ابنتي لم تمُت

0

“وُلِدَت بنتي ولم تمت وبقيت على قيد الحياة!” هذا ما قلته للجميع بعد ولادتي لطفلتي. من الغريب قول هذا “لم تمت”. فعادةً ما تكون الولادة عبارة عن منح الحياة لا الموت. في حالتي، أبلغني الأخصائيون ذات يوم بمنتهى البرود: “ربما طفلتكِ لن تعيش بعد الولادة” دون النطق بالكلمة المحظورة (الموت).

صحيح أن الأطباء لاحظوا بعد ثاني صورة صوتية (تخطيط الصدى الطبي) البطين الأيسر الصغير للجنين. وصحيح أنه تمت مراقبتي لاحقاً بحيث كنتُ أحظى بصورة صوتية للاطمئنان على الجنين كل اثني عشر يوماً. فقرروا حينذاك أنني سألد في العاصمة وأن طفلي سيخضع لعملية جراحية في القلب، سينفذها كبار الأخصائيين.

تقبلتً الأمر شيئاً فشيئاً تاركةً مخاوفي وشكوكي جانباً، لكن ما لم أتمكن من تقبله هو أن طفلتي لن تبقى على قيد الحياة بعد الولادة. ماذا؟ كنتُ مصدومة، وشعرتُ بأنني مخدرة من شدة الألم. كيف سأتقبل هذا الأمر؟ وكيف سأتعايش معه؟ كيف سأعيش وقد علمتُ الأمر قبل تاريخ ولادتي بشهر واحد؟

للحفاظ على الحياة الأسرية مع زوجي وطفلي الذي يبلغ 3 سنوات من العمر، واصلتُ العيش كأن شيئاً لم يحصل.

كنا نتقوقع في صدفتنا، وكان الأصدقاء يحصلون على المعلومات من أهلي. حين كان زوجي وطفلي يخرجان من المنزل، كنتُ أستلقي على الفراش وأبكي بشدة، كما لو أنني أفرغ ذاتي من كل ما تحتويه من دموعٍ وغضب كي لا يبقى في داخلي المزيد عند عودتهما في نهاية اليوم. بهذه الطريقة، كنتُ أتمكن من الإبتسام أمامهما في المساء. كنتُ أرسم وألعب مع طفلي.

أخبرنا أحدهم أن علينا أن نثق ونؤمن بأنها ستعيش. وأن نصلي وندعو الله. فيما قالت لي إحدى الصديقات: “هل تعلمين أنتِ متى ستموتين؟ كلا. الأمر مماثل بالنسبة لابنتكِ، لا يمكنكِ أن تدركي متى ستموت. لا أحد يعلم متى ستحين لحظة الموت. وحده الله يعلم ذلك.” كانت تود أن تخبرني أن الأطباء لا يستطيعون معرفة كل شيء أو التنبؤ بما سيحصل. لقد كانت على حق. فقد كانوا مخطئين. وابنتي وُلِدَت وبقيت على قيد الحياة وبصحة جيدة جداً. ستبلغ قريباً السنة من عمرها.

هل اعتنت ساحرة ما بمهدها؟ أم أنه ملاكٌ حارس؟ ستقولون لي إن هذا التفكير “سخيف”. ولكن حين يخطئ الطب العقلاني المنطقي العلمي إلى هذا الحد.. عندها يحقّ لنا أن نؤمن بشيءٍ آخر. أليس كذلك؟ ويحقّ لنا حينها حتماً أن نفكر بطريقة خيالية حالمة، غير واقعية.

اترك رد