حين تقومون بكل شيءٍ نيابةً عن أطفالكم.. ؟

0

منذ صغري وأنا مقتنعة بأنني لن أتمكن من إنجاز شيء بمفردي. ثقتي بنفسي شبه منعدمة، لا يعني ذلك أنني لا أقدر ذاتي بل على العكس. هنا تكمن المفارقة. لقد تربيت في جوٍ من الحب والحنان والعطف وعلاقتي مع والدتي كانت مبنية على مبدأ الثقة المتبادلة. لقد كانت صديقتي وكاتمة أسراري. إلا أن المشكلة الوحيدة كانت تكمن في أنها تقوم بكلّ شيءٍ نيابةً عني، حتى اقتنعتُ داخلياً أنني لن أتمكّن من إنجاز شيء من دون مساعدتها.

تعرفوا عبر هذا المقال ما الذي سيحصل لطفلكم حين تقومون بكل شيءٍ نيابةً عنه

تحديات مستقبلية صعبة جداً

في مراهقتي لم أكن أقوم بأيٍ من المهام المنزلية. لا داعي لذلك، فأمي تتقن كلّ شيء. على أي حال هي لم تطلب مني يوماً أن أساعدها. وحين كنتُ أفعل كانت تسمح لي باستلام أمور ثانوية جداً. كوضع الملابس في سلة الغسيل أو ترتيب بعض الأغراض. جزءٌ من السبب كان أنها لا تريد أن تشغلني عن دروسي، وجزءٌ آخر أنها لا تثق بطريقة أحد في الطبخ أو التنظيف، وتحب أن تنجز أمورها بنفسها.
النتيجة: حين تزوّجتُ واستقلّيتُ عنها، واجهتُ الكثير من التحديات. فأنا لا أتقن أبسط الأمور. والأسوأ من ذلك أنه كان لدي قناعة في أعماقي أنني لن أتمكّن من إتقان شيء، هذه القناعة كانت ترافقني دائماً. ونتيجةً لذلك كانت تبوء كل محاولتي بالفشل.

التعلق بأشخاص أقوى

في صداقاتي وعلاقاتي الإجتماعية وحتى في زواجي، كنتُ أبحث عن أشخاص أكثر قوةً مني. أشخاص قادرين على حمايتي إن تعرضتُ لموقف حساس. أشخاص يتصرّفون نيابةً عني في أمور حياتية بسيطة لا أتقنها..كما كانت تفعل أمي. وبالتالي كنتُ الطرف الضعيف التابع في كل العلاقات.

تراجع حس المبادرة

كنتُ طفلةً ذكية، كنتُ أعشق الدرس. لكنني لم أكن أبادر للإجابة حين يطرح المعلم سؤالاً. وأتوتّر كثيراً حين يطلب مني أن أحل مسألةً ما على السبورة. ما السبب؟ هو الشعور نفسه.. بأنني لا أتقن شيئاً. ورافقني هذا الأمر حين كبرتُ في أماكن العمل واللقاءات الإجتماعية، كنتُ دائماً ألعب دور الشخص الهادئ الذي يراقب ما يدور حوله بصمت، كان لدي الكثير من الأفكار والخطط، لكنني لم أعبر عنها يوماً.

عدم القدرة على الاستقلالية

عشتُ قصة حبٍ رائعة، وحان وقت الانتقال إلى منزلٍ جديد وحياة جديدة، بعيداً عن الشخص الذي يقوم نيابةً عني بكل شيء.. بعيداً عن أمي. كان الأمر شبه مستحيل بالنسبة إلي، وسبب لي ذلك الكثير من المشاكل في بداية حياتي الزوجية. كنتُ أستشير والدتي في كل الأمور وأتفهها، ولم تكن حياتي الزوجية تحتوي على أي خصوصية، مما كان يغضب زوجي. والأسوأ أنني لم أكن أفهم سبب غضبه، كنتُ أظن أن الأمر طبيعي جداً. لم أكن أدرك أن تعلّقي بوالدتي كان مرضياً، إلى حد أنها كانت تلغي شخصيتي دون أن أشعر.

نسخة طبق الأصل.. إلغاء الذات

استنتجتُ بعد كل هذا الوقت، وبعد أن أصبح لدي ثلاث أطفال، وأصبحتُ أرى الأمور بشكلٍ أوضح.. أنني كنتُ نسخة طبق الأصل عن والدتي. وكنتُ أعتبر أن الرأي الوحيد الصحيح هو رأيها، فهي الوحيدة التي تتقن كل شيء. حاولتُ أن أشبهها قدر المستطاع كي أصبح هذا الشخص المثالي الذي أقدّره وأحبه. وتجاهلتُ أنني في أعماقي مختلفة، لي طباعٌ مختلفة، وميول مختلفة وهوايات مختلفة وأفكار مختلفة. كنتُ أشعر دائماً أن هناك شيءٌ ما ينقصني، كان ينقصني أن أشبه ذاتي.

سماح خليفة

اترك رد