إذا كنت أمّاً لصبي: الحب وحده لا يكفي ولكن ماذا عن الانتماء؟

0

أمّاً لصبي
ادخلي إلى أيّ مكتبة وستلاحظين من دون شك كم الكتب المتعلقة بالتربية. يشهد كل عام إصدار كتب جديدة، مليئة بالاقتراحات عن كيفية تربية ولدك، وقد أصبح المشاهير والأطباء النفسيون وحمواك وجيرانك وأصدقاؤك، أيّ الكل، خبراء أو هذا ما يدّعونه. لكن إليك الحقيقة بشأن التربية: أنت الخبيرة في ما يتعلق بابنك. اكتشفي كل ما يمكنك اكتشافه بشأن ما يهم أكثر ثم ثقي في حكمتك ومعرفتك بابنك.

الانتماء والأهمية

لدى معظم الأهل الكثير والكثير من الأسئلة. لعلك تتساءلين كيف تساعدين ابنك على أن ينام طيلة الليل وكيف يستخدم المرحاض أو يرتدي ملابسه بنفسه. ربما لديك أسئلة عن الأعمال الروتينية أو ما هو مباح أو الفروض المدرسية. أو لعلك تتساءلين ما إذا كانت الرياضات المنظمة فكرة جيدة، أو كم من الوقت يجب أن يشاهد ابنك التلفزيون أو ما إذا كان عليك أن تسمحي له بأن يلعب الألعاب الالكترونية. قبل أن تتمكني من أن تعالجي التحديات اليومية المتعلقة بتربية ابنك، لا بد من حصول أمر هام وهو ما يسمى علاقة.

إذا كنت أمّاً لصبي: الحب وحده لا يكفي

لعلك تعتقدين أن أهم هدية يمكن أن تعطيها لابنك هي الحب. لكن الأهل غالباً ما يقومون بأمور عقيمة أو حتى مؤذية باسم الحب. قد تقول إحدى الأمهات على سبيل المثال: «أنا أعطي أولادي كل ما يريدونه لأني أحبهم»، وتقول أخرى: «أجعل أولادي يعملون جاهدين من أجل أيّ شيء لأني أحبهم فالعالم الخارجي قاسٍ». ينتقد الأهل أولادهم ويعاقبونهم ويدللونهم، كل هذا باسم الحب.
نادراً ما يكون الحب هو المشكلة في التربية. إذا ما راقبت ابنك وهو ينام ليلاً في سريره فأنت تعرفين كم هو غامر ذاك الشعور بالحب. لكن الحب يكون فعالاً عندما يمتزج بالحكمة وبمهارات تربوية فعالة وبالقدرة على التفكير في النتائج الطويلة الأمد لقراراتنا. من حسن الحظ أن الأبحاث والتجارب تعطينا معلومات جديدة يومياً تقريباً حول أفضل طريقة لتربية أطفال قادرين وأصحاء.

رواد في التربية

كان الفرد ادلير، دكتور في الطب، ورودولف درايكر، دكتور في الطب، من بين الرواد في دراسة وفهم سلوك الأولاد. والدكتور أدلير هو طبيب نفسي عاش في فيينا في زمن فرويد لكنه اختلف في الرأي مع زميله الشهير في كافة المسائل تقريباً. انطلق الدكتور درايكر وهو طبيب نفسي من فيينا أيضاً من تعاليم ادلير ثم انتقل في نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة حيث عرّف في الثلاثينات الجمهور الأميركي على فكرة تعليم التربية. دافع الدكتور درايكر عن العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل ووجد أن الأطفال يحتاجون على حس الانتماء إلى عائلاتهم وأهميتهم فيها أكثر من الحب وحده

لِمَ الانتماء والأهمية مهمان

يتعلّم الأولاد عن الحياة في إطار العلاقات وتُعتبر علاقاتهم الأولى هي الأهم. وبغض النظر عن الجنس أو المظهر أو الموهبة، يحتاج كافة الأولاد لأن يعرفوا بأنهم ينتمون إلى عائلاتهم وبأن ثمة مكان لهم فيها. يحتاج الأولاد لأن يعرفوا بأنهم مقبولون من دون قيد أو شرط وبأنهم محبوبون على الرغم من سلوكهم الصعب أحياناً.

في الواقع، تشير الدراسات الحديثة إلى أن أهم هدية يمكن أن تقدمها الأم أو الأب للولد هو الإحساس بأنه محبوب ومقبول من دون قيد أو شرط. إن العمل على بناء ارتباط آمن ضروري لتربية ابن سعيد وسليم. يبدو الأمر سهلاً، أليس كذلك؟ لكن اسألي والدة صبي في الثالثة من عمره، سيء الطباع وجدي، وستخبرك أنّ الأمر ليس سهلاً دوماً بقدر ما يبدو عليه.
وقائع آمن الفرد ادلير بمعاملة الأولاد باحترام لكنه رأى أن التدليل والإفراط في الغنج يعيقان التربية ويؤديان في نهاية المطاف إلى مشاكل اجتماعية وسلوكية. تشكل أفكار الدكتور ادلير أساس نظريات التربية والتعليم الديمقراطية التي تعتبر اليوم الأكثر فاعلية في تعزيز النمو الصحي للدماغ والعلاقات القوية.

يحتاج الصبيان لأن يشعروا بأهميتهم الخاصة أيّ أن يعرفوا أنهم مهمون بغض النظر عما يفعلونه أو ينجزونه، وأن الخيارات التي يقومون بها في الحياة مهمة. في الواقع، يرى الدكتور أدلير أن لدى كل البشر رغبة غريزية في التواصل مع المجتمع المحيط بهم وفي إعطاء شيء في المقابل. بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في مدينة نيويورك، قام الأولاد في كافة أنحاء البلاد ببيع الليموناضة وجمع المال وتقديم المساهمات لمساعدة أطفال نيويورك. لم يطلب منهم أحد ذلك في معظم الحالات لكنهم أرادوا أن يفعلوا شيئاً مفيداً. هذا هو الشعور بالانتماء والأهمية، فالأولاد الذين يعرفون أنهم ينتمون إلى عائلاتهم وعالمهم وأنهم مهمون فيها، يصبحون على الأرجح أفراداً قادرين ومنتجين في مجتمعاتهم.

اترك رد