4 طرق أخرى تؤثر فيها طفولتكم على طريقتكم في تربية أطفالكم(2)
طرق أخرى تؤثر فيها طفولتكم على تربية أطفالكم:
يحفر الماضي فينا عميقاً. وتنطبع تأثيراته السلبية في قلوبنا وجيناتنا حتى ولعل أكثر ما يؤثر فينا هي الطفولة التي ترعرعنا فيها مع أهلنا.. ولعل الطريقة التي تربينا فيها لا تنتهي مع انتهاء طفولتنا بل تعود لتتجدد منذ اللحظة التي نصبح فيها أهلاً . من الأخطاء التي نرتكبها كأهل هو تكرار الماضي ونقل طريقة تأثيرات تربية آبائنا فينا .
من خلال معالجة ما حدث لنا، سنكون أكثر قدرةً على التواصل مع أطفالنا وتوفير الرعاية التي يحتاجونها. يمكننا أن ندرك أن ردود أفعالنا “الغريزيّة” لا تمثل دائمًا الطريقة التي نريد أن نربّي بها. ويمكننا أن نبدأ في فهم لماذا تستفزّنا تصرفات معيّنة من أطفالنا وليس تصرفات أخرى.
والسؤال ما هي الأشياء التي قد نكررها مع أطفالنا دون أن ندرك ذلك ؟
فيما يلي 4 طرق أخرى تؤثر فيها طفولتكم على كيفيّة تربية أطفالك:
في المقالة السابقة ذكرنا 3 طرق تؤثر بها طفولتنا في كيفية تربية أطفالنا وفي هذه المقالة نكمل الطرق للتحدث عن 4 طرق أخرى تؤثر فيها طفولتك في تربية أولادك
4- إعادة التكوين.
بالنسبة للكثيرين، قد يكون من الصعب تتبّع الطرق التي نعيد بها إنشاء بيئتنا العاطفية من طفولتنا المبكرة في حياتنا البالغة. ومع ذلك، حتى لو كانت ظروفنا في الطفولة غير مناسبة، فقد طوّرنا بعض الدفاعات النفسيّة التي قد تجعلنا نبحث عن نفس الظروف عندما نبدأ بانشاء عائلتنا الخاصة. على سبيل المثال، قد نختار دون أن نُدرك شريكًا يكرّر ديناميكية معيّنة من ماضينا. قد نجد أنفسنا نبحث عن شخص يرفضنا، بنفس الطريقة التي رفضنا بها أهالينا في مرحلة الطفولة.
قد لا تكون هذه المواقف ممتعة، لكن لدينا تجاهها شعورٌ بالالفة يجعلنا ننجذب إليها دون وعي. كأطفال، فإن الاختلاف مع أحد الوالدين أو الخوف منه يمكن أن يشعرنا بأنّ حياتنا مهدّدة. نتيجةً لذلك، قد نستوعب وجهة نظر والدينا أو نخلق بيئة عائليّة مألوفة لأنفسنا في مرحلة البلوغ. يعرّض هذا التكرار في النهاية أطفالنا للجوّ السلبي نفسه الذي تعرّضنا له خلال مرحلة طفولتنا.
5- اتّخاذ الموقف الدفاعيّ.
يمكن لطرق التكيّف التي أنشأناها لتجاوز الأوقات الصعبة كأطفال, أن تصبح دفاعات نفسية تؤثّر علينا طوال حياتنا. قد تكون طرق التأقلم هذه مفيدةً لنا عندما كنّا صغارًا، لكنّها يمكن أن تؤذينا كبالغين، خاصة كوالدين. على سبيل المثال، إذا كان أحد والدينا رافضاً أو مخيفاً، فربّما احتفظنا من طفولتنا، بالشعور بالاكتفاء الذاتي وبأنّنا لا نريد حقًا شيئاً من أيّ شخص. ربما ساعدنا هذا في تلبية احتياجاتنا في سنواتنا الأولى عندما كنّا نعتمد على والدينا من أجل البقاء، ولكن كشخص بالغ، يمكن أن يحدّ هذا الموقف من علاقاتنا.
قد نواجه مشكلةً في التعبير عن مشاعرنا ورعاية أطفالنا. قد نواجه صعوبةً في قبول الحبّ منهم. جزءٌ من النموّ يعني معرفة دفاعاتنا وإيجاد طرق للعيش بدون هذه التراكمات التي تؤثّر في شخصيتنا، واكتشاف من نحن حقًا وما نريده حقًا. كيف نريد أن نكون مع أطفالنا؟ ما هو المثال الذي نريد أن نكونه بالنسبة لهم؟
6- الشعور بالاستفزاز.
بغضّ النظر عن مدى حسن نوايانا، لا بدّ أن نشعر بالاستفزاز من أطفالنا في لحظات الإحباط. غالبًا ما يتمّ استفزازنا بسبب المواقف الحاليّة التي تذكّرنا بألم من ماضينا، حتى لو لم نكن مدركين للسبب الذي يخلق المشاعر المؤلمة. غالبًا في هذه اللحظات، نشعر بأنّ الزمن عاد بنا إلى نفس الموقف القديم المؤلم. قد نتصرّف بطريقة إما طفولية وإما أبويّة، لكنّنا لا نكون على طبيعتنا الحقيقيّة.
على سبيل المثال، عندما يشاغب الطفل، فقد “نفقد أعصابنا” بنفس الطريقة التي غضب بها والدينا في الماضي، أو قد نشعر بالخوف كما كنّا نشعر كأطفال عندما كان آباؤنا يعاقبوننا. عندما يكون لديكم ردود فعل شديدة أو مبالغٌ فيها تجاه أطفالكم، انظروا إلى الوراء فيما يتعلّق بتجربتكم الخاصّة فهذا يمكن أن يوضّح موقفكم الحاليّ.
7- الاستماع إلى الصوت الداخلي الذي ينتقد.
تميل مخاوفنا وهجماتنا الذاتية إلى التزايد عندما نصبح والدين، لأنّ وجود أطفالنا يذكّرنا بالوقت والمكان الذي طوّرنا فيه هذه التصوّرات الذاتية في المقام الأول. يبدأ “صوتنا الداخلي الذي ينتقد” في التبلور في وقت مبكر جدًا من تطوّرنا عندما نستوعب المواقف السلبيّة التي كانت لدى والدينا تجاهنا وتجاه أنفسهم. ربّما عندما كنّا أطفالًا، شعرنا بأنّ لا أحد يريدنا أو بأنّنا ضعفاء. و نحن الآن كأشخاص بالغين، ما زلنا نرى أنفسنا غير مرغوب فينا وعاجزين. عندما نحاول أن نكون أقوياء مع أطفالنا، قد نشعر بهجمات صوتية داخلية تنتقدنا وتجعل من الصعب علينا التفكير بوضوح أو التصرف بعقلانيّة – أفكار مثل، “لا يمكنك أن تتحكّم به”، أو “انّه يكرهك. أنت أم سيّئة! “
أو إذا كان لدينا أب شعر بأنّه غير مؤهّل للتعامل معنا عندما ولدنا، فقد نجد أنفسنا نسمع أصواتًا مثل، “كيف ستعتني بهذا الطفل؟ أنت لا تعرف كيف تكون أباً . “. كلّما استطعنا تحدّي هذه الأصوات وهذا العدوّ الداخلي، زادت حريّة اتخاذنا لقراراتنا في كيفيّة التصرّف، وقلّ احتمال نقلنا لهذا الأسلوب من التفكير إلى أطفالنا.
تساعدنا معرفة أنفسنا وإدراك تجاربنا، على التمييز والتخلّص من الطبقات المدمّرة في ماضينا, و التي تحدّنا في حياتنا, و هكذا نستطيع أن نصبح ما نسعى إليه حقًا. بالنسبة لجميع الآباء والأمّهات، الذين يبحثون عن إجابات حول كيف يطوّرون أنفسهم ليصبحوا أفضل أب أو أمّ، فإنّ المفتاح غالبًا هو العودة برحلة الى ماضيكم والقيام بذلك بقوّة وفضول ورحمة.