معتقدات خاطئة في التربية
عندما نكون أهلاً، من الطبيعي أن يكون أطفالنا هم أهم ما في حياتنا وأن نتمنى أن يكونوا سعداء.
ولكن بين الحياة اليومية والصراعات، وفارق الزمن والتعب، يصبح من الصعب أن نكون أهلاً واعين وسعيدين مسلين لطيفين. كما أن هناك سلسلة معتقدات خاطئة حول الطفولة تهدد حسن نمو الطفل.
المعتقدات الخاطئة حول تربية الأطفال تعقّد الأمور وغالباً ما تحوّل العلاقة بين الوالدين والطفل إلى مسألة تحكم وسلطة، فيما يجب أن يكون هناك ما يساعدنا على تعزيز الثقة والحب وبالطبع وضع الحدود.
تشكل هذه المعتقدات الخاطئة جزءاً من مجموعة معتقدات تتيح التصرف دون تفكير. إنها باختصار تبرر رد الفعل التلقائي غير المدروس والذي يقتضي العقاب، قد نعتقد عبره أننا نربي أطفالنا بالطريقة الصحيحة. نحن نصدق ذلك لأننا نحن أنفسنا تربينا بنفس الطريقة أيضاً.
التحدث عن هذه المعتقدات هو الخطوة الأولى للانتباه لها، والتشكيك في الأفكار التي قد نملكها حول الطفولة وتغييرها إذا لزم الأمر.
يتصرف الأطفال بطريقة سيئة للفت الانتباه
نظن أن الأطفال يتصرفون بشكل سيء أو يتخطون الحدود للفت انتباهنا، أو التلاعب بنا، أو إغضابنا أو لأنهم متقلبون مزاجيون. يؤكد برونو بيتلهايم Bettelheim أن هذا التفسير يحمل في طياته خطراً جسيماً: فنحن عندها نتجنب إعطاءهم أي اهتمام، ونتجاهل ما يشعرون به فلا نفهم ما يريدونه.
إذا أثبتت هذه النظرية صحتها، يمكننا أن نتصرف على هذا الأساس. لكن في معظم الأحيان يكون لدى الأطفال أسباب وجيهة للقيام بما يقومون به، ولا يمكننا التأكد من ذلك إذا قررنا تجاهلهم عمداً.
حين نحاول تفسير سلوك طفل وتخمين ما يدفعه إلى التصرف بهذه الطريقة، فالتفسير الأبسط ليس دائماً التفسير الصحيح. إذا كانت مرحلة الطفولة مرحلة خاصة، فالأطفال ليسوا أشخاصاً بالغين في أجساد صغيرة، ولا بالغين في نسخة مبسطة. المسألة أكثر تعقيداً.
الأطفال لا يتعلمون سوى عبر العقاب
وفقاً لألفي كوهن، “العقاب هو طريقة للقيام بأمور للأطفال بدلاً من العمل على تحسينهم”. يظن البعض أن علينا تربية أطفالنا كي يصبحوا مطيعين، بينما في الواقع يجب أن يكون لدينا أطفال مستقلين.
المشكلة في العقاب هي أنه لا يعزز التعلم الهادف، ولا يسمح للطفل بفهم لماذا بعض السلوكيات أو التصرفات غير مقبولة. إنه يعلمهم فقط أن يختبئوا من أهلهم كي لا يقوموا بمعاقبتهم، ويصرف الانتباه عن واحدة من أهم النقاط: قيمة الإصلاح.
“يظن العديد من الناس أن كونهم أهلاً يفرض عليهم التحكم بتصرفات أطفالهم وتدريبهم على التصرف كأشخاص بالغين. أنا أعتقد أن، كوني أماً، هو أمر يفرض عليّ أن أتحكم بتصرفاتي الخاصة وأن أتصرف أنا نفسي كشخص بالغ. فالأطفال يتعلمون ما يختبرونه”. إل آر نوست (L. R. Knost)
الإصغاء إلى الأطفال أو التفاوض معهم أمر يسمح لهم بفرض سيطرتهم
غالباً ما نعلّم الأطفال انطلاقاً من طريقة تفكير تبعث على القلق. ننغلق على أنفسنا وننسى ما عرفناه جيداً: يستحق الأطفال أن نصغي إليهم، لديهم ما يقولونه ومن المهم أن نتحاور معهم.
بدلاً من ذلك، بدافع القلق، قد نتوصل إلى التفكير بأن المهم في كل موقف هو تعزيز سلطتنا.
يتعلّم الأطفال مما يعيشونه. حين نتعامل معهم باحترام وتعاطف، يكبرون وفي داخلهم ثقة بأنفسهم وبأنهم يستحقون أن يكونوا محبوبين دون قيد أو شرط. لا يجب أن نصدق أن الأطفال يفعلون كلما بوسعهم لإفساد يومنا. علينا أن نتعلم كيف نتواصل معهم بأفضل طريقة ممكنة.
هم أصغر بكثير من أن يتحدثوا عن الجنس!
غالبية الأهل يؤكدون أنه من المهم التحدث مع أطفالهم عن الجنس. إلا أن التعقيدات تبدأ حين يكون علينا تحديد العمر الذي يجب البدء عنده وكيفية القيام بذلك.
إن طرح الموضوع قبل أن يفعله شخص غريب سيجعلنا نبدو كمصدر للمعلومات حول هذا الموضوع. وكقاعدة عامة، سيتجه الطفل بأسئلته إلى الشخص الذي زوده بالمعلومات، وإلى من فسرها له بطريقة تساعده على فهمها. ومن الجيد أن يكون أحد الوالدين هو هذا المصدر الأول، وهذا المرجع الأول. اختاروا الكلمات المناسبة وقوموا باختيار الكلمات بما يتناسب مع عمر الطفل.
لا داعي لتفسير بعض الأمور لأن الأطفال لن ينتبهوا لها ولن يفهموها
الكثير من الأهل يستخفون بقدرات أطفالهم على فهم ما يحصل. والأسوأ من ذلك، هو أنهم لا يفهمون أن ما يحدث قد يؤثر على أطفالهم.
ومع ذلك، فمن خلال استخدام لغة تتناسب مع عمر الطفل، يمكننا أن نحدثه تقريباً عن كل شيء. قد يكون هذا الأمر صعباً بعض الشيء، لأننا نحن من علينا أن ننزل إلى مستوى عمرهم، لكن إن قمنا بالأمر بطريقة جيدة، فقد يكون لذلك قيمة مذهلة.
التواصل بصدق وبطريقة ناضجة يحفز نمو الصغار. من المهم أن نطلب منهم أن يفسروا لنا ما فهموه، لكن ما هو أهم أيضاً هو أن التحدث معهم يعني التحدث قليلاَ والاستماع كثيراً.
مع الأخذ بعين الاعتبار هذه المعتقدات الخمس الخاطئة حول الطفولة، يمكننا تحليلها والتصرف وفقاً لها، وبالتالي نصبح في وضع أفضل لتربية وتعليم أطفالنا.