القول لطفلك «ستفهم عندما تصبح كبيراً» هو أمر رهيب لأسباب عدة

0

«ستفهم عندما تصبح كبيراً!»
هل يجب قول كل شي للأولاد بحجة أنه يجب عدم إخفاء أي شيء عنهم، من الهموم الصغيرة إلى المآسي الكبيرة في عالم الكبار؟ هل يرغب الأولاد في معرفة كل شيء؟ أهم مسلّحون لسماع كل شيء؟

«الولد الذي يطرح سؤالاً في موضوع معيّن ليس في أي حال من الأحوال أصغر من أن يتطرّق لهذا الموضوع، لكنّ الأم تكون عجوزاً في ذهنها بحيث لا تتذكّر أنها هي أيضاً أرادت أن تفهم… وأنها هي أيضاً قد طرحت الأسئلة…».

كان فرانسوا وماري كلود مستغرقين في حديث هام. فقد أخبرت ماري كلود زوجها للتو أنها حامل. وكانت ابنتهما مورغان (3 سنوات) تلعب في الغرفة المجاورة، حيث التقطت بعض مقتطفات من حديثهما. فسألت والديها وقد ثار فضولها: «ماذا يعني حامل»؟

  • يعني أنني سأنجب طفلاً، يا مورغان. سيصبح لديك أخت صغيرة أو أخ صغير، يا حبيبتي!
  • طفل! ولكن، أين هو الطفل؟
  • في بطني، يا حبيبتي.
  • في بطنك! أريد أن أراه.
  • يجب أن نصبر عدّة أشهر قبل أن تريه، يا صغيرتي. لكنّك ستتمكنين بعد وقت قليل من الإحساس به وهو يتحرّك.
  • كيف فعل الطفل ليدخل بطنك؟
    قاطعها الوالد وقد نفد صبره لهذا السيل المتواصل من الأسئلة:
  • مورغان، يا حبيبتي، إني منهمك في الحديث مع الماما. إنها مسائل تخصّ الكبار. أنت ما زلت صغيرة جداً، ستفهمين عندما تصبحين كبيرة! عودي للعب في غرفتك.
قدرات أولادكم العقلية
freepik.com
هل الذكاء حكر على الراشدين؟

هذا النوع من العبارات: «أنت صغير جداً، ستفهم عندما تصبح كبيراً»، ينزل الولد إلى مستوى الأبله. بهذه الكلمات، نكبت فضوله الطبيعي. وتعبّر هذه الصيغة الكلامية عن رفض اعتباره كائناً يتمتّع بملكة الذكاء. عبارة «أنت ما زلت صغيراً جداً» عبارة تدخل في ذهن الطفل فكرة أنه لم يصبح بعد كبيراً بما فيه الكفاية ليطَّلع على سر والديه. ولأنه صغير، ينبذه الكبير. تظهر هذه الرسالة بشكل واضح عدم وجود إرادة لدى الأهل لتنشيط فضول أولادهم. لا يبذل الوالد من نفسه لكي يكبر ولده، لأنه في الواقع لا يرغب في رؤيته يكبر. لماذا هذه الفرملة؟ للحؤول دون تباري الولد مع والديه ومقارنة نفسه بهما، لئلا يضاهي الولد أهله ويصبح ألمع منهم. تدلّ الجملة على أن الوالدين لا يريدان النزول من عليائهما وتعني ضمناً أنك إذا كنت صغيراً فأنت غبي لأن الذكاء حكر على الكبار. الكبير هو بالتالي أعلى مقاماً من الصغير ومتفوّق عليه. ولا جدوى من أن ينزل من مقامه لتفسير أي شيء لشخص غير قادر على فهم كلامه.

الخوف من التعرّض للسخرية

يبعد الكبير الولد كيلا يخجل من قلّة مهارته التربوية. فهو لا يريد أن يبدو مثيراً للسخرية في نظر ولده. لذلك، فمن الأفضل، وإرضاءً لغروره وكبريائه، القول بأن الطفل غير قادر على الفهم بدلاً من الإجابة على سؤاله بـ«لا أعلم!». يتفادى الوالد (أو الوالدة) الإجابة عن السؤال كيلا يواجه عدداً كبيراً من الأسئلة قد تجعله في حالة ارتباك. لا يريد أن يجازف بفقدان مكانته بانكشاف أمره أمام نفاذ بصر الولد؛ ولا يريد الإساءة إلى صورته أمام نفسه. لذلك، سيبقى الولد دائماً أصغر من أن يقدر على الفهم. إنها صيغة كلامية نموذجية لدى الوالدين المستبدّين اللذين لا يهتمان مطلقاً لنمو شخصية ولدهما.

فضول مكبوح

الطفل الذي لا نعطيه الحق بأن يكبر هو طفل لا مستقبل له. تأمّلوا في هذه الجملة: «ستفهم عندما تصبح كبيراً»، إنها تحمّل مسؤولية كبيرة للوالدين اللذين يستخدمانها «للتخلّص» من هذا الفضول الطفولي. عندما أرسل والد مورغان ابنته إلى غرفتها بدلاً من أن يشرح لها ما الذي جعل بطن أمها يكبر، فقد طردها من الجنة. ويصعب تقدير عواقب هذا التصرّف. إن الوصول إلى المعرفة هو حجر الزاوية في الديموقراطية. ومنع الوصول إلى الحقيقة يعزّز تشكّل المجتمعات المغلقة على تطوّر الإدراك. الولد الذي يمنع من إشباع فضوله المشروع، يصبح في ما بعد راشداً غير مهتم بمشاكل مجتمعه، فيستسلم ولا يقوى على التمرّد في وجه الظلم ويصبح في الكثير من الأحوال أولى ضحاياه وعندما يحين موعد الانتخابات، سيمتنع عن الإدلاء بصوته لأنه لن يكون قد كبر بما فيه الكفاية لفهم اللعبة السياسية.

اختيار الكلمات

اشرحوا لابنكم أنكم منشغلون في الوقت الحاضر وطمئنوه بأنكم ستعطونه جواباً عن سؤاله ما إن تنتهوا من الحديث!

موقع التربية الذكية يشكر لكم متابعته

اترك رد