ما هو سلاح رابح-رابح وكيف نستعمله في نزاعنا مع أولادنا (ومع الآخرين) ؟
رابح-رابح؟
غالباً ما يكون هناك رابح وخاسر في أيّ خلاف أو نزاع. فمن النادر أن يربح الفريقان المتخاصمان الحرب نفسها، أليس كذلك؟ لكن توماس غوردن اخترع طريقة تسمح بأن تكون النتيجة “رابح-رابح”.
يصعب أن نصدّق ذلك عندما نكون معتادين على موازين القوى… ومن منا ليس معتاداً عليها؟
سواء في العمل أو في المنزل أو ضمن العائلة أو مع الأولاد، عندما يحصل شجار، يحصل خلاف وعند الاختلاف، لا نريد أن نخسر. لكن ما الذي سنخسره في الواقع؟ … نخسر ماء الوجه؟ نخسر السلطة؟ نخسر ثقتنا في أنفسنا؟… ما الذي نخشى خسارته فعلاً؟… يُعلّموننا منذ الصغر أن نقاتل، ألا نستسلم، أن نكافح… وماذا لو كنا مخطئين منذ البداية (ماذا لو أنّ من يتخلى عن الشجار ويتركه هو من يكسب؟)
“لطالما تجاهلنا الآثار المؤذية، والقيود الخطيرة والطابع التدميري للسلطة. وخدعنا أنفسنا بشأن فاعليتها. فهي تخنق اختلاف الرأي الابداعي، وتقضي على الثقة والحميمية والحب. السلطة توقع صاحبها في فخها فيما تقيّد ضحاياها” (توماس غوردن، التربية من دون عقاب)
من هو الأقوى؟
إنّ الخلاف مع الأولاد أكثر صعوبة بما أننا نظل نستطيع أن نقول بكل سهولة إننا الأقوى (حتى سن العاشرة على الأقل، بحسب الأحجام…). نحن الأقوى من حيث الطول والوزن واللغة والمصطلحات ونمو الاشارات العصبية، والاستقلالية،… والأقوى من حيث الوقت الذي نقضيه على الانترنت(!)…
باختصار، يُفترض فعلاً أننا “نتمتع بالأفضلية” فلِمَ نزيد الطين بلة؟… الكل يعلم أنّه يُفترض بالأقوياء أن يدافعوا عن الضعفاء، أليس كذلك؟… إذن، ما الذي نفعله مع أولادنا؟
إليكم طريقة لكسر هذا النظام اللامنطقي لموازين القوى. إنها طريقة تعرفونها جميعاً، لكن لا يخطر لنا بكل بساطة أن نستخدمها (غالباً).
الفكاهة كسلاح أساسي
إنّ السلاح الأقوى الذي أعرفه هو الفكاهة. الفكاهة التي تسمح لنا بأن نتريّث، أن ننفصل عن مشاعرنا وانفعالاتنا وأن… نُضحك الآخر! فمن السهل في الواقع أن نُضحك الطفل. يكفي أن نقوم بحركة مضحكة بالوجه أو أن نصدر صوتاً غريباً أو أن نخترع كلمة لا وجود لها لتتعالى الضحكات. لِمَ نُتعب أنفسنا بإلقاء خطب رنانة لن يستمعوا إليها ولن تفيد في شيء، في حين يكفي أن نقول كلمة واحدة (مضحكة) لنضع حداً لموقف معقّد؟
بالأمس، أوقعت ابنتي شوكة الطعام أرضاً فطلبت منها أن تلتقطها. تجاهلتني فأصريت. عندئذ، أجابتني: “لا رغبة لديّ في ذلك، يمكنك أن تلتقطيها أنت لو شئت”.
حسن. أخذت نفساً عميقاً.
ثمة حلّين:
- أشعر أني مجروحة، وأنّ سلطتي قد انتُهكت، وأنها لا تحترمني، أشعر أن صدري مثقل وأني على وشك أن أنفجر، أن أصرخ، أن أهدد أو أن أفعل أيّ شيء قد يجعلها تنصاع لإرادتي. وأن أربح بحزم صراع القوة هذا! لأنها تستفزني، أليس كذلك؟… بلى، هذا واضح! إذا تجاهلت تصرفها هذا، فستتمادى أكثر! وهذا مرفوض تماماً!!!
- أرى أنها لا تنوي التقاط الشوكة. لا أشعر بأني مستهدفة (لن أشبّه نفسي بشوكة!) وأقول:
من الذي رباك أنت؟
حسن، أنت يا ماما!
يجب أن أتحدّث قليلاً مع أمك!… فهذا مخجل!… ترمين الشوكة أرضاً فيما نحن نتناول الطعام!… عليها أن تعيد النظر في تربيتك منذ البداية، فهي لم تنجح في ذلك!! لم تنجح أبداً!!!
ضحكت ابنتي وتساءلت إن كنت قد جننت أم أنها فقدت عقلها. وفي خضم الشك، التقطت شوكتها وأكملنا حديثنا عن هذه الأم الخيالية التي لم تقم بعملها كما ينبغي. (ففي نهاية الأمر، من غيرنا المسؤول عن عدم طاعة أولادنا؟ إذن لِمَ نصرخ ونؤنبهم إن لم يكن الذنب ذنبهم؟)
تكمن الفكرة في أن نخلق “خللاً أو تشويشاً صغيراً” في الدماغ لنتخلص من موازين القوة.