لقد اخترتم التربية الإيجابية وغير العنيفة لتعليم طفلكم عن قناعة. لكن الزوج (او الزوجة) لا يحمل الأفكار نفسه، أو أنه لا يطبّقها. و الأسوأ من ذلك: أنّ الأمر يخلق توتّراً عالياً بينكما. إذن ما الذي يمكن فعله في مثل هذه الحالة؟ ما العمل اذا اختلفت طريقة تربيتكم عن تلك التي يتّبعها الشريك وخلق هذا صراعًا بينكما؟ و كيف تقنعونه بصحّة طريقتكم؟
العودة الى الجذور
من المهمّ معرفة جذور هذا العنف.
يبدو الشريك في الظاهر, منغلقًا على مفهوم الرعاية واللّطف. من الممكن ألّا تتشاركوا نفس المفاهيم مع الآخرين من حولكم, فيما يتعلّق بمفهوم اللّاعنف والتربية الإيجابية. فلكلّ مفهومه الخاص عن التربية.
الّا أنّ … الأمر ليس مجرّد فكرة.
في الحقيقة، بالنسبة للشّخص الذي يستخدم العنف اللفظيّ, إنّه ليس رأي بل هو تركيبة دماغ، لأنّه من منظوره, لا يوجد حلٌّ آخر. منذ طفولته, خلال تجاربه، و حتّى وقته الحاليّ، لا يعرف كيف يتصرّف بطريقة أخرى. في هذه الحالة، لن يكون للتفسير أو التبرير أو التهديد أيّ تأثير. ما هو ضروريٌّ حاليّاً, هو عدم الحكم على الشريك, و دعمه أو مرافقته بنفس اللّطف والرّفق الذي تحاولون أن تقدّموه لطفلكم في تربيته.
موقف الاحترام ذاته الذي تعتمدونه مع طفلكم
مع موقف الاحترام هذا، يمكننا إحداث فرق وربما العمل بعمق على تصحيح هذه السلوكيّات العنيفة مع الطفل. بنفس الطريقة التي نحاول بها، بأسلوب إيجابيّ، تعليم أطفالنا مهارات جديدة, لنسلّحهم بشكل أفضل، سنقوم بتعليم مهارة جديدة (التعليم دون غضب ، دون صراخ) للشريك. وبالتالي، سيكون لديه اجابة على ردّات فعله.
أظهرت دراسة علميّة أنه في بعض الحالات، عندما يرى أحد الوالدين طفله يبكي أو حتّى يطلب منه أن يحتضنه، ليست منطقة الفص الجبهي هي التي تتعامل مع الموقف، والتي تفرز الأوكسيتوسين، وانّما منظومة الضغط النفسي هي التي تبدأ بالتفاعل. لماذا؟ لأنه خلال فترة طفولته، عندما كان يُظهر أيّ نوع من أنواع العاطفة، لم يكن يتلقّى من الوالدين الحبّ أو المودّة أو التصرفات الصّحيحة, بل تلقّى إشارات أخرى أكثر ضررًا (الضرب, الإذلال والصراخ). إذا كان هناك استبعاد أو تحقير، إذا كان والداه عنيفين من الأساس، فإنّ مستقبلات الأوكسيتوسين لا تتطوّر بشكل صحيح. من ناحية أخرى، فانّ منظومة الضغط النفسي ستعمل بأقصى فعاليتها. وكلّما زاد مجهوده، قلّت إمكانية التحكّم في دوافعه العنيفة.
تذكروا هذا: إذا كان الشريك يستخدم العنف، فهذا لأنّه ليس لديه حلول بديلة.
هل يمكن أن يكون التدخل “لحماية” الطفل مصدر نزاع؟
قد يكون هذا بحد ذاته مصدر صراع. على سبيل المثال، إذا لم تستطيعوا السيطرة على أنفسكم ووجدتم أنفسكم في وسط النزاع. سيكون لديكم أسباب وجيهة للقيام بذلك، لكن اعلموا أن تدخّلكم قد يُفسّر، بالنسبة للشريك، على أنّه تشكيك في سلطته، وإظهارٌ لعدم ثقتكم به.
أيضًا، قد يتهمكم بأنّ حمايتكم للطفل مبالغٌ بها، تتدخّلون طوال الوقت وتسمحون لطفلكم بفعل ما يريده دون عواقب. تفتقرون إلى السلطة. لا شعوريًا، قد يشعر بأنّكم متحالفون مع الطفل، ضدّ سلطته. لن يكون هذا الشعور بناءً.
هل من الممكن التدخل ومحاولة قلب الوضع؟
في حالة الطوارئ، في الأزمات، قد يكون تدخّلكم غير مناسب أو حتى أخرق. تريدون أن تحصلوا على نتيجة جيّدة، لكنّكم تتلمّسون الطريق. من الممكن أن تفقدوا السيطرة، ترفعوا صوتكم، تتّهموا. من خلال فعل ذلك، فإنّكم توجّهون له ضربةً قاتلة. لذلك أنتم تزيدون من حدّة انفعاله أكثر.
النتيجة؟ يتمسّك الجميع بمواقفهم، لا يعبأ أحدكم برأي الآخر, لا تريدون معرفة أسباب هذا التصرف، وتتوقّفون عن التحدّث.