لا تستبدلوا وجودكم في حياة أطفالك بالأشياء المادية..
الأهل الذين يتجاهلون أولادهم غالباً ما يعتقدون، بسبب تأمين الأشياء المادية وجميع أنواع الرفاهية لأولادهم كالألعاب الإلكترونية والمجوهرات الغالية وبالتأكيد المدارس المعتبرة، يعتقدون أنهم يؤدون دورهم الأبوي وأن لا داعي إلى القلق بشأن تزويدهم بأي شيء آخر.. هل يمكن أن نستبدل دورنا الأبوي بالأشياء المادية التي تستحوذ على إعجاب أولادنا؟
قصة تيري
كانت تيري تتحدث إلى أخت زوجها عن ابنتها كارين البالغة من العمر 14 عاماً: «أنا قلقة وقد قررت أن أسجل كارين في مدرسة أصغر. أظنها ستكون مسرورة بهذه المدرسة. ومع أن من المفترض أن مدرستها الحالية هي أفضل مدرسة إلا أنها غير منسجمة مع زملائها فيها لأنهم في الواقع غير ودودين ومتحفظون».
تيري تعمل دواماً كاملاً لذا قلما تتواصل مع ابنتها المراهقة والواقع أن العيش في محيط حيث لا يوجد للمراهقين وسائل للاستجمام والترفيه، قد يجعلهم يقعون في فخ تجربة المخدرات والكحول. لم تكن تيري مهتمة البتة بهذا ولم يكن لديها فكرة عما تفعله ابنتها بعد الظهر مع أصدقائها الذين كانوا أكبر منها بعدة سنوات. وكان لدى كارين وسائلها للتلاعب بأمها التي كانت بدورها غير عارفة بشكل كامل بتسكع ابنتها مع اصدقاء السوء.
لم تكن تيري صادقة مع أخت زوجها، لأن الحقيقة هي أن ابنتها كارين طردت من «أفضل» مدرسة بسبب تعاطيها المخدرات. بعد أربع سنوات أرسلت كارين إلى مركز لإعادة تأهيل المدمنين على المخدرات. لقد أمن لها أهلها كل الأشياء المادية ولكنهم خسروا ابنتهم.
الأسباب وراء تجاهل الأهل لأطفالهم
لعل بعض الأهل الذين يتجاهلون أولادهم قد عاشوا طفولة مؤلمة لذا عندما أصبحوا أهلاً شعروا بأنهم غير قادرين على إعطائهم العناية المناسبة فذلك سيذكرهم دائماً بجراحهم النفسية غير الملتئمة.الأمر أشبه بالحيوان المجروح الذي يلعق جراحه ويبعد نفسه عن أولاده حتى يحمي نفسه. وكي يهتم بمشاكله العاطفية لا يجد أمامه كحل على صعيد صغاره إلا أن ينسحب عاطفياً. وهذا ما يحدث مع الأولاد الذين يتركون وحدهم يترعرعون دون أن يدركوا أبداً سبب هذا الهجر الذي عانوا منه.
نحن نلاحظ ويا للخزي والعار حلقة مفرغة تتكرر إلى الأبد: الأولاد، الذين نشأوا في حالة من التجاهل، لا يقدرون على التواصل بشكل طبيعي مع أولادهم إلا إذا حصلوا على مساعدة لمعالجة أنفسهم ولملء فراغهم العاطفي الذي نتج عن هجر أهلهم لهم. وإن لم يحصلوا على هذه المساعدة سيفعلون ما فعله أهلهم من قبل: إما تجاهل أولادهم وإما الإفراط في حمايتهم، الأمر الذي سيشل أولادهم عاطفياً.
من النماذج المتطرفة للأولاد المهجورين، أولئك الأولاد الذين ينشأون ويترعرعون في الشوارع. فليس لدى هؤلاء وقت ليكونوا أطفالاً لأن عليهم، منذ نعومة أظافرهم، أن يتحملوا المسؤولية التي تجبرهم على التصرف كراشدين. وبسبب قلة وجود ما يحميهم من عالم الراشدين يجبرون على أن يواجهوا وحدهم عالم العدائية فيكون الثمن الذين سيدفعونه هو أن يكبروا سريعاً. وحتى يتحملوا عواصف الحياة العاتية ينمّون قشرة عاطفية تقيهم برد هذه العواصف وتبقيهم على قيد الحياة، ولكنهم يخسرون براءة الأطفال ويصبحون أجساداً صغيرة يقطنها راشدون.
اقرؤوا أيضاً: الأهل الذين يُلبّون لأطفالهم كل شيء: كيف يُصنّفون؟ أهل محبّون أم أهل مهملون؟