الأهل الذين يُلبّون لأطفالهم كل شيء: كيف يُصنّفون؟ أهل محبّون أم أهل مهملون؟

0

الأهل الذين يُلبّون لأطفالهم كل شيء::
في أحد الأفلام الكرتونية تسأل باتي تشارلي براون: «ما معنى الأمان»، فيجيب تشارلي: «الأمان هو أن تنام في مقعد السيارة الخلفي مطمئناً». هذا يعني أنك عندما تكون في مكان ما مع أهلك وأنت في طريقك إلى البيت، ليلاً، تنام في المقعد الخلفي غير قلق لأن أمك وأباك موجودان في المقعد الأمامي يهتمان بكل شيء

يحتاج الطفل إلى وجود أهله في المقعد الأمامي فهما المسؤولان وهما اللذان يتخذان القرارات الصحيحة إذ يتوجب عليهما توجيه القرارات واتخاذ المناسب والضروري منها لأنهما من يمتلك النضج والمسؤولية لقيادة السيارة. أما الطفل فليس عليه إلا أن ينظر من النافذة، مستمتعاً بالمنظر أو أن يتحدث ويلعب مع إخوته.

الواقع أن بعض الأهل يضعون الولد في المقعد الأمامي قبل أن يكون جاهزاً للقيادة فيما هناك أهل لا يضعون ابنهم مهما أصبح عمره إلا في المقعد الخلفي. النوع الأول من الأهالي هم الذي يتجاهلون الطفل أما النوع الثاني فهم الذين يفرطون في حمايته.

الأبوان اللذان يتجاهلان الطفل

أبوان كهذين يخلطان ما بين الذكاء وما بين النضج فحتى عندما لا يكون الطفل قادراً على الوصول إلى الدوّاسة، يتركانه يقود حياته ويوجهها، متخلين عنه. إن هؤلاء الأهل متطرفون في تجاهلهم. فبحجة احترامهم للطفل يتركونه يقود فتكون النتيجة أن يدفع ثمن العواقب التي تحلّ به عندما يصطدم بشيء. وبمعنى آخر، إنهم يسمحون له باتخاذ القرارات التي لا قدرة له على اتخاذها، ومن ثمّ يوبخونه عندما يعاني من نتائج قراره. وهذا يعني جهداً أقل للأهل وظلماً وإجحافاً للأولاد.

الأهل المتساهلون هم مثال عن أولئك الذين يتجاهلون ذريتهم. إن أهلاً كهؤلاء هم موجودون ولكنهم لا يتخذون دور الراشد فيتركونه يفعل كل ما يرغب فيه والواقع أنهم يتخلون عنه ويهجرونه. قد لا يكون الهجر والتخلي واقعاً من الناحية الجسدية ولكنه واقع لا محالة من الناحية العاطفية. ومع أن الأهل المتسامحين يدّعون أنهم يحترمون الطفل ولكنهم لا يبذلون جهداً، غاسلين أيديهم من دورهم الأبوي، تاركين الطفل إلى حاله وقدراته. مع أن هؤلاء الأهل موجودون، فإن الطفل لا يشعر بقوة ودعم الراشد الذي يقدر على تحمل المسؤولية.

نموذج من الحياة عن الأهل الذين يُلبّون لأطفالهم كل شيء:

ذهبت عائلة جونسون في عطلة عيد الميلاد إلى جبال الروكي. استأجرت العائلة أدوات التزلج. ولكن باكي ابن العشر سنوات أصر على ركوب لوح التزلج الخاص بالمحترفين بدل لوحي التزلج العاديين اللذين سيستعملهما أخوه الأكبر سناً. شرح له والده أن هذه الأداة خطرة وأنها ستؤذي ركبتيه. بعد شجار ضروس ابتعد الأب ماشياً وطلب من زوجته أن تحاول إقناع باكي، فحاولت الأم جاهدة. أخيراً يئس الأبوان واستسلما له فاستأجرا له ذاك اللوح.

في اليوم التالي من العطلة طلب الطبيب من الصبي، بعدما وصف له أدوية للالتهابات وتسكين الألم، أن يلزم مقطورته حتى يشفى. الأم التي شعرت بالاستياء لأن عليها أن تلازم ابنها، وهذا ما سيفسد عطلتها، لم تستطع إلا أن توبخه على قلة تعقله..
بعد سنوات ستُجري لباكي عملية جراحية لركبتيه.

لقد سمح والدي باكي له بالجلوس في مقعد القيادة وهو بالكاد قادر على رؤية لوحة أجهزة القياس في السيارة وغير قادر على رؤية الطريق. بمعنى آخر، لم يكن يملك النضج الكافي للتفكير في عواقب نزواته. إن قراراً كهذا يتخذه الأهل الذين يفهمون خطورة أن تصاب ركبتيه بأذى والذين كان عليهم أن يبقوا حازمين بعدم استئجار أداة التزلج تلك.

يتجاهل بعض الأهل أولادهم بطريقة مختلفة، ويشعرون بعدم الراحة عندما يكونون مع الأولاد الصغار. أذكر أنه كان لدي عم اعتاد أن يقول لي: «اسمعي، لا ترسلي لي أي ولد حتى يصبح عمره أكثر من اثنتي عشرة عاماً. ففي هذا العمر يصبحون بشراً ويمكنك عندئذ التحدث إليهم، ولكن قبل ذلك دعي أمهم تتعامل معهم».

الأهل الذين يُلبّون لأطفالهم كل شيء: لماذا يفعلون ذلك؟

هذا النوع من الأهل يريدون الأولاد ولكنهم لا يستطيعون انتظارهم حتى يكبروا لأن الطفولة شيء مزعج. تجدهم يعيشون في عالم الراشدين تاركين أولادهم لحالهم، وكلما كانوا قادرين، تركوهم مع الآخرين. أما الاجتماع مع الآخرين واللقاءات العائلية فهي فقط للراشدين. يحبون الذهاب إلى الأماكن العامة التي يمنع فيها اصطحاب الأولاد ولايفهمون لماذا تريد بعض العائلات التواجد في الأماكن التي يرحب فيها بوجود الأولاد..لامكان للصغار في حياتهم الحافلة بالمشاغل وتواجدهم مع الأولاد أمر مزعج يتجنبونه بأي ثمن من الأثمان، يتوقون إلى اليوم الذي ينضج فيه أولادهم.

إن الأولاد الذين يتربون مع أهل كهؤلاء يعانون من التجاهل العاطفي والجسدي. فأهلهم يكلمونهم ويعاملونهم وكأنهم راشدون لا يحتاجون إلا إلى الطول. وليس مسموحاً لهم التصرف أو اللعب كالأولاد لأن النضج والجدية مطلوبان منهم علماً أنهم لا يتجاوزون الرابعة من العمر. إن ولداً كهذا يتخلى عن طفولته بسبب حاجته الملحة إلى بالشعور بالانتماء والقبول.

موقع التربية الذكية يشكر لكم متابعته

اترك رد