عندما تفقد الأم أعصابها فتصرخ على طفلها..ماذا تفعل حينئذ ؟

0

جولي شديدة الإهتمام بالتربية الإيجابيّة، وقد قرأت العديد من كتب التربيّة. وتعتبر هذا الأمر رائعًا بالفعل، وهي استخدمت هذا الصباح عددًا من الطرق من أجل حلّ الخلاف الذي حصل اليوم.

انكسرت قطعة البسكويت، وهنا بدأت المأساة. ضرب ولدها أخته في السياّرة لأنها كانت تغنّي ولم يعجبه الأمر. وعندما حان وقت تنظيف الأسنان، قامت الصغيرة بالتدحرج على الأرض ورفضت ذلك، ثم ضربت أمها وقالت لها إنّها شرّيرة، فكانت هذه القشّة التي قصمت ظهر البعير. فصرخت على ابنتها.

بعد أن نام أولادها شعرت بالندم. من الواضح أنها تخطّت الحدود التي حدّدتها لنفسها. فهي تعلم أن الصراخ على طفلها لا فائدة منه، ويؤثّر سلبًا على علاقتها به…فما الذي يجب فعله الآن؟
وأنتم؟ لربما قد مررتم بموقف مشابه لموقف جولي؟

في هذه المقالة، سنقدّم لكم بعض الحلول لمساعدتكم في هذا النوع من المواقف.
أهلًا بكم في نادي البشر

أوّلًا، أودّ أن أؤكّد على ما أقوله دائماً: أهلًا بكم في نادي البشر. لأنه نعم، قد تكونون قد قرأتم الكمّ الهائل من الكتب. بإستطاعتكم تدريب نفسكم، والعمل على ذاتكم. لكن هذا لا يغيّر حقيقة أنّكم إنسان. وأنّه أحيانًا يمكن أن يسيطر علينا التوتّر.

لذلك يجب عليكم أوّلًا أن تكونوا متعاطفين ومتسامحين مع نفسكم. تذكّروا كل ما فعلتموه من أجل أولادكم.
النزعة إلى الشعور بالذنب تصبح أكبر، لدينا كآباء، عندما نتعلم أكثر. أطلب منكم عدم الوقوع في هذا الفخّ. وبدلًا من ذلك، أدعوكم إلى الإستفادة من هذا الموقف الصعب الذي واجهكم من أجل تخطّيه. فإذا قمتم بالصراخ على أولادكم، فذلك لأنكم تحت تأثيرالضغط و/ أو لأن معلوماتكم خاطئة. أو لأنّكم بحاجة إلى الدعم.

بإمكاننا أن ندرك في لحظات مختلفة ما فعلناه: في نفس اللحظة. يمكن لذلك أن يردعنا…أو لا. نعلم أنّه لا يجب ولا نريد القيام بذلك ورغم كل شيء، نفعله ولا نستطيع التوقف عن أفعالنا وأقوالنا.
أحيانًا، لا ندرك ذلك في الحال، حتى تمرّ عاصفة الغضب وندرك كم فقدنا من قيَمنا. عند البعض، قد يستغرق ذلك عدة سنوات، وقد تكون الصدمة قويّة.

Premium Freepik License
هل فات الأوان؟

لم يفت الأوان أبدًا للعودة إلى طفلكم. تخيّلوا أن أحد والديكم قد أتى إليكم كشخصٍ راشد. وأخبركم عن أذًى ألحقه بكم كطفل وقال لكم:”لم أكن أُدرك حجم الأذى الذي لحق بك. أنا آسف.” كيف ستشعرون ؟ من الممكن أن يجعلكم ذلك تهدأون، وأن يحيي العلاقة بينكما. حتى لو كنتم قد تخطّيتم الأمر.
حسنًا، لا يجب علينا أن ننتظر إلى أن يصبح طفلنا راشدًا!

عندما يحدث ذلك، قرّروا أن تذهبوا إلى طفلكم من أجل تصحيح العلاقة بينكما.
اهتموا بنفسكم أوّلًا. فإذا غضبتم فذلك لأنّكم كنتم تحت الضغط. اشربوا كأسًا من الماء، تنفّسوا بهدوء، ارقصوا، فكّروا، عانقوا أحدًا…

بعد ذلك، من الممكن ، حين تقومون بالإصغاء إلى طفلكم، أن يقول لكم أشياء قد يصعب عليكم سماعها. على سبيل المثال: “كنت شرّيرة، لم أعد أحبّك…” إستعدّوا لهذا الإحتمال. وللقيام بذلك عليكم أن تتخيّلوا أنكم وضعتم وعاءً أمامكم. فإذا قال لكم طفلكم أشياء مؤذية ، تخيّلوا أن تلك الكلمات تدخل إلى الوعاء، ولا تؤثّر عليكم. إن هذا التخيّل قد يبدو لكم غريبًا، ولكنّه فعّال جدًّا.

ومن ثم، راقبوا ما سيفعله طفلكم واقتربوا منه. انحنوا إلى مستواه وقولوا له، مثلًا:”منذ قليل، عندما ( صفوا له الموقف دون إطلاق الأحكام) قمت بالصراخ عليك. ماذا قلت لنفسك؟”

إستمعوا إليه إذا أراد التكلّم، ولا تتردّدوا بإعادة الوعاء في تلك اللحظة (ولا تتردّدوا أن تضعوا وعاءً أكبر إذا لزم الأمر، من الممكن لحوض الإستحمام أن يفي بالغرض). إذا تكلّم، ومهما قال: لا تصحّحوا له، ولا تعلّقوا عليه. فهو يتكلّم عن شعوره وليس عن واقع “موضوعيّ”.

وعندما ينتهي، أعيدوا صياغة ما قاله لك. “عنما قمت بالصراخ عليك إعتبرت ذلك ظلمًا، وقلت لنفسك إنني لا أحبّك، وإنني شخص سيّء.” بهذه الطريقة تتحقّقون من صحة مشاعره. ومن ثم تابعوا القول: “لا يحقّ لأحد أن يقول لك ذلك. حتّى أنا. أنا آسف وأودّ أن أصحّح العلاقة معك. ما الذي تريده من أجل تصحيح العلاقة؟”

في معظم الأوقات، يطلب الأولاد العناق، أو قبلة أو تمضية وقت مميّز معهم. رائع! استغلوا هذه الفرصة حتى ولو كان ذلك يتطلب جهدًا. يريدون اللعب بالدمى وأنتم تكرهون هذا الأمر؟ حدّدوا وقتًا لذلك.

وعلى العكس، قد يطلب الطفل نوعًا من المكافأة. على سبيل المثال، قد يريد أن يحصل على أحدث جهاز لألعاب فيديو كان قد لفت إنتباهه. لكن تذكّروا أن الأمر يتعلّق بتصحيح علاقتكم معه، وقضاء الوقت معًا. وليس “بشراء” شي مقابل هذا التصحيح. اقترحوا مثلًا اللعب معه بلعبته المفضّلة.

هل هذا ضروريّ حقًّا ؟

يمكن أن نشعر بالإنزعاج، أو بالتحدّي أو العجز حين يوجّه لنا أطفالنا الإنتقاد. على أي حال، “الكمال لله وحده”، ويمكن لولدكم أن يفهم الأمر، أليس كذلك؟ حسنًا…أدعوكم إلى عدم إعتبار هذا الموقف تهجماً عليكم وإنّما كفرصة لرؤية العالم من وجهة نظره.

توجد دائمًا طرق من أجل تصحيح العلاقة. وفي الوقت عينه، هذا ليس بالأمر السهل على أحد. على كل حال، درهم وقاية خير من قنطار علاج.

اترك رد