لماذا استخدام عبارة “لا تفعل” غير نافعة في تربية الأطفال

0

“لا تضع اصبعك في أنفك” ، “لا تلمس الزجاج” ، “توقف عن الضرب” ، “توقف عن الصراخ” . كأهل نقضي وقتنا في إخبار أطفالنا ألا يفعلوا هذا أو ذاك. الأمر ليس فقط مرهقاً ولكنه بالإضافة الى ذلك لا ينفع بصراحة!

لدي المئات من الحكايات حول هذا الموضوع، لكن إحداها كانت مميزة بشكل خاص وقد حصلت خلال عطلة الميلاد الماضية. قال أخي للأطفال: “لا يجب أن نركض في المنزل!” وفي هذه اللحظات رأينا طفلاً صغيراً تظهر الابتسامة على شفتيه يجري كالمجنون في كل الأنحاء وهو يكرر ” لا يجب أن نركض! لا يجب أن نركض! لا يجب أن نركض! ” أعترف أن هذا الموقف جعلنا نضحك. ولكن في مواقف أخرى الأمر ليس مضحكاً وأنا متأكدة أنكم تمرون بنفس المواقف…

تماماً كما يحصل مع طفلك عندما تحاولين منعه قائلاً ” أصغِ إليّ أيها الطفل الصغير، هذه القنينة مصنوعة من الزجاج وهي قابلة للكسر ورقيقة للغاية. إياكَ أن تلمسها” و ماذا يقرر صغيركِ أن يفعل ؟ أن يلمس هذه الزجاجة اللعينة. فتقولين في نفسك هذا مستحيل.. يبدو أن هؤلاء الاطفال يقومون بذلك عن قصد !

لا تفعل هذا ، لا تفعل ذلك !

خلال ورشة عمل التأديب الإيجابي للآباء والامهات التي حضرتها، قمنا بنشاط جعلني على دراية بأشياء معينة. أعلنت لنا المدربة النشاط الذي سنقوم به قائلةً “سأعطيكم التعليمات وأطلب منكم تنفيذها” ثم قالت الجمل التالية بشكل متسلسل: “لا تجلسوا. لا تضعوا يديكم على طول جسمكم. لا تغلقوا فمكم. أو لا تفتحوا فمكم. لا تقفوا…”

أخبروني الآن.. هل تخيلتم أنفسكم تفعلون ذلك بينما تقرأون؟ إذا كان الأمر كذلك، ما الذي شعرتم به؟ ماهو رأيكم؟ ليس من السهل اتباع هذه التعليمات، أليس كذلك! في هذه اللحظة بالتحديد، أدركتُ أنه حتى حين نكون كباراً، من الصعب والمعقد جداً على الدماغ تسجيل الأمر/الفعل والنفي في نفس الوقت. خاصة حين يأتي النفي قبل الأمر.

بعد ما قمنا به، قامت المدربة بصياغة تعليمات أخرى ليتم تنفيذها، لكن هذه المرة دون نفي أي دون عبارة لا تفعل. كان الأمر أكثر وضوحاً وأسهل في التطبيق!

الهدف من هذا التمرين هو فهم أنه من المهم إخبار الأطفال بما نتوقعه منهم وليس ما لا نريدهم أن يفعلوه. تشرح إيزابيل فيليوزات في كتابها “لقد جربت كل شيء!” أن “النفي يتطلب تحركين ذهنيين: الاستدعاء أو الاستحضار، وبالتالي تكوين صورة ذهنية، ثم نفي هذا الصورة المجسدة في فكرنا”. بل إنها تذهب إلى أبعد من ذلك بالإشارة إلى أنه “من أجل وضع الحدود لأولادنا، استخدام المسموحات والمعلومات أكثر فعالية من استخدام الممنوعات” .

وفي الحياة الواقعية ، كيف نطبق ذلك؟

حسناً لن اخفي الأمر عنكم، فإن هذه الطريقة لا يمكن تنفيذها بين ليلة و ضحاها. هي تتطلب تدريباً. كما أننا يمكننا بسهولة وضع هذا المبدأ جانباً وتجاهله بمرور الوقت أو إذا كنا مرهقين أو متعبين او نمر بظروف معينة. لكن ليس هناك مشكلة إذا لم نفعل ذلك بشكل مستمر، فنحن بشر وليس هناك أهل مثاليين يتّسمون بالكمال. أليس هذا صحيحاً؟

freepik.com
إليكِ بعض الأفكار لاستخدامها في العبارات والتعويض عن عبارة لا تفعل:
  • لا تمشِ في وسط الشارع => إبقَ على الرصيف.
  • لا تضرب أخاك => خُلِقَت أيدينا للمداعبة او للدغدغة (وابدأي هنا بدغدغة طفلك، يمكننا بهذه الطريقة نزع فتيل صراع.)
  • أو لا يجب أن نصرخ => يجب أن نتحدث بهدوء وبصوت منخفض.
  • لا ترمي البروكولي على الأرض => يبقى البروكولي في الطبق او يذهب إلى بطنك الصغير!
  • لا تركض حول المسبح => يمكننا الركض على العشب، لكن على الحجر يجب أن نمشي بحذر.
  • ولا تلمس هذا السكين => يمكنكَ أخذ الملعقة او الشوكة الكبيرة إذا كنت تفضل ذلك.
موقف أكثر تعقيداً:
  • توقف عن مقاطعتي، أنا أتحدث مع السيدة => تذكر جيداً ما تريد ان تقوله لي، فور انتهائي من التحدث، يمكنكَ التحدث إليّ.
  • لا تشد اختك الصغيرة من شعرها => يمكنك شد شعر دميتها. ولكن لا…انا امزح.

و لكن هل تنفع هذه الطريقة ؟

هل تنفع هذه الطريقة في تعاملي مع أطفالي؟ غالباً تنفع، احياناً لا.

إليكم التحليل الذي اجريته:
  • هذه الطريقة تنفع بشكل جيد عندما يكون الطفل بحالة مزاجية جيدة. وكلما كررنا تحويل الجمل إلى الصيغة الإيجابية، كلما اصبحت آلية بالنسبة له.
  • تنفع هذه الطريقة بشكل متوسط على المدى القصير، أو عندما يكون الطفل غاضباً. بينما كلما استخدمنا مصطلحات ايجابية اكثر (على سبيل المثال “تحدث بهدوء بدلاً من لا تصرخ”) كلما زاد تقبلها من قبل الطفل وتعودّه عليها. هذا يعني أيضاً انه بمرور الوقت سوف نتعود على تخفيف استخدام مصطلحات سلبية.
  • يمكننا أن نقع بسرعة في طوفان من الأوامر. وحتى لو تم تحويل الجمل إلى الشكل الايجابي فإن الأمر يبقى أمراً: هذا مرهق للجميع ولا يساعد الطفل. لهذا السبب أحاول دائماً بشكل خاص تجنب النفي. وبدلاً منه استخدم تقنيات أخرى لصياغة طلبي بشكل مختلف. كما هو موضح في المثال أعلاه حين كنتُ أتحدث مع السيدة.
  • أطبق نصيحة إيزابيل فيليوزات قدر المستطاع بشأن صياغة المسموحات بدلاً من المحظورات، كما هو الحال مع مثال حمام السباحة المأخوذ من كتابها او كمثل السكين الذي ذكرته أعلاه. ينفع ذلك بشكل جيد ولكن يحتاج إلى التدرب فعلى سبيل المثال بدلاً من القول “لا تضرب” يمكننا القول كبديل آخر غير ما تم اقتراحه أعلاه: “يمكنك أن تضرب الوسادة فقط، اذا كنت في حالة غضب. بالمناسبة لم أرها منذ فترة، هل تعرف اين هي؟ جيد هناك”. بهذه الطريقة أضيف سؤالاً لتشتيته وإثارة فضوله.
تخلي عن عبارة لا تفعل بتنفيذ طريقة العبارات الإيجابية…

في الوقت الحالي، لا تفكري كثيراً في التحليل الذي ذكرته أعلاه . أقترح عليكِ أن تكتبي في التعليقات أدناه الأوامر الخمسة التي تصدرينها وتقومين بصياغتها غالباً بشكل سلبي. بعض الجمل تتكرر طوال الوقت ، لذا تذكريها واكتبيها في التعليق .

لكل من هذه الجمل ، فكري في إعادة الصياغة. يمكننا أيضاً مساعدتك في هذه الخطوة.

بمجرد ان تشعري أن هذه الطريقة مناسبة، احفظي هذه الجمل و استخدميها. لا تستخدميها مرتين او ثلاث مرات فقط و لكن على مدار عدة اسابيع. و اذا كان بامكانك العودة الى هذه المقالة للتعليق وإخبارنا تجربتك فسيسعدنا معرفة مشاعرك. بمجرد استيعاب هذه الجمل الخمسة، ستصبحين قادرة على التدرب على عبارت أخرى.

اترك رد