنزفة إلى حدٍ كبير. عندها اقتربت مني أم كانت معي في الحصة ولكنني بالكاد أعرفها.
انحنت على ركبتها نحوي، وضعت يداً على ظهري وقالت :”أنت لا تفعلين شيئاً خطأ. كل ما هناك أنه صعب جداً”.
في هذه اللحظة، بشعري المبلل على وجنتيّ الغارقتين بالدموع والألم الوامض في ركبتيّ، جعلتني أفهم أن هذا لم يكن خطأي. وأن الأمور ستظل مضطربة حتى ولو كنت أبذل أفضل ما بوسعي كل يوم.
بصفتنا أمهات، نبدأ غالباً بالاعتقاد أنه إذا كان هناك شيئ ما ليس على ما يرام، فهذا بسببنا.
- “يبدو أن الأمهات الأخريات فهمن هذا، فلماذا أنا لا؟”
- “لو كنت أقل توتراً، لما حدثت هناك مشكلة”
إذن عزيزتي الأم ، أريد أن أقول بصوت عالٍ وقوي : هذا ليس خطأك.
إذا حاولت بأي ثمن أن تقللي الوقت الذي يمضيه أولادك أمام الشاشات، فلا يعود عندك وقت للاتصال، لتحضير العشاء أو للاسترخاء، فأنت لا تفعلين شيئاً خطأ، الأمر بكل بساطة صعب.
إذا أمضيت ساعات طوال اليوم تغسلين، تطوين وترتبين، ولكن الارض تعود كل مساء مغطاة بالألعاب والفتات والجوارب الصغيرة، فأنت لا تفعلين شيئاً خطأ، الأمر بكل بساطة صعب.
وإذا رغبت بالركض 5 كلم، لكنك لم تستطيعي أن تخصصي حتى 5 دقائق للتمرين، ومن المتعذر عليك الذهاب إلى النادي، فهذا ليس خطأك، الأمر بكل بساطة صعب.
إذا سمعت الكثير من النصائح المتناقضة من كل الجهات، لدرجة أن هذا أضعف ثقتك بحقيقة أنك أفضل شخص يتخذ قرارات تتعلق بولدك، فأنت لم تفعلي شيئاً خطأ، الأمر بكل بساطة صعب.
وإذا في كل مرة فاتك إنجاز شيء من قائمة مهماتك، أضفت إليها مهمتين إضافيتين، فأنت لم تفعلي شيئاً خطأ، الامر بكل بساطة صعب.
إذا كنت تحبين عملك لكنك تشعرين أنك لا تستطيعين أن تخصصي له كل اهتمامك، فأنت لا تفعلين شيئاً خطأ، الأمر بكل بساطة صعب جداً.
إذا كنت لا تحبين عملك، ولكنك لا تستطيعين أن تتركيه لأنك بحاجة للمال، فأنت لا تفعلين شيئاً خطأ، الأمر بكل بساطة صعب.
وإذا كنت تعتقدين أنك تريدين أن تتفرغي للأمومة في المنزل، ولكنك اكتشفت أن هذا ليس ما كنت تعتقدينه حقاً، فأنت لا تفعلين شيئاً خطأ، الأمر بكل بساطة صعب جداً.
في اللحظة التي أحسست فيها أنني أخفقت تماماً رأت هذه المرأة الغريبة أماً منهكة تجاهد بكل قواها كي تهتم بأولادها، حتى لو كانت تنزف وتبكي على الرصيف. لقد رأتني أكثر وضوحاً مما أرى نفسي، رأتني أماً أقوم بعمل رائع.
إذن عزيزاتي الأمهات، دعوني أقول لكن :
- العثور على وقت عندما تكونين أماً أمر صعب.
- الحفاظ على العلاقات الاجتماعية عندما تكونين أماً أمر صعب.
- الحفاظ على المنزل نظيفاً عندما تكونين أماً أمر صعب.
- تخصيص وقت للتمارين الرياضية عندما تكونين أماً أمر صعب.
- اتخاذ القرارات عندما تكونين أماً أمر صعب.
- الموازنة بين المهنة والمسؤوليات الأمومية أمر صعب.
أحياناً يكون الأمر صعباً جداً. ليس لأنك تتصرفين بطريقة خاطئة، ولكن هذه هي الحالة بكل بساطة.
مجرد أن تستمري، أن تبقي لطيفة، أن تواصلي التنظيف، أن تواصلي التخطيط وأن تحبي رغم كل شيء، هي قوتك الخارقة. أنت تمارسين العمل الأصعب في العالم مع التفاني في العطاء والحب، وليس هناك خطأ في هذا.