لا يجب أن تُفرض الدراسة بل أن تُعرض في إطار حوار.
«إن لم تدرس تصبح زبّالا أو عاطلاً عن العمل!»
تهديدات تقضي على مصداقية الوالدين
إذا كان ولدكم ينال العلامات السيّئة بالجملة وينبذ المدرسة بشدّة فلا حاجة إلى أي تنظير أو تحليل من أجل معرفة الأسباب الكامنة وراء فشله: إنه يعاقبكم. يعاقبكم لأمور شتّى، منها عدم إمضائكم الوقت الكافي معه وذلك بخدش أنانيتكم الأبوية. وهذه أول مظاهر تلاعب الولد بأهله.
«إذا حصلت على علامات جيّدة سنكون فخورين بك»، يقول ذلك الأب بكل زهو وأنانية. والمعنى المضمَر هو: «تملقّني ولا تجرح كبريائي!». لكنّ الولد، الذي يطالب بحقّه في الحصول على مساعدة فاعلة من والديه، يعترض بقوله: «هذا آخر همّ على قلبي!». لم يؤخذ شعوره هو بالفخر في عين الاعتبار. وقد يكون مستعدّاً لتقديم هذه الهدية الصغيرة لوالديه إذا ما تصرّفا كوالدين مسؤولين. إذ يبدو لي واضحاً أن النتائج المدرسية تتوقّف بدرجة كبيرة على مدى الوقت الذي يكرّسه الأهل لأولادهم والجهد الذي يبذلونه في سبيلهم وعلى انفتاحهم على حوار حقيقي معهم. الأحكام المسبقة ليست كفيلة بتحفيزهم. والتهديدات السخيفة من نوع: «إذا لم تدرس، تصبح زبّالاً أو عاطلاً عن العمل»، تقلّل من مصداقية الوالدين. فابنكم المراهق يعرف جيداً أن الدراسة والشهادات لا تبعد شبح البطالة.
كيف نخرج من المأزق؟
يجب ألاّ نفرض موضوع الدراسة على الولد، إنما عرضه عليه في إطار حوار عائلي يهدف إلى تحفيز الولد أكثر ممّا يهدف إلى محاولة تحميله المسؤولية حيال مستقبل مهني هو بالنسبة إليه افتراضي مثل ألعاب الفيديو التي يلهو بها. ولكن ماذا عن الهدايا في كل هذا؟ عندما تقدّمون لعبة لولدكم، يجب ألاّ تكون مرتبطة بأي حال من الأحوال بشرط يُفترض به تنفيذه. المكافأة غير المتوقّعة أكثر تحفيزاً من «تلك» المُعلن عنها. إذا حصل على علامات جيدة نتيجة الجهد الذي بذله والوقت الذي خصّصتموه لمساعدته في واجباته المدرسية، وإذا أمسك بزمام أموره وانكب على دراسته من دون أن تضطروا إلى توبيخه، كافئوه من دون سابق إنذار! سيعلم بهذه الطريقة أن كل جهد يبذله سيُقدَّر بطريقة أو بأخرى، من دون إخضاع هذا الجهد لشرط مسبَق.
إن هذا الولد الذي كان يعاني الأمرّين عند كتابة فرض الرياضيات أو الذي كنتم تخجلون من خطّه، سيغير سريعاً طريقة تصرّفه. سيقبل بلعب دور التلميذ بشيء من الرضى والسرور إن لم يكن بكل رضى وسرور. إن تحقيق الذات لدى ولدكم هو محرّك نجاحه المدرسي. هذا هو السرّ! فإذا حاولتم تحقيق ذاتكم من خلال ولدكم، فلن يحصد سوى الفشل أو أنصاف النجاحات، وهذا الفشل سيكون فشلكم أنتم وليس فشله هو. وسيعاقبكم على «عدم تقديم المساعدة لشخص في خطر»… الرسوب! وبالتالي سيعاقبكم بدلاً من أن يدعكم تتذوقون فرحة نجاحاته المدرسية.
اختيار الكلمات
كيف نحفّز الولد بالكلام؟ ابدأوا بإعلامه أنه إذا احتاج إلى مساعدتكم فأنتم مستعدّون لتقديمها. فمن الضروري أن يدرك ويستوعب أن دوركم هو مساعدته ودعمه وأنكم مهتّمون بما يفعله في المدرسة. يقول المثل: «في الاتحاد قوّة». ولأن ولدكم يعلم أن باستطاعته الاتّكال عليكم سيشعر بالطمأنينة. هذا أمر واقعي ملموس، يعد بنمو أكيد واحتمالات عديدة أكثر من المستقبل غير المؤكّد الذي كنتم تهدّدونه به: «إن لم تدرس تصبح زبّالا أو عاطلاً عن العمل». انطلاقاً من ذلك، يصبح مستعداً لمواجهة أي عقبات مدرسية. ليس الوقت الذي ستخصّصونه له مهمّاً بقدر نوعية المساعدة التي ستقدّمونها له. اهتمام الوالدين ومساعدتهما الفاعلة يؤمّنان الطاقة الأساسية التي تشغّل محرّك نجاح الولد.