ما الذي يريده طفلك أو طفلتك منك

0

ما الذي يريده طفلك:
لو كان الطفل يستطيع تدوين ما يقلقه، أي الأشياء الأكثر أهمية له، التي تساعده على الفهم والتأقلم خلال الأشهر الأولى من حياته، فماذا يمكن أن يكتب؟ إليكم لائحة بالأمور التي أظن أنه سيطلعنا عليها:

  1. • الثقة : أريد أن أعرف إذا كان يمكنني الوثوق بالعالم. هل سيتمّ تأمين حاجتي بجديّة؟ يعني هل سأحصل على المساعدة عندما أحتاجها؟ أو فقط حين يحلو لأهلي أن يقدموها لي؟
  2. • التمييز : يجب أن أتعلم كيف أميّز بين من يقومون برعايتي ـ هؤلاء الأشخاص الذين يحبونني ويهتمون بي ـ وأولئك الغرباء الذين قد يشكّلون خطراً عليّ.
  3. • التّواصل : أحتاج إلى امتلاك الكثير من الأساليب لحث أهلي على البقاء بقربي، ولأتأكد من أنهم يفهمون احتياجاتي وأن يلبّوها كما يجب.
  4. • التنقّل : أحتاج لأن أتعلّم كيف أتنقّل بمفردي، عندها أستطيع أن أكتشف عالمي، كما سأتمكن من العودة بسرعة إلى أهلي إذا شعرت بالخطر.

دعونا ننظر إلى كل واحدة من هذه الأمور على حدة، ونرى كيف يتعلّم طفلنا أن يتعامل معها.

الثقـة (الشيء الأول الذي يريده طفلك)

الثقة هي المسألة الأولى التي ستبني توقعات طفلتك لعالمها. وتشكّل الثقة الركيزة الأهم لتكون متفائلة أو متشائمة، واثقة من نفسها أو غير واثقة. عندما يكون الطفل محتاجاً لشيء ما ـ يعني إذا كان جائعاً، أو يشعر بالبرد، أو منزعجاً بطريقة ما، أو خائفاً، فيجب أن يحصل على اهتمام أهله كي ينهوا قلقه. في البداية، لا يمكنه سوى البكاء، ولكن سرعان ما يتعلم أساليب أخرى للفت الانتباه إليه، مثل الابتسام والمناغاة والإيماءات والتحرّك نحو أهله وأخيراً الكلام.

بعد أن يعبّر الطفل عما يضايقه، ينتظر من أهله أن يستجيبوا له. وبكل تأكيد لا يستطيع أحد أن يلبّي دائماً احتياجات شخص آخر فوراً وبشكل كامل. وتلبية حاجات الطفل فوراً ليس لمصلحته. فإذا ما تمت تلبية كل حاجاته على الفور، فسيفقد بذلك الحافز الذي يدفعه إلى تلبية حاجاته بنفسه. لذا الحمد لله على عجز الأهل عن الاستجابة فوراً وكلياً لحاجات طفلهم، لأن ذلك يشكل حافزاً على النمو.

ولكن إذا لم تتم تلبية احتياجاته في أكثر الأحيان أو إذا انتظر كثيراً قبل أن يستجاب لبكائه أو إذا لم يستطع أن بتوقّع الوقت الذي يلزمه ليحصل على ما يريده، عندها لن ينمو الطفل بطريقة سليمة. فهؤلاء الأطفال الذين يتم تجاهلهم باستمرار، سوف يبدو أنهم هدأوا بعد فترة، وتوقّفوا عن البكاء طلباً للمساعدة. يبدو في هذه الحالة أنّ دماغهم قد توقّف عن إفراز كميّة كافية من المواد الكيميائية التي تحثّهم على الإلحاح. وبالتالي عندما يشعر هؤلاء الأطفال بالضغط النفسي لن يبدوا أي ردّ فعل. وسيكونون لاحقاً في حياتهم هادئين فوق العادة أو حتى خاملين، ولكن يميلون في الوقت نفسه إلى تفجير نوبات غير متوقّعة من الغضب أو الحنق عندما تتكدّس مشاعرهم المكبوتة.

ومن ناحية أخرى، عندما تلبى حاجات هؤلاء الأطفال بعد البكاء وعلى نحو غير متوقّع وفي الغالب بعد انتظار طويل ومضنٍ، فقد يصبحون هائجين بشكل مفرط. بكلام آخر، يبدأ دماغهم بإفراز كميات كبيرة من المواد الكيميائية المنبّهة وسيجتاحهم القلق عند أقل إزعاج أو مضايقة. ويصبح الأمر كما لو أنه تمّ تثبيت جهازهم الانفعالي على أعلى درجة من الاستنفار، ليستعد دائماً لتنبيههم من الخطر عند أقل تلميح بوجود مشكلة ما. ولاحقاً في الحياة، يكون هؤلاء الأشخاص انفعاليين وعصبيين يبحثون عن تطمينات باستمرار. وينعتون بأنهم أصحاب مزاج قلق.

إن الكيمياء العصبية معقدة للغاية فهي تضم عدداً من مراكز الدماغ ومواد كيميائية، لذا لن أتوسّع فيها. والدليل الذي لدينا حتى الآن يشير إلى أنه في خلال السنتين أو الثلاث سنوات الأولى، ستصبح ردة فعل طفلتك على ما يزعجها ثابتة لبقية حياتها على ما يبدو. وبناءً عليه، يبقى من المهم وجودها في بيئة تؤمن لها حاجاتها بهدوء ومحبة وبما يلزم من السرعة.

ترقبوا في المقالة القادمة الحديث عن التمييز والتواصل لنعرف المزيد عما يريده طفلك أو طفلتك منك

اترك رد