هل دماغ الأطفال الفقراء أقل نمواً من دماغ الأطفال الأغنياء ؟

0

يملك الاطفال الفقراء دماغًا اقل نموًا

هذا ما خلصت اليه الدراسة التي اجراها عالما الاعصاب الاميركيين (كمبرلي نوبل و اليزابيث سويل) والتي تم نشر نتائجها في مجلة نيتشر نيوروساينس Nature Neuroscience عام 2014. لقد صور العالمان بواسطة الرنين المغناطيسي (IRM)، ادمغة 1099 طفلًا ومراهقًا وشابًا راشدًا، من مختلف الطبقات الاجتماعية. ولقد اظهرت الصور ان اطفال العائلات التي تعيش بمعدل دخل سنوي متدنٍ تكون القشرة الدماغية لديهم اقل نموًا. بينما زادت القشرة الدماغية بنسبة 6% لدى اطفال العائلات الميسورة. وكلما كان الأطفال أفقر، كلما كان نمو القشرة الدماغية اقل.

ما هي الاختلافات الأساسية في النمو الدماغي؟

ان الطفل الذي يعيش ضمن عائلة ميسورة تكون لديه:

  • المنطقة الدماغية المسؤولة عن اللغة اكثر نموًا،
  • وكذلك المنطقة المرتبطة بالذاكرة،
  • وأيضًا المنطقة الدماغية التي تتحكم بالمشاعر والافكار.
    بإمكاننا ملاحظة هذا الإختلاف لدى الاطفال الرضع الذي يبلغ عمرهم شهر واحد فقط. مما يدل على ان الاطفال الذين يعيشون ضمن عائلات ذات دخل اقل، يكون لديهم تأخر في النمو قليلًا مقارنة مع الاطفال الذين يعيشون ضمن عائلات ميسورة. اما الاطفال الذين ينجحون في تحصيلهم الدراسي رغم كل شيء، فإنهم يقومون بذلك بإستخدام دماغهم بطريقة مختلفة.
كيف يمكن تفسير هذا الاختلاف؟

اولًا، سنتحدث عن المخاطر: التعرض للتلوث، سوء التغذية، والتوتر السام (الضغط المؤذي) … ان الاطفال الذين يعيشون في ظروف حياتية صعبة هم اكثر عرضة لهذه المخاطر التي تؤثر مباشرة على نمو الدماغ. بما يتعلق بالصحة البدنية والتغذية، يسهل ملاحظة الصلة بين هذه العوامل ونتائجها على نمو الطفل.

ويعتبر التوتر السام، بدوره، احد اكثر العوامل اهمية في توضيح هذه الاختلافات بين الاطفال الذين يعيشون ضمن عائلات تتلقى المساعدة وبين اولئك اللذين يعيشون ضمن عائلات ذات دخل قليل بل قليل جدًا. في الواقع، يتسبب الفقر بعدم الامان للأهل: “كيف سأتمكن من اطعام اطفالي؟” “كيف سأصمد حتى نهاية الشهر؟” “لن أتمكن ابدًا من دفع نفقات تعليمهم…” ان هذا الشعور بعدم الامان يولد الخوف.

يتلقى الجزء الداخلي من دماغنا اشارة الانذار، وعندئذٍ يبدأ جسمنا بإنتاج الادرينالين، والنورإبينفرين والكورتيزول. ولذلك نجد انفسنا في موقف “أهرب أو اكافح”. بقدر ما يعيش الطفل في بيئة من التوتر السام، بقدر ما سيعتمد هذه التصرفات في حياته اليومية. ونعني ببيئة من التوتر السام، البيئة المعيشية حيث لا نملك ما يكفي من المال لكي نعيش، وحيث لا يمكننا الذهاب في اجازة، ونعيش في اماكن يسودها عدم الامان (حيث الايجارات اقل كلفة)، وحيث يجب ان نكافح لكي نجد مكانًا لأنفسنا، …

ما يجب علينا فهمه هو أنه عندما يعيش الاهل في حالة من عدم الامان والتوتر السام، غالبًا ما يكونون اقل تواجدًا ذلك انهم يقومون بعدة وظائف لتوفير حاجات اطفالهم. فهم اذًا اقل تواجدًا واقل حضورًا لطمأنة اطفالهم او اولادهم. ان مفهوم “البقاء على قيد الحياة” ينشط لدى الطفل ايضًا، في سن مبكرة. وتستخدم كل الطاقات في سبيل البقاء على قيد الحياة. وتصبح بالتالي هذه الطاقات غير متوفرة من اجل نمو الجسم والدماغ بطريقة طبيعية.

الأمر الآخر الذي يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار هو ما يسمى بـ “قلة الوسائل” و “قلة مصادر التعلم”. فالطفل الذي يعيش في بيئة فقيرة لا يمكنه الحصول على دروس موسيقية، او أنشطة فنية او ثقافية (زيارة المتحف، مشاهدة عرض مسرحي، …). وكل تلك العوامل ضرورية للاستعداد للنمو، وحب الاستطلاع، والتنوع، وحب التعلم.

اترك رد