كيف نجعل أطفالنا يشعرون بأنهم أشخاص مميزون وفريدون
أطفالنا أشخاص مميزون:
إذا سألتك ما هي أجمل زهرة في العالم، قد ترد عليّ: «آسف، ولكن سؤالك مناف للعقل فجميع الأزهار جميلة. الزهرة التي قد أختارها هي ما أفضله أنا ولكن لا يعني ذلك أن الجميع قد يوافقونني الرأي».
قد أفضل هذا النوع من الأزهار وقد تفضل أنت نوعاً آخر وأصدقاؤنا قد يفضلون أزهاراً أخرى. لكل منا ذوقه، ولكننا قد نوافق جميعنا على أن جميع الأزهار فريدة وثمينة.
دعونا نعتبر أولادنا أزهاراً. إنهم جميلون ومختلفون وأشخاص مميزون، لا يمكن المقارنة بينهم. فلكل واحد منهم قوته ومواهبه ومصاعبه وتحدياته. كل واحد منهم فريد بشخصيته، مثالي للدروس التي تنتظره في الحياة.
إنه الشخص المثالي للبحث عن قدره وتحقيقه. إليكم من موقع التربية الذكية كيف نجعلهم يرون أنفسهم أشخاصاً مميزين
الاعتراف بالقدرات والخصائص
علينا بدل المقارنة، أن نمدح تلك الفروقات التي تجعل أولادنا أشخاص مميزون فريدون، لا يمكن مقارنتهم بأحد. وأن نمدح تلك الفروقات التي تميزهم عن غيرهم. عندما نعترف بخصائصهم ومميزاتهم يتعلمون تقدير أنفسهم فالولد يستنتج: «إذا كان أبي وأمي يقدِّران ما أنا عليه، فلا بد أني أملك شيئاً ما جعلني شخصاً مميزاً».
- «يا للرسمة الجميلة يا تريش! لديك ذوق رفيع في الألوان وأنت إلى ذلك تمزجينها بشكل جيد فعلاً».
- «يا لطريقتك في الركض يا كايث! وكأنك كنت تسابقين الريح. أنت حقاً سريعة»
- «هل تعرفين لماذا يأتي جميع رفاقك إليك عندما يقعون في مشكلة؟ لأنك تعرفين ما تقولين لهم لتجعليهم يشعرون بأنهم أفضل حالاً».
- هذه السلة التي صنعتها يا روث جميلة حقاً».
عليك أن تقرأ كتاب «أطر العقل (Frames of Mind) للكاتب هاورد غاردن وهو يتحدث عن نظرية تعدد الذكاءات. عندما نفحص لائحة أنواع الذكاء سنتفاجأ بمدى محدودية حكمنا على الذكاء فنحن نظن ان الذكي هو ذاك الذي يمتلك ذكاء أكاديمياً. لماذا لا نقدِّر بالمثل أولئك الذين يقدرون على التواصل مع الآخرين وأولئك الذين يقدرون على التعاطف مع الآخرين أو الشفقة عليهم؟ أو لماذا لا نقدِّر الولد الفنان أو العازف؟
في آخر مرة سمعت فيها توماس أرمسترنغ يتكلم، أشار إلى 12 نوعاً من الذكاءات و لابد أنه سيكتشف المزيد.
أخبرتني معلمة مرة أنها أثناء لقاء مع الأهل طلبت من كل والد أو والدة أن يكتب خاصية يتميّز ابنهم أو ابنتهم بها: «لقد تفاجأت عندما وجدت أن بعض الأهل لم يستطيعوا تذكر أية خاصية وميزة ليكتبوها. كان الأمر صعباً حقاً عليهم لا سيما على الآباء»
عندما لا يستطيع الأب أو الأم أن يجد خاصية عند ابنه أو ابنته فهذا يشير إلى افتقاره إلى قوة الملاحظة والإدراك من جهة دوره كوالد. على الوالدين أن يركزا انتباههما على اهتمامات ولدهما وأهليته وذكائه بدون أن يتوقعا أنه سيحاول إرضاء أحلامهما الخائبة. علينا ألا نجعل الصفات، التي نعتبرها نقائص عند أولادنا، تعمينا عن رؤية خصائصهم الجيدة.
جاءت فريدا لتقل ابنها من منزل رفيقه في الصف. «أشكرك لأنك سمحت له بالمجيء. لقد لعبا كثيراً معاً. على فكرة إنه يجيد حقاً آداب المائدة». نظرت فريدا نظرة تعبر عن الشك والريبة إلى مضيفتها وحالما ركبت هي وابنها السيارة، قالت له: «حسناً. لقد أحسنت على الأقل التصرف»
لأن فريدا لا تتوقع من ابنها إلا أسوأ التصرفات، صعُب عليها أن تتصور ان بإمكانه أن يكون دمثاً، حسن الطبع فهي لا ترى غير الجانب السيء منه. يملك كل منا جانبين: جانباً جميلاً براقاً وآخر مظلماً معتماً. ونحن نظهر الجانب الحسن منا للآخرين حتى نفرح قلوبهم ونمتعهم وليقبلوا بنا. أما الجانب المظلم فهو هنا وهناك دائماً ويطل برأسه البشع عندما نكون محبطين،متعبين، أو معكري المزاج. ويظهر نفسه أيضاً عندما نكون مع أفراد العائلة الذين نعتقد أنهم يحبوننا بدون قيد أو شرط.
يتطلب الحب الحقيقي القبول بالجانب الحسن والجانب السيء منا. عندما أقول إني أحب صديقاً فهذا يعني أنني أعرفه في الأوقات الجيدة والأوقات العصيبة وأقبله على ما هو عليه. ولكننا لا نتواجد مع الصديق إلا وقتاً محدداً أما تجربة الحب الحقيقية فنختبرها خير اختبار في الإطار العائلي أو مع الذين نعيش معهم. هذا هو المكان الذي يكون فيه الحب صعباً لأننا نحب رؤية الجانب الإيجابي منهم فقط. ولكننا نعرف بالتجربة أن هذا غير ممكن.. عندما نقع في حب أحد نعيش وهماً بأننا قادرون على جعل الجانب السيء من الشخص يختفي. عندما نقع في الحب يكون جانبنا المشرق مشعاً بحيث يغطي الجانب السيء منا.
التقت جين بصديقتها فقالت لها حالمة: «هل عرّفتك إلى باتريك؟ لا؟ حسناً عليك أن تلتقي به. إنه رجل رائع حقاً! اسمعي هو ليس طويلاً ولكنه بهي الطلعة، لطيف ورائع ولكنه يشرد. ماذا حدث البارحة برأيك؟ لقد نسي حقيبته ولم ننتبه حتى وصلنا إلى مكتبه. فكان ان عدنا وجلبنا الحقيبة. ولكني لا أبالي. سابقى معه فترة أطول.. إنه مسل»
بعد ثلاث سنوات سمعنا جين تتحدث عن زوجها باتريك:
«أنا أحبه حقاً ولكن شروده يكاد يجنني. أتعرفين ماذا فعل البارحة؟ لقد أقفل سيارته والمفاتيح فيها فكان أن اضطررت إلى قيادة سيارتي ساعة كاملة حتى أعطيه المفاتيح الاحتياطية. ماذ يظن نفسه؟ أيظن أنني عبدته وأن لا شيء عندي لأقوم به غير خدمته؟»
عيوب باتريك جعلته يفقد تألقه وباتت جين اليوم ترى عيوبه على ما هي عليه، ولهذا السبب ربما لا يريد بعض الناس أن يخبو الحب فهم لا يريدون فقدان حالة النشوة التي لا يرون فيها إلا مميزات الشريك الحسنة. هؤلاء القوم يريدون العيش في حلم يكون فيه الشخص الآخر دائماً ساحراً ورائعاً. لماذا نحط على أرض الواقع في الوقت الذي نستطيع فيه أن نطفو في خيال رائع؟ وحالما يبدأ الشريك بإظهار الجانب السيء منه، يتخلون عنه بحثاً عمن يقعون في حبه من جديد.
بإمكاننا أن نفسخ علاقة صداقة أو علاقة زواج أما مع أولادنا فلدينا معهم التزام يدوم العمر كله وهذا الالتزام يتطلب منا أن نحبهم على ما هم عليه، أن نحبهم عندما يكونون طيبين أوعندما يكونون سيئين وعندما يكونون مسلين وأذكياء أوعندما يكونون جلفين وعابسين، محبين مساعدين أو أنانيين متطلبين.” أطفالنا أشخاص مميزون” هذا ما يجب أن نؤمن به . يقول الولد بدون كلمات: «أمي وأبي اقبلوني كما أنا. أحبوني عندما أكون لطيفاً وعندما أكون شخصاً لا يطاق». الولد بحاجة أن نحبه بكليته، بدون حدود، بحيث يشعر بأنه آمن وموضع تقدير وبأنه قادر على الثقة بذاته قائلاً لنفسه: «يمكنني أن أكون كما أنا» مبدداً بذلك توتره.