إذا كان لديكم طفل مشاغب و صاخب، فهو طفل سعيد

0

يتساءل العديد من الأهل الجدد عن كيفية تعليم أطفالهم بطريقة تجعل منهم أطفالاً سعداء وجاهزين لمواجهة الحياة عندما يكبرون.
في معظم الأحيان، لدى هؤلاء الأهل، الذين يطرحون هكذا أسئلة، أطفالٌ مشاغبون و صاخبون.

أولاً، من المنطقي جداً أن يصدر الطفل ضجة عند صراخه أو بكائه. إنه يعبر عمّا يشعر به، هذا يشير إلى أنه سعيد و يعبر عن هذه السعادة، فهو في مرحلةٍ من حياته يستكشف فيها أشياء جديدة. يريد الطفل أن يلعب، يستمتع، يتعلّم ويتمكّن من استخدام مخيّلته الواسعة.

تجلب كلّ هذه الأشياء الصغيرة، السعادة إلى حياته. هو يعيش كلّ يومٍ بيومه دون أن يعير اهتماماً لما يمكن أن يحدث غداً. فهو يرغب فقط في الإستفادة من كلّ لحظة لكي يعبّر فيها عن نفسه، لا يهمّه إذا كان بذلك يُزعج الناس من حوله.

نلاحظ حالياً وجود ظاهرة جديدة تحت إسم “الرهاب من الأطفال” أو “الخوف من الأطفال”. منذ فترة و نحن نرى افتتاح أو تحديث بعض الأماكن السكنية التي تمنع تواجد الأطفال لكي لا ينزعج النزلاء في أوقات راحتهم، من صراخهم و بكائهم. نشأت هذه الحركة في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية كالولايات المتحدة و المملكة المتحدة.

إنّها ظاهرة مزعجة جداً، و تدفعنا إلى التساؤل “هل ما زلنا متفهّمين أم فقدنا حبّنا لذريّتنا؟”.

لقد كنّا في مكانهم سابقاً، كنّا صاخبين، غير منضبطين، ونصرخ باستمرار، فهذه احتياجاتٌ ماسة بالنسبة إلينا كلّنا.

يتعرض العديد من الأمهات للإحراج عندما يشير الناس إليهن في الأماكن العامة لأنّ أطفالهن كثيرو الحركة. و يصنّف الكثيرون هذا النوع من الأمهات تحت خانة “الأمّ السيّئة” لأنّها لم تستطع تربية طفلها بشكلٍ صحيح. هؤلاء الأشخاص لا يفهمون أنّ الأطفال هم كثيرو البكاء والحركة, لأنّ هذا بكلّ بساطة جزءٌ من طبيعتهم.

كلّ طفلٍ يأتي إلى العالم بشخصيّته الفريدة. بعض الأطفال كثيرو الحركة، وآخرون قليلو الحركة، و لا تؤثّر طريقة تربية أهلهم على هذه الصفات فيهم. لدى الأطفال لغة خاصة يظهرون من خلالها ما يشعرون به لمحيطهم. حتى أنّه يمكن لأهلهم أن يجدوا أنفسهم تائهين و مرهقين من وقتٍ لآخر.

لذلك علينا أن نحترم وحتى نساعد هؤلاء الأهل، إذا كان باستطاعتنا، لأنهم يحاولون فعل المستحيل من أجل توفير التربية المثالية لذريّتهم. الطفل السعيد هو الذي يصدر الضجة، يحرك وبالتالي يلفت انتباه الناس. فهو لم يأتِ إلى هذه الدنيا لكي يبقى وحيداً و يعاني في مواجهة التحدّيات التي سيكتشفها في الحياة، لم يخلق أحدٌ لاختبار هكذا مشاعر. عندما نضغط على الطفل ونوتّره لأنه يُثير الضجة أو يحرك، هذا يعني أننا نمنعه من التعبير عن سعادته.

يجب أن يعيشوا طفولتهم كما يرغبون. يحتاج الأطفال إلى قول ما يشعرون به بطريقة أو بأخرى، وأن يكتشفوا ما يعرفونه و يتعلّموا بشرط أن يكونوا في مأمن من الأذى. علينا أيضاً أن نعرف كيف نظهر لهم جوانب الأشياء الجيدة والسيئة.

عندما نترك الطفل يلعب على راحته، فنحن نساهم في التخفيف من شعوره بالقلق، نترك له المجال لإظهار إبداعه و نسمح له باستخدام مخيلته.

بحسب كتاب كيم باين kim Payne، الإستشاري العائلي المعروف عالمياً، يجب ألّا نربّي أطفالنا تحت وطأة كمّ هائل من المعلومات والقرارات. بل علينا تشجيعهم على الخروج، استنشاق الهواء الطلق، وإبعادهم قدر المستطاع عن التكنولوجيا التي تحدّ من إبداعهم بشكل كبير.

و من الأفضل أن ندعهم يختبرون السعادة و الحزن على حدّ سواء. بعد اختبار هذه المشاعر منذ الصغر، سينضجون ويستطيعون السيطرة على مشاعرهم وإبقائها لأنفسهم.

فلنكن متعاطفين مع هؤلاء الأهل الذين لديهم شجاعة كبيرة و يفعلون ما بوسعهم لكي يقدموا لأطفالهم أفضل تربية ممكنة ويحاولون إسعادهم بقدر الإمكان.

اترك رد