الطريقة السرية التي أقنعتُ بها ابنتي بتناول طعام صحي
مشكلة عدم تناول الطعام الصحي، والإصرار على تناول الحلويات والمشتريات وكل ما هو غير مفيد، جعلت مناعة إبنتي، ابنة الأربع سنوات تتراجع، وجعلتها عرضة للأمراض والمشاكل الصحية المتعددة.
جرّبتُ العديد من الطرق التي باءت في الفشل، إلى أن اكتشفتُ الطريقة السحرية التي أقنعتُ عبرها ابنتي بتناول طعامٍ صحي.
أولاً: طريقة الترغيب
“إذا تناولتِ طعامكِ، سأعطيكِ الشوكولا الذي تحبينه” أو “سنلعب معاً”… أو أي وسيلة تحتوي على مكافأة تحبها ابنتي. لكنني اكتشفتُ أن هذه الطريقة قصيرة الأمد وتبوء بالفشل. عدا عن أنها لا تنطلق من قناعة الطفل بأن عليه تناول طعام لصالحه الخاص، بل أن ابنتي أصبحت تنتظر مني مكافأة كلما أنهت طعامها. وحين لا أتواجد أو أكون في العمل، لم تكن تتناول الطعام كما يجب.
ثانياً: التهديد بالعقاب
هذه الطريقة أفشل من الطريقة السابقة، بل إنها أفشل الطرق. “إن لم تتناولي طعامكِ، لن أعطيكِ الشوكولا”.. “إن لم تتناولي طعامكِ لن أروي لكِ قصة قبل النوم”… بما أن طفلتي عنيدة جداً كمعظم الأطفال في سنها، لم تكن المعاندة طريقة ناجحة معها. بل كانت تزداد إصراراً على عدم تنفيذ الأوامر، وكان سلوكها يزداد سوءاً كلما عاندتُها أكثر. بعد أن بدأنا بمشكلة عدم تناول الطعام بدأت المشاكل تتوالى، ولم يعد هناك نهاية للجدال المستمر “توقفي عن رمي الألعاب”.. “توقفي عن ضرب أختك”.. “لا تمزقي القصة”.. كان التهديد والعناد يولّدان داخلها سلوكاً عدوانياً لم أعتده في طباعها أصلاً.
ثالثاً: طريقة الترجي وتناول الطعام معاً
“ألا تحبين ماما؟ هيا لأجل ماما تناولي طعامكِ..”… سنتناوله معاً، كلما أطعمتكِ مرة تطعميني مرة”. بالتأكيد فشلت هذه الطريقة أيضاً، إذا كان تطعمني 90% من الطعام المتواجد في الطبق. وتتناول ملابسها ال10% المتبقية منه.
رابعاً: الطريقة الناجحة
جلستُ بالقرب منها وكلّمتها بهدوء وبجدية تامة، كأنني أتحدث مع شخصٍ راشدٍ واعٍ مدركٍ لتصرفاته (لا كأم تتوجه إلى طفل، ولا كمدير يلقي أوامر على موظف لديه). وقلتُ لها “أنظري، هذا الطعام يحتوي على عدس وأرز، سيفيدك جداً كي يكوّن لديكِ مناعة قوية. أتدركين ما فائدة المناعة القوية؟”. نظرت إلي باهتمام واستغراب وسألت “ما هي المناعة؟”.
أجبتُها “هي الدرع الواقي الذي يحميكِ من المرض والجراثيم، أتذكرين حين كنتِ مريضةً طيلة الأسبوع الماضي؟
لقد كان ذلك لأنكِ لا تتناولين طعاماً يبني مناعةً قوية”. فقالت “ألذلك كنتُ أسعل كثيراً وبطني تؤلمني؟”.
أجبتها “بالتأكيد”. وأكملتُ بصوتٍ منخفض كأنني أخبرها بأمرٍ خطير بالغ الأهمية “سأخبركِ سراً أيضاً، إن تناولتِ هذا الطعام ستصبحين أكبر بشكلٍ أسرع”. ثم قلتُ لها بمنتهى الثقة والهدوء “الأمر يعود لكِ، أنتِ طفلة ذكية، ستختارين حتماً الخيار الأفضل”. وخرجتُ من المطبخ وأنا أفكّر إن كنتُ سأفشل هذه المرة أيضاً.
تركتها وذهبتُ إلى غرفة الجلوس وانشغلتُ بحديثٍ مع زوجي لمدة دقائق. ففوجئتُ بعد بضع دقائق بابنتي تقف عند الباب وتحمل الطبق فارغاً وتسألُني “هل أصبحتُ كبيرة الآن؟”.
كاد المشهد يبكيني، لا لأن الخطة نجحت. بل فوجئتُ بمدى تأثر إبنتي بكلامي وثقتها بي. فحملتُها وقبلتها عشرات المرات وأخبرتُها أنها أصبحت كبيرة، لأنها تصرفت بذكاء ونضج وحكمة.
الخلاصة:
إن لم يقتنع الطفل فعلاً بأن الأمر لصالحه فلن ينفذه. وإن نفذه أمامكِ خوفاً من ردة فعلك، فحتماً لن ينفذه في غيابك. وإن اقتنع، لن يردع شيئ طفلكِ العنيد من تنفيذ ما هو مقتنعٌ به.
كما لاحظتُ أمراً آخر أثناء كتابتي المقال.. نحن نرغّب أطفالنا ونكافئهم بطعامٍ غير صحي فقد ذكرتُ أنني سأكافئها بإعطائها الشوكولا، وسأعاقبها عبر منعها عن تناوله.. المشكلة للأسف تنطلق من أسلوب التربية الذي نعتمده. ففي حقيقة الأمر، الطفل الصغير العنيد المشاكس الذي يكبر في بيتنا ليس سوى ما نصنعه نحن بكلماتنا وأفكارنا وطريقة توجيهنا له.
سماح خليفة